نشهد في الأعوام الأخيرة تراجع المثقف الوطني الفلسطيني ومشروعه السياسي والفكري والثقافي الوطني ، في خضم صعود المد الأصولي السلفي الجارف ، الغريب عن بنية المجتمع الفلسطيني التعددي المنوع .
ولا اجافي الحقيقة إذا قلت أن المشروع الثقافي مأزوم ووصل إلى مفترق طرق ، وفي حين كان المثقف الفلسطيني يتغنى بالمقاومة والوطن ويذود عنه وسلاحه القلم والكلمة ، ويواجه عسف وقهر الاحتلال ، أصبح يذود عن السلطة والمؤسسة الفلسطينية الحاكمة .
إننا في هذه المرحلة التي نشهد فيها استمرار التجاذبات والمناكفات الفصائلية ، وتعثر جهود المصالحة الفلسطينية ، وغياب الوحدة الوطنية ، ينبغي أن يعود المشروع الفلسطيني إلى أصله ، ولا مشروع ثقافي وطني فلسطيني دون عمقه العربي الاستراتيجي ، ولا يمكن الفصل بين المشروعين ، فالمشروع الثقافي الوطني الفلسطيني هو جزء لا يتجزأ من المشروع الثقافي العربي الكبير ، وعلى المثقف الفلسطيني أن يحسم أمره بشكل واضح لا لبس فيه ، فلا حياد في جهنم ، ويقرر في أي موقع يريد لنفسه أن يكون .
وعليه ترسيخ وتثبيت الهوية الوطنية الفلسطينية ، وصيانة المشروع التحرري والتمسك بحق العودة ، ونشر الفكر التقدمي الحضاري الحر ، ولا يجوز مطلقًا أن يتأرجح بين وضع قدمه في الخندق الوطني والقدم الأخرى خارجه ، وأن يقف في مواجهة الاصطفافات الانقسامية والظلامية داخل المجتمع الفلسطيني ، وضد المد الاصولي السلفي الذي يمسك بجلباب الناس ويشدهم باتجاه الخلف ، ومواجهة الممارسات الاقصائية والاستبدادية .
على المثقف الفلسطيني ان تكون خياراته وانحيازاته وطنية ، ولا يجوز أن يكون " وسطيًا " يتأمل بميوعة ويقف على الهامش ، وعار عليه أذا وقف في صف المنتفعين والانقساميين والسلفيين وقوى المد المعاكس ، وواجبه الاجابة عن كل الاسئلة المطروحة ، وان يكون واضحًا في خياراته ومواقفه مما يجري في الحياة الفلسطينية والشارع السياسي الفلسطيني .
بقلم : شاكر فريد حسن