نجح نتنياهو في زيادة حدة التوتر بين اسرائيل وحزب الله الي الدرجة التي قد تنذر بمواجهة وخاصة ان هذا التوتر دخل منحني لعبة القوة والوجود على الارض وكأن نتنياهو يتحدي ان يرد حزب الله وباي شكل ما على كل عمليات اسرائيل التي تقول عنها انها تحبط فيها تهديدات حقيقية لوجود اسرائيل والتي كان اخرها مشروع الصواريخ الدقيقة لحزب الله والذي تقول عنه اسرائيل انه ادير بشكل سري جداً لا تعلم عنه لبنان وحتي بعض مسئولون لحزب الله , نتنياهو يزيد الضغط علي حزب الله للاسراع بالرد التقليدي علي ضربات اسرائيل والتي كان اخرها كما تزعم اسرائيل تدمير مصنع للصواريخ الدقيقة تديره ايران من خلال تهريب مركبات هذه الصواريخ وبعض اجزائها من ايران ليتم تركيبها في مصانع يديرها قادة في الحرس الثوري وضباط من حزب الله علي الارض اللبنانية . يبدو ان نتنياهو بدأ كما البطل امام الجمهور الاسرائيلي الذي حقق شيئا كبيرا وانقذ اسرائيل من ضربات حزب الله وحال بين حزب الله وبين امتلاك عناصرة على الحدود لصواريخ دقيقة قادرة على ضرب اي هدف في اسرائيل دون ان تتعرض له القبة الحديدية , ولعل ظهورة الاعلامي وتصريحاته والصور التي نشرت له في شمال الارض المحتلة تدلل علي ذلك وما يبرهن علي ذلك تصريحاته التي قال فيها "اننا لن نقف مكتوفي الايدي ولن نسمح لاعدائنا بالتزود باسلحة فتاكة ضدنا ".
بالرغم من نجاح نتنياهو في زيادة التوتر علي الحدود في الشمال والايحاء بان المعركة بينة وبين حزب الله اللبناني من ناحية والحرس الثوري الايراني من ناحية اخري لن تنتهي الا بقلع الوجود الايراني من سوريا والحيلولة بين نقل حزب الله اي تقنية للصواريخ او اسلحة متطورة الي لبنان الا ان استطلاعات الرأي في اسرائيل مازالت تقول انه واليمين لن يحصل على اكثر من 55 مقعد بالكنيست دون حزب اسرائيل بيتنا وهذا يعني ان كاحول لافان بدا يتفوق على نتنياهو ومجموع تحالفاته وهذا يضع نتنياهو امام حتمية كبيرة وهي زيادة حدة التوتر في الجبهتين الشمالية والجنوبية والتي قد تدفعه لتوجيه ضربات اكثر عمقا وقوة ودموية لحزب الله في الشمال او لحماس في قطاع غزة يوظفها في الانتخابات القادمة باعتبار ان الجمهور الاسرائيلي يعتقد انه من خلال الدم يوفر له قادته الامن والاستقرار . بالرغم من ان اسرائيل باتت تنتظر رد حزب الله على ضرباتها الاخيرة الا انها تواصل تحدي حزب الله من الجو وتقلص تواجدها علي الارض لدرجة الصفر وخاصة على الحدود بل وعمدت الي اخفاء كل آلياتها علي طول الخط الازرق وفي مزارع شبعا اللبنانية .
الامر بات في غاية الحساسية لحزب الله بالرد وخاصة ان ضربات اسرائيل تعدت الحرب الباردة بين الطرفين ولا يستطيع الحزب هذه المرة تفويت عمليات الرد كالمرات السابقة لان مسرح العمليات الاسرائيلية بات يتصاعد ويشكل خطر كبير على مستقبل الحزب بلبنان ويشكل خطر على قادته فان لم يرد الحزب هذه المرة كما وعد الاسرائيلين فان اسرائيل ستتمادي في ضرباتها في كل مكان هذا من ناحية ومن ناحية اخري اي رد في العمق الاسرائيلي قد يسبب مزيدا من الفشل لنتنياهو في الانتخابات باعتبار انه فشل في تحقيق الامن والاستقرار بضرباته ولم ينقذ اسرائيل من تهديدات محتملة كما يدعي , اي بمعني ان حزب الله بات امام خيار لا ثاني له هو ضرورة الرد على ضربات اسرائيل حتي لو جر ذلك لحرب كبيرة على غرار حرب تموز 2006 , من هنا بتنا نعرف ان مسالة الرد مسالة اثبات وجود على الساحة العملياتية في لبنان بالرغم من انشغال قوات الحزب في سوريا او اعادة التمركز في الجنوب اللبناني تحسبا لاجتياح اسرائيلي قد تقود اليه المواجهة بين الطرفين .
علي الجانب الاخر اتخذت اسرائيل اجراءات احترازية واسعة امتدت الي موانئها في الشمال و قواعدها العسكرية وعززت مستوطناتها بالشمال بصواريخ القبة الحديدة حتي وصلت لضواحي تل ابيب ومنعت دورياتها الغير ضرورية على طول الحدود تحسبا لاي رد لحزب الله , لكن باعتقادي ان الحزب اذا كان سيرد على اسرائيل فانه سيرد حيث لا تتوقع اسرائيل زمانيا ومكانيا وقد يكون بعملية ذكية متعددة الاهداف يحسن حالة الردع لقواته ويحافظ على معادلة القوة بالقوة ويوقف اللعبة اسد الغابة الذي تمارسه اسرائيل وفي نفس الوقت يسقط نتنياهو , ولعل هذا الرد لا تتوقعه اسرائيل وخارج حساباتها لانها تعتقد ان حزب الله عاجز عن الوصول لاهداف دقيقة وواعتقد انه اذا ما حدث و وصل لاي من هذه الاهداف فأن اسرائيل قد لا تستطيع الكشف عن حجمه الاستهداف للجمهور الاسرائيلي خشية سقوط نتنياهو المدوي في انتخابات الكنيست 22 سبتمبر القادم . من المهم ان ندرك ان حزب الله ايضا يعمل تحت طائلة الوقت لان رده بعد الانتخابات الاسرائيلية لا معني له وقد لا تحقق كل الاهداف التي وضعت على طاولة الحزب لهذا فاننا نتوقع ان يستمر توعد الحزب لاسرائيل بان الرد قادم لا محالة لكن تعديه مرحلة الانتخابات قد يصبح بلا معني ودون جدوي , وفي ذات الوقت ان لم يتمكن الحزب من ايجاد الهدف الكبير والمناسب فانه لن يغامر برد لا معني له ورد لا يتناسب مع ما تقوم به اسرائيل من عربده وتهديد لسيادة الارض اللبنانية والسورية على السواء .
بقلم/ د.هاني العقاد