(الصورة : في مطار موسكو، الرئيس جمال عبد الناصر وخلفه ياسر عرفات على سلم الطائرة 20 آب/أغسطس 1968)
في 20 آب/أغسطس 1968، وبعد عدة أشهر من معركة الكرامة 21/3/1968، اصطحب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر معه أثناء زيارته الرسمية للإتحاد السوفييتي، الرئيس الجديد للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وقائد حركة فتح ياسر عرفات، الناطق باسم حركة المقاومة الفلسطينية، فكانت تلك الزيارة بمثابة اول زيارة لقائد فلسطيني الى الإتحاد السوفييتي بعد الإنطلاقة الكبرى للثورة الفلسطينية المعاصرة في الفاتح من كانون الثاني/يناير 1965.
اصطحاب الرئس جمال عبد الناصر لياسر عرفات الى موسكو تم دون تنسيق، ودون علم مُسبق من قبل القيادة السوفيتيية، التي تفاجأت بوجود شخص ياسر عرفات ضمن الوفد المصري، حيث قدمه الرئيس جمال عبد الناصر الى القيادة السوفيتية في اجتماع عمل ضم من الجانب السوفييتي الثلاثي : ليونيد بريجنيف، الكسي كوسيغين، نيقولاي بودغورني.
السفير السوفييتي في القاهرة فينوغرادوف، وموظفي كبار في الخارجية السوفيتية التقوا ياسر عرفات في لقاءات عمل خاصة، فكانت تلك الزيارة، وتلك اللقاءات، فاتحة الطريق لبناء علاقات رسمية فلسطينية مع الإتحاد السوفييتي، تلك العلاقات التي تطورت بشكلٍ غير مسبوق، في ظل ظروف الإنقسام الدولي بين المعسكرين، وفي ظل الحرب الباردة. وقد وصلت العلاقات الفلسطينية السوفييتية الى ميدان التزويد السوفييتي لقوى المقاومة الفلسطينية بالعتاد العسكري، واستقبال الدورات العسكرية على كل المستويات، والدورات الحزبية والشبيبية (الكومسمول)، والمنح الدراسية ...الخ. وهو الأمر الذي استمر حتى تفكك الإتحاد السوفييتي السابق عام 1990. ومع هذا فالعلاقات الإيجابية الوطيدة مازالت تربط فلسطين مع روسيا الإتحادية وريثة الإتحاد السوفييتي ومختلف الجمهوريات التي نشأت مع تفكك الإتحاد السوفييتي (دول رابطة الشعوب). أما بعض التفاصيل والخصوصيات الإستخدامية التي ربطت موسكو مع فصائل بعينها، فلها حديث أخر، سيأتي في بوست أخر، في وقت أخر.
ويشار في هذا الصدد، أن الإتحاد السوفييتي فترة قيادة جوزف ستالين ساند "قيام دولة عبرية يهودية على أرض فلسطين، دون المساس بالمواطنين الأصليين"، فايَّدَ المندوب الروسي في مجلس الأمن (أندريه غروميكو) قرار التقسيم عام 1947، واعترف بدولة
"إسرائيل" بعد 16 دقيقة من اعلان (ديفيد بن غوريون) عن قيامها يوم 15/5/1948، على أنقاض الكيان الوطني والقومي للشعب العربي الفلسطيني، فكان يوم نكبة الشعب الفلسطيني.
إن خلفية الموقف الروسي في حينها تأتت في ظل اعتقاد موسكو أن بناء دولة "عبرية يهودية" وجزء كبير من سكانها من يهود روسيا وجمهوريات الإتحاد السوفييتي يفتح الطريق أمام بناء "دول شيوعية" تساعد على نشر الفكرة في العالم العربي، لكن تلك التقديرات السوفيتية انهارت مع وفاة جوزف ستالين، وتسلم نيكيتا خروتشوف قيادة الدولة السوفييتية، وارتفاع منسوب التوتر العالمي في أجواء استعار الحرب الباردة، فاستدار الموقف الروسي، وبدأت موسكو من حينها، وتحديداً بعد العام 1954 بتطوير مواقفها تجاه القضايا العربية، وعلى الأخص قضية فلسطين.
وكانت جمهورية الصين الشعبية، أول دولة في العالم خارج النطاق العربي، تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية منذ تأسيس المنظمة منتصف العام 1964، والتي زارها وفد رسمي برئاسة مؤسس المنظمة المرحوم احمد الشقيري، الذي اجرى لقاءات عمل مع مؤسس الصين الشعبية (ماوتسي تونغ)، ورئيس الوزراء القوي (شو إن لاي)، وزعيم الحزب (ليو تشاو تشي). فيما استقبلت الصين أولى الدورات العسكرية الفلسطينية على كل المستويات، ومن كل الفصائل في كلية نانكين العسكرية.
بقلم علي بدوان