في إطار سعيه لتعزيز الوعي بمفهوم السيادة على الغذاء كبديل لمفهوم الأمن الغذائي في مواجهة المنظومة الاستعمارية والنيوليبرالية في فلسطين، وبهدف والوصول إلى آليات عملية لتجسيد السيادة الغذائية استناداً إلى تجارب عالمية. ينظم اتحاد لجان العمل الزراعي بالشراكة مع مرصد السياسات الاجتماعية والاقتصادية وحركة طريق الفلاحين الدولية مؤتمراً دولياً متخصصاً بعنوان "السيادة على الغذاء ... المستعمرة والحدود" وذلك في مدينة رام الله منتصف شهر تشرين الثاني المقبل. يستضيف المؤتمر الذي يستمر ثلاثة أيام مجموعة من صناع القرار وقادة منظمات العمل الأهلي والجامعات، وخبراء ومفكرين وباحثين محليين وعرب ودوليين في مجال السيادة على الغذاء والموارد الطبيعية.
يتضمن المؤتمر عرض ونقاش عدة أوراق متخصصة تندرج ضمن ثمانية محاور هي: مقاربات نظرية في مفهومي السيادة على الغذاء والأمن الغذائي، السيادة على الغذاء في سياق استعماري، العولمة الرأسمالية ومحددات السيادة على الغذاء، أهمية البذور البلدية، الحركات الاجتماعية والنضال من أجل السيادة على الغذاء، إشكالية المياه والسيادة على الغذاء، فلاحون بلا أرض واستراتيجيات السيادة على الغذاء.
يكتسب موضوع السيادة على الغذاء أهمية فائقة في الواقع الفلسطيني، ارتباطاً بدور منظومة الاحتلال الاستعمارية التي تسيطر أو تتحكم بكافة الموارد الطبيعية الفلسطينية، وفي المقدمة منها الأرض والمياه والمراعي والثروة السمكية، فضلاً عما كرسه بروتوكول باريس الاقتصادي من تبعية اقتصادية فلسطينية شاملة لاقتصاد المستعمِر، الذي حول الأراضي الفلسطينية إلى سوق له، تماماً كما كانت قبل أوسلو، بينما أعطاه ميزة حماية سوقه.
يشار أنه تم تقديم مفهوم السيادة على الغذاء عام 1996 من قبل حركة طريق الفلاحين الدولية لافياكمبسينا- وهو مفهوم يركز على سيادة الشعوب على مصادر غذائها، بما يشمل الأرض والمياه والبذور والمراعي والثروة الحيوانية والسمكية، ويسعى إلى حماية صغار المنتجين ويشدد على حق الشعوب في الغذاء الصحي المنتج من خلال طرق سليمة ومستدامة، وحقهم في تحديد النظم الغذائية والزراعية الخاصة بهم.
وبخلاف مفهوم الأمن الغذائي كمفهوم اجتماعي بمضمون رأسمالي، يكتسب مفهوم السيادة على الغذاء بمضمونه التقدمي التحرري، أهمية كبرى في مواجهة السياسات الاستعمارية والعولمة الرأسمالية وشركاتها الاحتكارية العابرة للقارات، بما فيها شركات البذور والشركات الكيماوية الزراعية.
إلى ذلك تتطلع الجهات المنظمة وبشكل خاص اتحاد لجان العمل الزراعي من خلال تنظيم المؤتمر إلى توطين مفهوم السيادة على الغذاء والوصول إلى آليات عملية لتجسيده استناداً إلى تجارب عالمية. بحيث يتم تبنيه من قبل مختلف الجهات الفاعلة فلسطينياً كمقدمة لتضمينه في الخطط القطاعية وكل السياسات والأجندات الوطنية، وفي مقدمة ذلك الممارسة الفعلية لمفهوم السيادة في الحياة اليومية وعلى كل المستويات الفردية والجماعية، الرسمية والأهلية.