كنا نأمل ان نكتب تحت عنوان اخر يزيد من مساحة الآمال ويعظمها ... ويحاصر الالام ويجتثها من واقعنا ... لكن الحال وقد اصبح واضحا والى حد القول وبصراحة شديدة انه لم يعد بالإمكان ان نجامل انفسنا ... وان ننفخ بصورتنا مهما حاولنا وبما امتلكنا من بلاغة اللغة ... وعلو الصوت وكبر الشعار في محاولة اقناع انفسنا قبل غيرنا اننا نمتلك من القوة التي لا تضاهيها قوة ... ومن المعنويات التي بإمكانها ان تحطم مؤامرات الاعداء والمتربصين بنا .
المشهد الفلسطيني برغم ما فيه من معالم ومحطات الفخر والاعتزاز عبر مسيرة النضال الطويل .. الا ان هذا المشهد لا يخرج كثيرا عن اطار المشهد الاقليمي بكل ما فيه من عناوين .
نحاول قد استطاعتنا ان نبلغ رسالتنا والتأكيد عليها حول تطلعنا للسلام والامن والعدل وأننا لن نستسلم ... وسنقاوم بكل ما لدينا من وسائل القوة الممكنة ... رسالتنا كما رسالة الكثير من ابناء عروبتنا ... الا ان العالم المتوقف بإحساساته وحساباته والذي يغلب مصالحه على كل قيمة يمكن الحديث عنها .
رسالة تطلق منذ زمن ولا تجد من يستجيب لها كلا بحسب منطقته ونظامه وأيدولوجيته فالعرب منهم المؤيدين لنا على خجل ... ومنهم المساعدين للإرضاء على ارضية موسمية لا علاقة لها باستراتيجية واضحه للدعم والتواصل ... ومن العرب المؤيدين والمساندين بحكم عوامل تاريخية قومية لا تخضع لحسابات ضيقة مهما اشتدت الظروف ومصاعبها وبقت على مواقفها التاريخية والقومية ... وهناك من الدول التي لها استراتيجياتها وأيدولوجياتها داخل الاقليم والتي تحاول ان تزاحم المؤيدين لنا .. بمحاولة تصدير ما لديها لحسابات ضيقة وخاصة بها وليس لحسابات اخلاقية او اسلامية يراد ترجمتها والاعلان عنها .
المشهد الاقليمي يشكل ببعض مفاصله وعناوينه اعباء اضافية على القضية الفلسطينية ... ولا نجد في المشهد الكلي ما يبشر ويساعد على اخراجنا من الازمات العميقة والمأزق التي تعصف بنا ... حتى ان بعض اطراف المشهد الاقليمي لا زالوا على سياستهم وتدخلهم والي حد تغذية الانقسام ... وحتى الصراع ما بين شعوب المنطقة ودولها .
ايران وتركيا نموذج لدول الاقليم التي تحاول تصدير ازماتها وتنفيذ مخططاتها بإثارة النعرات الطائفية والانفصالية تحقيقا لحسابات سياسية واطماع اقتصادية باتت واضحة وجلية أمام القارئ العربي .
ايران وزعزعة امن واستقرار الخليج ودعم الحوثيين باليمن للتخريب على اوضاع المنطقة وزعزعة استقرار الخليج والمنطقة العربية وتهديد طرق التجارة الدولية بمحاولة الاشارة الى ان مفاتيح الامن بالخليج تمتلكها ايران وليس غيرها من الدول بالمنطقة .
وكما حال ايران كانت تركيا بتدخلها بالعراق واحتلالها لجزء من الشمال السوري ودعم قوى التخريب واستضافتهم ومساعدتهم ضد سوريا أي ان هناك دول بالإقليم تنسجم وتتلاءم بحساباتها مع الموقف الامريكي الذي يعمل على اضعافنا وتعزيز مكانة دولة الكيان .
هنا المشهد الاقليمي بعناوينه ايران وتركيا وما بينهم من سياسة قطرية غير مفهومة بالمطلق يشكلون اعباء اضافية اذا ما اضفنا الى الاعباء المتراكمة والتحديات القائمة التي تتولد وتتجدد بحكم حركة صهيونية وسياسة امريكية منحازة بالكامل لدولة الكيان ... في ظل موقف اوروبي لا زال يتأرجح ما بين مصالحه الاقتصادية ومجموعة قيمه القانونية والانسانية الا انها محاولة عاجزة وضعيفة وغير حاسمة .
امام هذا المشهد الاقليمي الذي يتأكل بحكم السياسة الايرانية والتركية وتدخلهم السافر بدول المنطقة ... وما يشهده ويؤكده المشهد الدولي من غلبة المصالح والتهدئة حفاظا على اوضاع داخلية واستقرار اقتصادي ومعالجة لازمات قائمة لا تريد الدول ان تزيد من اعباءها وهمومها .
من هنا نجد المشهد الفلسطيني غير قادر على ايصال رسالته ... ولا حتي على استيعاب دروس التجربة واستخلاصاتها بل يعاد تكرار التاريخ الذي اوصلنا الى هذه الحالة المأساوية وعنوانها الرئيسي الانقسام الاسود الذي يفتك بنا ... ويزيد من حالة الضعف لدينا .. ويقوي اعداءنا ويجعلنا امام الرياح العاصفة وغلبة الزمن وقهر الواقع .
مشهد فلسطيني يحتاج الى الكثير من العمل والارادة الحقيقية ... امام مشهد اقليمي منقسم ويغلب عليه الخلاف والاختلاف والى حد الصراع .
لقد فشلنا ويجب ان نعترف في تحقيق نموذج يمكن ان يحتذي به الاخرين بل ان ما نحن عليه من انقسام اسود شكل نموذجا سيئا للأخرين .... بل جعل منا ومن رسالتنا التي نقوم بها ونعلن عنها ... مجرد كلمات متناثرة لواقع بائس ... لم يصل بعد الى حالة الاصطفاف والتوحد ... برغم كافة الدوافع التي تدفع بنا الى الوحدة لأجل البقاء وتحقيق الحرية والاستقلال .
امام هذا المشهد الذي لا يبشر بخير قادم في ظل تهديدات صباح مساء حول عدوان جديد ... وصفقة قرن تتقدم وتجد من يسهل لها ودولة الكيان تجد من يقف معها ويساندها ويتحمل اخطاءها ويدافع عنها ... ودول الاقليم التي تسعى لتنفيذ مأربها واهدافها وأيدولوجياتها من خلال ايران وتركيا لا زالوا يتدخلون الى حد تهديد الامن القومي العربي وحتى الاقتصاد داخل المنطقة وذلك لزيادة تقسيم المقسم ... وكأن مشروع الشرق الاوسط الكبير قد بات ينفذ بمراحله من اطراف اقليمية وبدعم امريكي واسرائيلي وعلى الاقل للإبقاء على حالة الضعف والانقسام ليسهل تمرير ما يريدون !! .
الكاتب : وفيق زنداح