ان تأكيد مجلس النواب الأردني بعدم السماح لحكومة الاحتلال العسكري الإسرائيلي بتغيير الوضع الزماني والمكاني الإسلامي للقدس لمخالفته القوانين والقرارات الدولية، يأتي في السياق الطبيعي للدور التاريخي للمملكة الأردنية الهاشمية ودورها في رعاية وحماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة وعدم السماح لحكومة الاحتلال الإسرائيلي بالانفراد بسياستها التهويدية للقدس، وأن إقرار مجلس النواب الأردني التحرك بشكل عاجل ودعوة سفراء الدول الدائمة في مجلس الامن والاتحاد الأوروبي والمجموعة العربية والمجموعة الإسلامية لتأكيد على دعمهم للقضية الفلسطينية، والدعوة لعقد مؤتمر الطريق إلى القدس 2 برعاية ملكية، وتأكيد ديمومة الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس باعتباره حقا تاريخيا كفلته كل المواثيق والأعراف الدولية.
وفي ظل الهجمة الاسرائيلية الشرسة واستمرار الانتهاكات والممارسات الإسرائيلية ومحاولات الهيمنة على المسجد الأقصى تقف الاردن موقف تاريخي ووقفة رجل واحد من اجل حماية المسجد الاقصى والتاكيد علي اهمية واستمرار الولاية الهاشمية الاردنية ضمن المسؤولية التاريخية والقانونية والشرعية في القدس وان اي إجراء تمارسه حكومة الاحتلال العسكري الاسرائيلي ويتنكر لذلك سيضع العلاقات بين الأردن والاحتلال الاسرائيلي والعرب جميعا والمسلمين في موقف موحد رافض لهذه الاجراءات خاصة وان الأردن ملكا وحكومة وشعب متمسك بثوابته تجاه القدس والقضية الفلسطينية وان السيادة الاردنية على الاقصى والولاية علي المقدسات لا تخضع للمساومة او التفريط بها.
ان مواقف الاردن الصلبة والمتينة والراسخة والمبدئية تجاه القدس والمسجد الاقصى المبارك والرسالة الخالدة والتاريخية تنطلق من الحكمة وإرادة جلالة الملك عبد الله بن الحسين حفظه الله حامي المسجد الاقصى والمدافع الاول عن المقدسات الاسلامية والمسحية في القدس لتؤكد على رسالة الاردن الواضحة والسريعة والعاجلة والمساندة للحقوق الفلسطينية والمدافعة عن المسجد الاقصى المبارك، وقد جاء الموقف الاردني سريعا باستدعاء سفير دولة الاحتلال الاسرائيلي لدى المملكة للتأكيد على حرض الاردن الدائم لمواجه المخاطر التي تتعرض اليها القدس والمسجد الاقصى المبارك ضمن الوصايا علي المقدسات وللتأكيد على الادانة الكاملة ورفض الانتهاكات الإسرائيلية في المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف، وللمطالبة بالوقف الفوري للممارسات العبثية الاستفزازية الإسرائيلية في الحرم الشريف والتي تؤجج الصراع وتشكل خرقا واضحا للقانون الدولي .
ان أهمية التحرك الشعبي لحماية القدس يأتي ضمن أولويات العمل الضاغط لتفعيل قضية القدس قلب الأمة النابض واستمرار الفعاليات الشعبية الداعمة للقدس في العواصم العربية له أهمية كبرى في التضامن الوطني الكامل والدفاع عن حقوقنا التاريخية في القدس المحتلة وتعزيز الصمود الجماهيري لموجهة سياسات الاحتلال الإسرائيلي العنصرية، ويأتي برنامج العمل الوطني الذي أوصى به مجلس النواب الأردني وأقر بتنظيم وقفة احتجاجية على جسر الملك حسين الجمعة المقبل رفضا لاقتحامات وزير زراعة الاحتلال للمسجد الأقصى وتصريحات وزير الأمن الداخلي الذي يطالب بتغيير الوضع القائم في مدينة القدس بهدف تمكين المستوطنين اليهود من أداء طقوس تلمودية في الحرم القدسي، وطالب بإعادة النظر في اتفاقية وادي عربة من خلال اللجنة القانونية ولجنة فلسطين، وحيث يشكل هذا التحرك مساندة حقيقة هامة وفاعلة لدعم صمود القدس وإبقاء قضية القدس قلب الأمة النابض حيه في قلوب ووجدان الجميع .
إن هذا العمل الهام يعد خطوة مهمة لمواجهة التحديات والمخاطر التي تحاك للنيل من القدس ووضع حد لكافة الأساليب التي تستخدمها سلطات الاحتلال من اجل الضغط عليها والسعى دوليا لوقف انتهاكاتها وإجبارها علي الالتزام بالقرارات الدولية بشأن القدس، والضغط عليها لوقف جميع الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية، وتنفيذ وتطبيق قرارات اليونسكو السابقة المتعلقة بالقدس، ووقف اعمال الحفر والإشغال فيها لأنه مخالفة للقرارات الدولية، ووجوب دعم اوقاف المسجد الأقصى وزيادة عدد الموظفين والحراس فيه وضمان حرية العبادة وعدم التعرض للمصلين وحرمانهم من اداء شعائرهم الدينية .
إن أهمية التحرك الشعبي والدبلوماسي والعمل الجماهيري والتحركات الشعبية في العواصم العربية والتنسيق ما بين الاردن وفلسطين وعلى كافة المستويات من أجل دعم القدس والتضامن معها ووقف كافة اشكال التطبيع العربية المجانية مع الاحتلال الإسرائيلي، له اهمية بالغة في التضامن مع القدس والمساهمة في ابقاء الوضع بداخل الاقصى بدون تغير وخاصة الاجراءات التي يقوم بها الاحتلال الاسرائيلي في باب الرحمة مع اهمية ابقاءه مفتوحا للمصلين، والتصدي للقوانين العنصرية، من خلال المنظمات والبرلمانات العربية والمؤسسات الدولية واستمرار التحرك على كافة الاصعدة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية والجرائم التي تمارسها سلطات الاحتلال من اقتحامات يومية ودائمة للمسجد الاقصى والعمل على اتخاذ موقف عربي موحد وحازم من قبل جامعة الدول العربية يتناسب مع تطلعات الجماهير العربي والإسلامية تجاه الممارسات والاعتداءات الإسرائيلية في القدس الشريف.
إن عملية السلام العربية اصبحت مهددة بالفشل الزريع ومعرضة للتوقف التام في ظل استمرار اعتداءات جيش الاحتلال على القدس والأقصى حيث تمثل هذه الاعتداءات على أقدس المقدسات المساس بالواقع التاريخي والقانوني في القدس والمسجد الأقصى والحرم الشريف، وان القضيةَ الفلسطينية اصبحت تمر بظروف حرجة حيث يعمل الاحتلال الاسرائيلي على فرض إجراءاته العنصرية ومخططاته ووضع الحلول لمشاكله وتطبيقها على ارض الواقع في ظل الدعم المطلق من قبل الولايات المتحدة الامريكية مما يساهم في ضرب مصداقية السلام والمس بحقوق الشعب الفلسطيني ومصادرتها، الأمر الذي يتوجب على جامعة الدول العربية التحرك بشكل عاجل وسريع لدعم صمود ابناء الشعب الفلسطيني المرابطين في القدس واتخاذ مواقف صلبة تكون بمستوى الخطر الذي يهدد المسجد الاقصى المبارك.
بقلم/ سري القدوة
سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية