في اعتدائه على الضاحية الجنوبية ذهب نتنياهو إلى المكان الخطأ ، رئة المقاومة وحزب الله . وهو بذلك كمن وضع يده في عش الدبابير ، وعليه أن يتحمل لسعاتها ، من دون أن تسبب في مقتله ، إلاّ أن المؤكد ستترك أثارها في جسده وكيانه . ما تقدم من توصيف لحالة نتنياهو وكيانه الغاصب ، بعد أن ذهب إلى توسيع رقعة عدوانه على العراق وسوريا ولبنان وفلسطين ، ممنياً نفسه وجوقة أركانه إعادة رسم للخطوط الحمراء ، وقواعد اشتباك جديدة ، تكون فيها اليد الطولى له ولجيشه وكيانه الذي يعاني ما يعانيه من حصار خانق ، ومن نوع جديد ، إنها إستراتيجية الصواريخ التي تطال كل بقعة على أرض فلسطين المحتلة .
أسئلة يبحث الكثيرون عن جواب له في الرسائل التي أرادها نتنياهو من ورائها . لماذا اختار نتنياهو توسيع عدوانه في أكثر من اتجاه ، العراق وسوريا ولبنان وفلسطين في عنوانين قطاع غزة ، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة ؟ . وثانياً ، ما الرابط بين القصف على منطقة عقربا جنوبي دمشق ، والطائرتين المسيرتين داخل الضاحية ، في توقيت زمني واحد ؟ .
نتنياهو أراد توجيه رسائل لجمهوره وأخصامه داخل الكيان ، ولحلفائه خارج الكيان . فهو أراد القول لمنقديه ومعارضيه ، وليبرمان يقف في مقدمتهم ، أنه قادر على التحرك وأخذ زمام المبادرة اتجاه من يسميهم بالأذرع الإيرانية في المنطقة . بالتالي الانتخابات القادمة لن تمنعنه أو تحول دون التحرك العسكري في مواجهتهم . وهي أيضاً تحمل لغة تصالحية معهم ، أنه حاضر لفتح صفحة جديدة بهدف تشكيل إئتلاف يمني قادم لمواجهة الأخطار التي تحيط بالكيان . ودعوة " بيني غانتس " لإطلاعه والمشاركة في النقاشات حول التطورات في الشمال والجنوب ، ليست بعيدة عن تلك اللغة التصالحية . من خلفية أن نتنياهو يدرك ، أن خصومه ووفق استطلاعات الرأي يتقدمون عليه ، خصوصاً حزبي أزرق أبيض بقيادة بيني غانتس ، و" إسرائيل بيتنا " بقيادة ليبرمان . .
ورسالة نتنياهو لحلفاءه سواء الإدارة الأمريكية ، وأصدقائه وحلفاءه الجدد من المطبعين ، أن لديه القدرة على تحجيم الدور والتمدد الإيراني في المنطقة ، من خلال التسخين العسكري بهدف إحداث انقلاب في المشهد الميداني ، ضد الأذرع الإيرانية في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين . وهذا لا يعني أن الإدارة الأمريكية ليست مطلة على ما ذهب إليه نتنياهو من ضربات جوية استهدفت حلفاء إيران في المنطقة ، بل هي مباركة وقدمت له كل التسهيلات اللازمة لتنفيذ ذلك ، وتحديداً في العراق .
وما يتعلق بالرابط بين قصف عقربا واستشهاد مجاهدين من حزب الله ، والمسيرتين في الضاحية ، فإنّ قصف منطقة عقربا في سورية جاءت للتغطية على ما كانت تنوي الطائرتين المسيرتين تنفيذه من مهمات أمنية ، حيث استهدفت إحداهما الوحدة الإعلامية التابعة للحزب ، وتم إسقاط الثانية . ولطالما لجأ العدو الصهيوني إلى تلك الأساليب من التكتيكات في المناورة حول الهدف الرئيسي المنوي استهدافه من قبلها ، فهو يعمد إلى ضرب منطقة ، والذهاب إلى منطقة أخرى ، تكون هي وجهته وهدفه .
بغض النظر عما حملته ضربات نتنياهو الجوية في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين من رسائل ، يبقى الاعتداء على الضاحية الجنوبية يمثل ذروة التحدي العسكري والأمني وما يحمله من تداعيات سياسية هو الحدث الذي يشغل ويقلق نتنياهو وقادته من عسكريين وأمنيين ، من خلفية أن المقاومة في لبنان قد أعلنت وعلى لسان قائدها سماحة السيد حسن نصر الله أن رد حزب الله قادم لا محال على ما أقدم عليه نتنياهو من اعتداء استهدف الضاحية . الأمر الذي استدعى استفاراً سياسياً من قبل حلفاء الكيان في محاولة لإيجاد مخرج بديل لرد حزب الله الذي لن يتأخر . في تهديد سافر تم الطلب من المقاومة في قطاع غزة ، بعدم التدخل في حال وصلت الأوضاع العسكرية للتفجر بين الكيان والمقاومة في لبنان ، وإلاّ ستتعرض المقاومة في غزة لعملية عسكرية واسعة ومدمرة .
بقلم/ رامز مصطفى