اشتياق امرأة..

بقلم: عطاالله شاهين

في كوخ مُوحِش في مكان بعيد امرأة سلافية الملامح تجلس بمفردها ضجرة.. لا أحد يؤانسها.. الكل هاجر إلى الجنوب من برْد الشمال.. بقيت مصممة على البقاء في كوخها الخشبي.. مدفأة حطب مشتعلة وبيديها رواية المساكين لدوستويفسكي تقرأ صفحات منها وتنعس.. تخاف من الدببة التي تتجول في المكان، ولهذا فأحيانا تجمع الحطب بالقرب من كوخها ولا تبتعد عنه، وتعود بسرعة كي لا تفترسها الدببة.
تظلّ مستلقيةً على فراشِها في ضجرٍ مجنون، لكنها تظلُّ منزعجةً من وحدتها.. تترقّب حبيبها الذي وعدها بالعودة.. تشتاق لهمساته التي كانت تصطدم بحواجز من الخجل والارتباك، رغم سهولة الطريق إلى شفتيْن لا تحبّان البوْح إلا في جوٍّ صاخبٍ، فحبيبها غائب منذ مدة ولا يردّ على الموبايل، لربّما مشغول أم أنه نسيني، هكذا تقول المرأة التي تتوقع أمام المدفأة المشتعلة..
لنْ تبالي لوحدتها، رغم أنها مشتاقة لهمساتِ حبيبها.. فهي لا تظهرُ خوفاً أو ضجرا اضطرابا لأيّ شيء .
فقطْ هو الشَّغف الذي يشتعل في قلبها التواق للحُبِّ والعطف من حبيبٍ طال غيابه.. اشتياقها له يزداد يوما بعد يومٍ..
لمْ تكُنْ تدركُ بأنّ غيابَ حبيبها لفترة طويلة سيجعلها تتوق لهمساته، التي تحاول أن تمهد له الطريق للعبور بلا حواجز.. تظل متضايقة من خجله المجنون وارتباكه المفرط ، ولكن الهمسات تخترق كل حواجز الخجل، حينما يصخب الحُبُّ في مكان هادئ..


عطا الله شاهين