ألقى السيد حسن نصر الله خطابا بمناسبة انتصار عسكري حققه الحزب بالعمل مع الجيشين اللبناني والسوري ضد النصرة وداعش، وكان الخطاب مناسبة لشرح ما حصل الليلة الماضية من هجوم إسرائيلي بالطيران المسير على الضاحية الجنوبية، وهجوم آخر على نُزُل في بلدة جنوب دمشق سقط جراءها شهيدان من حزب الله.
استبق السيد حسن الشرح في بداية خطابه عندما وجه كلامه للحاضرين في ساحة المهرجان قائلا إن حضورهم هو أول رد على الاعتداءات الإسرائيلية. وهذا كان يعني أن هناك ردا ثانيا على ما قامت به إسرائيل، وهذا ما تبين بعدما أتى السيد على شرح ما جرى الليلة الماضية.
تناول السيد حسن ثلاثة فقرات وهي الحديث عن الانتصار وتعاون قوى المقاومة والجيش اللبناني والجيش السوري من أجل تأمين لبنان والحدود السورية اللبنانية. وأكد على أن لبنان بات آمنا هادئا، ولكن دون أن يستبعد ظهور الخطر من جديد. قال إن الذين هددوا أمن لبنان باتوا بعيدين عن حدود لبنان، وباتت المناطق الحدودية اللبنانية آمنة مطمئنة، لكنه أضاف أنه على اللبنانيين أن يبقوا حذرين لأن الايادي التي تلعب في المنطقة كثيرة وعلى رأسها الأيدي الأمريكية التي استعملت داعش للدخول إلى المنطقة، وهي تستعملها الآن لترهب الناس بها من أجل استمرار وجودها في العراق.
وتحدث السيد حسن عن الجاحدين في الداخل اللبناني والذين يمثلون أكبر مشكلة لحزب الله في مواجهة إسرائيل. وقد بين هذه المسألة في الفقرة الثالثة عندما قال إن الحزب لم يكن يسقط الطائرات المسيرة الإسرائيلية مخافة أن يقفز بعض اللبنانيين ويبدأو بلوم حزب الله واتهامه بأنه يشعل الحروب والفتن في المنطقة من خلال دفاعه عن الأرض والسيادة اللبنانية. وهذا أمر حقيقي لأن بعض الفئات اللبنانية لا يهمها سيادة لبنان، ولا تهمها عزة أو كرامة، وهي تبقى أدوات بيد السعودية والولايات المتحدة، وتبقى عونا لإسرائيل على العرب أجمعين. الحزب حذر في مواجهة إسرائيل حتى لا يعطي فرصا لبعض الداخل اللبناني لتحمله مسؤولية المواجهات العسكرية مع إسرائيل.
تناول السيد حسن هموم البقاع، وأبدى عقلانية وفطنة كبيرتين في شرحه. ومثلما حمل الحكومة اللبنانية مسؤولية التقصير الإنمائي حمل أيضا الناس والعائلات والناس أصحاب التأثير مسؤولية عدم ترتيب الأوضاع الاجتماعية والثقافية، وعدم التصدي للذين يمارسون أعمالا قبيحة تسيء لأهل البقاع، وتمكن المجرمين من الاستمرار بإجرامهم.
وأخيرا أتى على الفقرة الأخيرة الخاصة بالشأن الإسرائيل وقال إنه لن يسمح باستباحة لبنان بعد اليوم، وبشر إسرائيل بالرد وطلب منها أن تنتظر يوما أو يومين والرد آت لا محتلة. وطلب من الجيش الإسرائيلي أن يقف على الحائط على رجل ونصف.
وأكد نصر الله أنه لن يسمح بتكرار التجربة العراقية من حيث أن العراق بتعرض لهجمات بالمسيرات ولا يرد. قال إن الحزب سيرد لأن الاعتداءات خطيرة ومنن شأنها أن تتكرر إذا لم يتم ردع إسرائيل.
اكن نصر الله قال إنه سيرد في لبنان، ولم يقل من لبنان، ولم يشرح ماذا كان يعني بالضبط. وقد شدد على مقولته السابقة بأنه إذا قتلت إسرائيل أحدا من إخوانه أي اللبنانيين فإن عليها أن تنتظر سيل دماء أبنائها. ونبه نصر الله الإسرائيليين إلى أن نتنياهو يعرضهم للخطر ونصحهم بألا يستمعوا إلى تهريجه بأن الإسرائيليين آمنون. قال لهم إنه لا أمن لهم.
ولهذا نتوقع ردا من قبل الحزب، وربما لا يكون على شاكلة الردود السابقة التي تميزت بعبور جنود من الحزب للجدار والأسلاك الشائكة وقتل جنود إسرائيليين. من المتوقع أن نشهد عملا مختلفا عما سبق، وسيكون به وقع كبير على الحسابات الإسرائيلية وعلى معادلة القوى في المنطقة.
اعتدنا على حزب الله الوفاء عملا لما يقول، وأعتقد أن هذه المرة لن تختلف عما سبق.
وهنا أنوه أن عدم الرد وكما ذكر السيد يشجع إسرائيل على تكرار أعمالها العدوانية. الرد ولو بخسارة أقل تكلفة من عدم الرد.
عبد الستار قاسم
اكاديمي وكاتب سياسي