واحدة، من النتائج القاسية لتداعيات النكبة العام 1948، كان في ضياع الكيانية الوطنية الفلسطينية، والتقاسم العربي لما تبقى من الأرض الفلسطينية، دون المحاولة الجادة لإعادة لملمة وتجميع اشلاء الشعب الفلسطيني، وبناء كيانية وطنية تعبيرية له كما كان الحال قبل النكبة، والحفاظ على هويته الوطنية والقومية، على ماتبقى من أرضه الوطنية بعد الإعلان عن هدنة العام 1948. فكانت حجة النظام الرسمي العربي في حينها "أن لاحاجة لكيانية فلسطينية، وأن قضية فلسطين تحملها الحالة العربية". فأضاع النظام الرسمي العربي الفرصة المتاحة لبناء كيانية فلسطينية على ماتبقى من أرض فلسطين، كيانية تمثيلية تعبيرية، تقطع الطريق على المحاولات التالية التي سعت لتذويب الهوية الوطنية للفلسطينيين، وصولاً لحرب 1967 التي ابتلعت كامل أرض فلسطين التاريخية.
كل المحاولات الفلسطينية، التي سعت لإقامة كيانية وطنية فلسطينية، بعد النكبة، اجهضت في أرضها، ومنها اقامة حكومة عموم فلسطين التي اعلن عن قيامها المفتي الحاج محمد أمين الحسيني في قطاع غزة، ومعه عدد كبير من الشخصيات الوطنية الفلسطينية أواخر العام 1948. فقام النظام الملكي المصري باعتقال الجميع ونفي المفتي، الذي ذهب الى لبنان، وبقي فيه حتى وفاته رحمه الله عام 1974.
البحث عن كيان، وفق ماورد في مؤلف الدكتور ماهر الشريف، وبناء الكيانية الوطنية الفلسطينية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية استغرق وقتاً وتضحيات كبرى، والآن تخاض العملية الوطنية على الأرض في فلسطين لإعادة تجسيد هذه الكيانية التي عمل النظام الرسمي العربي على اجهاضها، حتى انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة فجر الأول من كانون الثاني/يناير 1965.
الكيانية الفلسطينية، ليست ترفاً، وليست دولة عربية تضاف الى مجموع القائم منها، بل هي حاجة وطنية بامتياز، لقطع الطريق على عملية محو الهوية الوطنية الفلسطينية. كما هي خطوة جبارة على طريق الحل العادل والناجز على كامل أرض فلسطين التاريخية.
(الصورة الأولى : على جدران مخيم اليرموك في شارع صفد، نقرأ الدولة ... الدولة ...).
(الصورة الثانية : مدخل اليرموك، حارتنا، في الصورة التي وزعتها الأونروا بدايات العام 2014، وتم عرضها لعدة ساعات على شاشات ضوئية في أكبر سبعة ساحات في عواصم عالمية)
بقلم/ علي بدوان