نسمع اليوم عن خطط اسرائيل للتهجير القسري لسكان قطاع غزه التي حازت على اهتمام الراي العام الفلسطيني.
لكن الذي تم تجاهله ان خطط اسرائيل للتهجير القسري لم تبدأ اليوم. بدأت هذه الخطط من عام 1948 والذي هجر الالاف من فلسطيني على اثر المحازر الاسرائيليه. ومن ثم اكملت خطتها في التهجير القسري على اثر عام 1967 حيث اخذت الشباب في الضفه وقطاع غزه وحملتهم بباصات الصليب الاحمر للاردن ومصر. ومن ثم سيطرت على كل معابر فلسطيني ولم تسمح لاي فلسطيني بالعوده بعد ابعادهم بما في ذلك الفلسطينيون الذين كانوا حينها بالخارج للعمل او الدراسه او الزياره. واعتبرت فقط من بداخل فلسطين هم الفلسطينيون وحددت ذلك باعطائهم هوايا اسرائليه. ومن بعد ذلك تضاعف عدد اللاجئين الى اكثر من 6 مليون لاحيء نتيجه تناسلهم ولا تسمح لهم اسرائيل بالعوده. والغريبه انه تم التعامل عبر العالم ان الفلسطيني الذي يحمل هويه اسرائيليه هو فلسطيني، ومن لا يحمل هذه الهويه لاجيء.
طبعا ازمه اللاجئين هي المحرك الرئيسي لولاده منظمه التحرير الفلسطيني لتكون ممثل شرعي يرجع اليه لتحديد هويه جميع الفلسطينيين بالعالم سواء من كانوا بالداخل او كانوا لاجئون بالخارج.بينما تعتبر اسرائيل اكثر انتصار لها هو تشريدها للفلسطينيين.
بعد اتفاقيه اوسلوا التي تنصلت منها اسرئيل، لم تقدم أي حل للاجئين الفلسطينيين الا انها امنت عوده قيادات المنظمه وعائلاتهم وعدد اخر من اللاجئين كمرحله انتقاليه. على اساس ان اتفاقيه اوسلو تنص على عوده كافه اللاجئين في غضون خمس سنوات واعطائنا دوله كامله السياده.وتنصلت اسرائيل من الاتفاقيه ككل . بدأ بعده الصراع على المناصب والوظائف والسيطره على المؤسسات خاصه بعد الانتخابات التشريعيه عام 2006. حيث شعرت حماس بالخطر على استمرار حكمها بسبب الحصار، فانقلبت عسكريا لتسيطر على كافه المؤسسات بغزه وتتحكم في الوظائف والمناصب والجبايه وتستحوذ على كافه السلطات الرقابيه والامنيه والتشريعيه والتنفيذيه بشكل مطلق. هذا مع انها كانت تحكم حينها ولا تحتاج لانقلاب. لكن حقيقه حماس لم تكن تتقبل موظفي السلطه فلجأت للانقلاب بهدف استبدالهم بعناصرها، خاصه موظفو الامن والعسكر منهم لتؤمن سيطرتها المسلحه على كافة المؤسسات. أي الافراز الوحيد لاوسلو هنا كان الصراع على السلطه بين النخب السياسيه. ونتيجه الانقسام غابت كليا السلطه الرقابيه والتشريعيه وتمترست السلطه الحزبيه في غزه.
واكثر من تضرر من هذا الصراع هم المثقفون لانه لم يكن يوجد أي معايير شفافه للتوظيف سوى في وزاره التربيه والتعليم ووزاره الصحه. اما باقي الوزارات كان المعيار الوحيد هو الواسطه الحزبيه، ومعظم اعلانات العمل او اللجان تكون وهميه. عندما يذهب شخص بمؤهلات عاليه لطلب التوظيف يتفاجأ انه يتم زحلقته بالساليب ملتويه مريبه بدون حتى الاطلاع على سيرته الذاتيه وشهاداته الاكاديميه والعمليه. فيقال له ان مجال العمل لا يحتاج مؤهلاته العاليه وان عليه البحث عن عمل في مؤسسه بمستوى مؤهلاته. فيصدم باغلاق العمل في وجهه بهذا الاسلوب المريب. ويبدأ في البحث عن مكان للشكوى، الا انه يجد ان مسؤلي المؤسسه لديهم غطاء حزبي فيكذبون انهم زحلقوا هذا الشخص لانه لم يجتز الامتحان. فيصدم من هذا الكذب، فهو لم يسؤل سؤال واحد في التخصص ولم أي يقدم امتحان له. ومن ثم تكون الصدمه الثالثه.
الصدمه الاولى انه تم زحلقته بدون الاطلاع على شهاداته ولم يكن هناك أي معيار للتوظيف حتى على مستوى الشهاده العلميه سوى الواسطه والحبحبه الحزبيه. والصدمه الثانيه انه لم يجد من ينصره حتى على مستوى المؤسسات الرقابيه. والصدمه الثالثه انه تم تجهيله كذبا وافتراءا وهو لم يسؤل سؤال واحد في التخصص لتمرير محسوبيتهم في التوظيف. وهذا هو سيناريو التجهيل القسري الذي يراه كل مواطن بمؤهل عالي.
ثم يبدأ المواطن في الثوره ولو بالكتابه على صفحات الفيس ليكشف الفساد الحزبي في المجتمع وعواقب الانقسام والحصار الذي لا يدفع الا المواطن ثمنهم. لكن بدل ان تثمر ثورته بنتائج ناجحه، يهمش ويقمع امنيا ومعنويا وايضا بغطاء حزبي. بل تعد له تهم جاهزه ولا يسمع دفاعه. لهذا تجد ان معظم من تعرضوا لاعتقالات كانوا من فئه المثقفين ذوي المؤهلات العليا. وهنا تكون الصدمه الرابعه.
وعندما يشعر المواطن باليأس ويفقد الامل من أي معايير للنزاهه في المجتمع وتتحطم معنوياته، يفكر بالهجره لوسط يكون به ادنى معايير الحياه الكريمه. لكن يفاجأ الفلسطيني ايضا باغلاق الدول العربيه العمل اليوم في وجه الفلسطينيين. او ان الفلسطيينيين بها يستعبدون ولا يعيشون بامان فجميعهم اقامتهم وعقود عملهم مؤقته ومعرضون باي لحظه للطرد. وهنا تكون الصدمه الخامسه.
وفي خضم البحث عن فرصه للحياه الكريمه، اختار اللالاف ارتياد البحر املا للوصول لاوربا والحصول فيها على لجوأ انساني وجنسيه. ويموت الكثير منهم كضحيه لمافيا المهربين في غياهب البحر. وهذه الصدمه السادسه. ومن يصل ويحصل على جنسيه اوروبيه، لا يسمح له العمل بمؤهله في مؤسسات الدوله بحجه ان اصله عربي والعرب بعرف الغرب ارهابيون او بحجه اللغه. فيضطر للعمل باقل من مؤهلاته كعامل في متجر اومطعم. وهذه هي الصدمه السابعه.
هذه حكايه المواطن الفلسطيني باختصار. هو بين مطرقه التجهيل القسري وسندان التهجير القسري
فمن ينقذ المواطن الفلسطيني من كل هذه المتاهات والصدمات؟؟؟
سهيله عمر
[email protected]