لسنا بموقف التأكيد وتكرار ما نقول على الدوام حول تمسكنا والتفافنا حول الشرعية الفلسطينية ممثلة بالرئيس محمود عباس كما تأييدنا لحكومته الشرعية برئاسة الدكتور محمد اشتية .
موقف مبدئي ووطني لا علاقة له بأدنى مصلحة يمكن ان تقال .
هذا الثبات بالموقف الوطني لم ولن يهتز ... ولن يضعف ... ولن نتردد للحظة واحدة في تأكيد الصلابة والقناعة الراسخة والثابتة حول الشرعية والالتفاف حولها .
منذ حزيران الاسود بالعام 2007 ونحن نعيش ظروفا طارئة واستثنائية تتراجع فيها الحقوق ... وتزداد فيها المصاعب والهموم وتعقيدات المشهد الحياتي في ظل تراجع الحقوق الوظيفية وحتى عدم انتظام التشغيل في ظل ازدياد البطالة التي وصلت الى ذروتها .
استمرت حالة التراجع حتى وصلنا الى ما نحن عليه من بؤس وحرمان ... وقلق على الابناء وتشتت وهجرة وازمات طاحنة وانهيارات متعددة بالمنظومات الحياتية والحديث يطول .
الدكتور محمد شتية واحترامنا الدائم له قال مع بداية حكومته انها حكومة الشعب ... وحكومة الجميع والكل الوطني ... وانها حكومة ستتقاسم لقمة الخبز وشربة الماء ... وانا هنا لا اشكك مطلقا بنوايا الرجل ومصداقيته ... لكنني بذات الوقت ادرك ان العمل الحكومي والمسؤولية عن الناس تحتاج الى الكثير من الموارد المالية ... كما تحتاج الى الظروف السياسية التي تؤكد على وحدة الوطن وقراره الوطني المستقل دون ادنى عوائق او مصاعب يمكن ان تحول دون تحقيق ذلك .. كما نحن بحالة الانقسام .
تحملنا ... وصبرنا على مقولة الخلل الفني !!! ... وما حدث واستمعنا اليه حول رواتب الوزراء !!!!
نحن لم نكن نرغب على الاطلاق ان نتحدث بمثل هذه الموضوعات ... لكننا بحكم المهنة ككتاب رأي لا نستطيع ان نتجاهل مشهد الحزن العميق والاحباط الذي اصاب قطاع الموظفين واسرهم نتيجة لما شاهدوا واستلموا من مبالغ لا تقوت يومهم ... ولا تلبي احتياجات اطفالهم ... ولا تقوم على صرف نفقات اسر ممتدة كان تعدادها صغيرا واصبح تعدادها كبيرا مع سنوات الانقسام ولا شيء يتحرك ويزداد ... بل كل شيء يتراجع ويزداد بمصاعبه .
ليس من حق أحد ان يتلاعب بقوت الناس تحت أي مبرر او سبب وهذا ما قامت عليه البنوك ... صحيح انها في اطار حقوقها واموالها التي اقرضتها للموظفين ... لكن الصحيح ايضا ان على هذه البنوك ان تراجع حساباتها وميزانياتها ورأس مالها الاساسي وان تقوم على حساب كم المال الهائل الذي حققته نتيجة نشاطاتها داخل فلسطين وخاصة من خلال قطاع الموظفين الذين اعتمدوا على الاقتراض من تلك البنوك .
الراتب هو المصدر الوحيد الذي يعيش عليه عشرات الالاف من الاسر ... من خلال موظف واحد يعيش بتلك الاسرة في واقع توقف ومنع التوظيف لسكان القطاع بفعل غير مبرر ولا ينسجم مع التطور الطبيعي لزيادة عدد السكان واحتياجاتهم .
فلو صح القول وتم دفع الراتب بنسبة 100% فان هذا لن يحل مشكلة الموظف واسرته التي ازدادت مع طول السنوات وكبر الابناء واتساع المسؤولية والاحتياجات بانواعها المختلفة .
لان الموظف تزداد مسؤولياته في ظل عدم انتظام ايراداته وفي واقع ما تقوم عليه البنوك من سحب أي مبالغ يمكن ان تتوفر لهذا الموظف .
اليوم الموظف راتبه النصف واقل ... وابناءه كبار وبالجامعات ... وحتى لو تم انتهاء دراستهم فانهم جالسين بالمنازل دون عمل ... واصبحت الاسرة اذن لن يتوفر لها أي دخل الا دخل هذا الموظف الذي يعيش من ورائه العديد من الاشخاص .. فبدلا من التوظيف للشباب الصاعد وايجاد فرص العمل حتى ولو بالحد الادنى ومن خلال برامج تشغيل يتم انقاص راتب الموظف واستيلاء البنوك على ما هو حق لها لكنه ليس بمثل هذا التوقيت !!!! وبهذه النسبة التي تأكل ما يتم ايداعه بحساب الموظف ... وفي الجانب الاخر اصبحت الاسرة لا يتوفر لها مدخولات ثابتة ... بل مدخولات تتراجع مع بداية كل شهر في ظل موقف غير مفهوم حول التقاعد المبكر كما التقاعد المالي ... وما معهود عليه بالتقاعد بحسب التوقيت الزمني المسموح به للموظف والذي يبلغ 6 عقود .. بينما هناك من يعملون وقد تجاوزا هذا السن .
ندرك حجم الازمة المالية التي تعاني منها الخزينة العامة في ظل سرقة المال الفلسطيني من قبل الاحتلال ... وفي ظل عدم الالتزام المنتظم للمساعدات والدعم المالي ... كما عدم انتظام الايرادات الواردة للخزينة العامة ... لكننا ندرك ايضا ان هناك مساحة من العمل التي يجب القيام بها حول الترشيد وايقاف الصرف بصورة عشوائية ولمهمات ولمصروفات لا طائل منها .
مسؤولية الحكومة قلنا قبل ذلك ونقول كان الله بعونها على مهماتها ومسؤولياتها الكبيرة لكننا بذات الوقت ليس لنا من عنوان اخر ... كما ليس لنا من حكومة اخرى من مسؤوليتها متابعة امورنا وسد العجز لدينا واثبات مسؤولياتها .
لقد كان شهرا عصيبا انتظر الناس فيه ما كان يقال من فرج لعل وعسى ان نبدأ مرحلة ايجاد الحلول ... لكنه كان شهرا قاسيا كما كل الاعوام السابقة وما وجدنا واستنتجنا ان البنوك قد فعلت ما تريد ... واخذت ما لها وحلت جزء من مشكلتها ... بينما تركت الحكومة بحرج كما زادت من مصاعب حياة الناس وهذا ما يجب تصحيحه وتصويبه لان هناك ابعاد عديدة يجب ان تكون بالحسبان ... وليس بحساب الارقام .
بقلم/ وفيق زنداح