ليس من باب صناعة الأزمات أو احداث الجدل والنقاش حول ما يمكن أن يقال بأن غزة أصبحت ملعبا يدار من خلالها العديد من المصالح المتناقضة .
لا يعني القول نفي وجود لاعبين بالقطاع أو ما يقال بحرب الوكالات ... لكن من منطلق التاريخ والثقافة والبعد الوطني والمعرفي لهذا القطاع وبسكانه ومجمل تركيبتهم الاجتماعية والأسرية ...الثقافية والوطنية ...وبما يشكله القطاع كجزء هام واستراتيجي للدولة الفلسطينية المنشودة ....فانه يمكن الحسم والقول القاطع أن القطاع وسكانه لم ولن يكونوا ملعبا لأحد .
هذا القول لا يعني بالمطلق أنه لا يوجد لاعبين راغبين وفاعلين وممولين وعازمين على أن يخوضوا لعبة الوجود لتحقيق ماربهم ومصالحهم .
نعم يوجد لاعبين ....لكنهم مؤقتين .... طارئين ...استثنائيين .... بأغلبيتهم العظمي ليسوا على ذات المستوي والحضور ولا حتى القبول !! وليس بأغلبيتهم العظمي لهم جذور داخل الأرض ولن يكونوا ولم يكونوا .... عناوين بارزة يلتف الناس حولها عبر كافة المحطات .... لأن كل من هو خارج الارض وسكانها... ثقافتهم وتاريخهم وأواصر علاقاتهم لن يكونوا ذات وجود وحضور بالمطلق .
غزة وأهلها الذين ولدوا على أرضها وشربوا من مائها وشربوا من زرعها واحتضنت الارض أجدادهم وأبائهم وأمهاتهم لن يقبلوا بطارئ أو غريب أو استثنائي !! .... لأن هذه الارض بسكانها وعائلاتها يعيشون على ما استمعوا عليه وتشربوا عبر مراحل عمرهم من ثقافتهم وتراثهم وعلومهم وهم يعرفون جيدا أن غزة جزء من فلسطين .... وهي تمثل الجزء الجنوبي .... وتعتبر من أهم خطوط الدفاع عن المشروع الوطني ....والشرعية الوطنية والتاريخية ...كما أن غزة بسكانها والمرابطين على ارضها يتميزوا بعمق تاريخهم وحضورهم ...كما تضحياتهم وصمودهم وعطائهم ..... ليس تميزا عن غيرهم من ابناء شعبهم الممتد بطول وعرض الوطن وفي الشتات .... بقدر ما يميز دورهم وتربيتهم الوطنية بحسب ما اكتسبوا وتعلموا عبر عقود طويلة حافظوا فيها على وجودهم ... في ظل ادارة مصرية حرصت عليهم وقدمت لهم كل ما تستطيع لأجل تعليمهم والمحافظة على ثقافتهم الوطنية وتعزيز سبل ومقومات الصبر والرباط والوطنية الحقة ....حتى تأسست منظمة التحرير الفلسطينية وأخذت دورها ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب العربي الفلسطيني بكافة أماكن تواجده .... وحتى تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية ومسئوليتها الكاملة عن الاراضي الفلسطينية .
ظروف القطاع وسكانه .... ومنذ أحداث يونيو الأسود بالعام 2007 وما حدث من تداخل وحالة فراغ أدت ببعض الدول والقوي بالعبث بداخل القطاع استغلالا لظروف سياسية واقتصادية وطمعا في احداث شرخا وطنيا وانقساما سياسيا لتنفيذ مارب البعض وأهدافه .
الاستغلال ومحاولة الاستثمار الاقتصادي ومن خلال المال السياسي لن يكون قادرا على احداث اختراق وتحقيق مارب لا تنسجم مع طبيعة وثقافة الغزيين وفلسطينيتهم الغالبة برغم حرمانهم وقهرهم ومدي احتياجاتهم للكثير من متطلبات الحياة الانسانية والادمية .
برغم الانهيارات وبالعديد من المنظومات الانسانية والاجتماعية والاقتصادية وما يحدث من شرخ سياسي لم يعد مقبولا ومسموحا به حتى لا تتوفر الفرص لمن يعتقدون أن بامكانهم الدخول والتلاعب واحداث وتحقيق المارب بما ينسجم وتطلعاتهم التي هي بالتأكيد لا تمثل تطلعات وطموح وأهداف شعبنا وقواه السياسية المؤمنة بوطنيتها وفلسطينيتها وشرعيتها الوطنية والتاريخية .
شعبنا الفلسطيني يعي ويدرك حقيقة ما يدور ....وما يشاع ... وما يحاول البعض تحقيقه من مأرب واهداف ... ولكنه يدرك أيضا وهو بقناعة تامة أن هذه الأرض لم ولن تكون ملعبا لأحد .... ولن توفر أرضية خصبة لتحقيق مأرب خاصة أو متناقضة مع تطلعات شعبنا واهدافه الوطنية الثابتة .
نعجب أحيانا ... ونغضب أحيانا أخري .... ونصرخ بالكثير من الأحيان ... حتى تصل الرسالة وأن يقف الجميع على مسئولياتهم وأن يفعلوا المطلوب منهم ...وأن نؤكد جميعا على منهجية الفعل الوطني القادر على تجاوز هذه المحنة وهذه المحطة بكافة اعبائها وقسوتها وظروفها الاستثنائية ...وحتى لا نعطي المجال لأي لاعب خارجي حتى من محاولة التلاعب على هذه الارض التي تم رؤيها بدماء الشهداء .... وبعرق الأجداد والاباء الذين غرسوا في هذه الارض ما لا يمكن شراؤه .
الكاتب : وفيق زنداح