إجازة العمل في لبنان والمكانة القانونية – السياسية للاجئين الفلسطينيين (1/4)

بقلم: فتحي كليب

لا يمكن مناقشة الأزمة التي إفتعلتها وزارة العمل اللبنانية بدءاً من منتصف شهر تموز (يوليو) 2019 بشأن العمال الفلسطينيين في لبنان، إلا في اطار الصراعات والإنقسامات السياسية والطائفية التي يعيشها لبنان منذ زمن، والتي ينتمي جزء كبير منها إلى مربع الصراعات الإقليمية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وما تتعرض له من محاولات أمريكية وإسرائيلية لتصفيتها..

وإن كانت المشكلة – الأزمة بين وزارة العمل واللاجئين الفلسطينيين في لبنان قد إنفجرت، شكليا، نتيجة إجراءات وزير أطلق خطة تحت عنوان «مكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية» وصفها كثيرون أنها إرتجالية، تفتقد للموضوعية، وتستهدف فئة بشرية بعينها، إلا أن جذور هذه الأزمة تعود إلى عقود مضت، وتتعلق بشكل مباشر بقصور القوانين اللبنانية عن التعاطي مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وفق خصوصيتهم التاريخية والسياسية والقانونية باعتبارهم جزء من شعب هُجِّر عام 1948 من أرضه في سياق تاريخي معروف، حيث نال لبنان نصيبه من عملية التهجير هذه، أسوة بدول عربية أخرى إستضافت من إصطلح على تسميتهم باللاجئين الفلسطينيين، الذين يوحدهم النضال من أجل حق العودة إلى الديار والممتلكات:

أولاً- العمالة الفلسطينية في لبنان

(1)

واقع العمالة الفلسطينية في لبنان وخصوصيتها

■ تاريخيا، لعبت العمالة الفلسطينية في لبنان أدوارا هامة في بناء وتطوير الإقتصاد اللبناني. ولما كانت السمة العامة لهذه الفئة الإجتماعية هي الحرمان المتواصل من حقها في العمل بحرية، وإبعادها عن مجال عديد القطاعات الإقتصادية اللبنانية، فإن الإستنتاج العام هو أنها باتت تعيش حالة تناقض وصراع متعدد المستويات، فهي تنتج وتنفق في لبنان، ويفترض أن إنتاجها – وهو كذلك - يصب في تدعيم إقتصاده، لكنها لا تستفيد – بالمستوى الذي يعود إليها حقاً وعدلاً - من منافع العملية الإقتصادية في البلد، لانحكامها لبنية قانونية – سياسية مجحفة، سنأتي عليها في سياق البحث.

في معظم الأحوال، ساهم فلسطينيو لبنان في بناء عديد القطاعات الإقتصادية: المصرفية والخدماتية والإعلامية والصحفية والهندسية وفي حقلي الصناعة والنفط وغيرها، هذا دون أن ننسى قطاع الزراعة؛ ولمع في لبنان أسماء الكثير من الفلسطينيين الذين كان لهم شأن مهم في الإزدهار اللبناني.

من جانب آخر، يضخ التجمع الفلسطيني في لبنان، ومن مصادر خارجية متعددة، سيولة لا يُستهان بدورها في الإسهام بتنشيط الدورة الإقتصادية في البلد. في هذا الإطار نشير إلى ما تنفقه وكالة الغوث (الأونروا)، المعنية بتأمين الخدمات التعليمية والصحية والإغاثية للاجئين الفلسطينيين، من مبالغ لا يُستهان بها، سواء عبر رواتب موظفيها الذين يزيد عددهم عن ثلاثة آلاف موظف، أو من خلال الإنفاق على القطاعات المختلفة الصحية والتربوية والإجتماعية؛ ناهيك عن الأموال المحوّلة من الخارج التي تنفقها في لبنان المؤسسات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني (أكثر من 60 مؤسسة)، وأموال مؤسسات منظمة التحرير والفصائل الأخرى في لبنان. (حوالي 15 ألف متلقي)، والتي تشكل جميعها رافداً مهماً إستفاد ويستفيد منه الإقتصاد اللبناني، مع عدم إغفال دور التحويلات التي ترسلها مجاميع الجاليات الفلسطينية في الخارج إلى أسرها في لبنان (راجع بهذا الخصوص الملحق بعنوان: «مصادر إنفاق الفلسطينيين في لبنان» في نهاية هذه الدراسة).

■ وبشكل عام، يمكن توزيع العمالة الفلسطينية في لبنان إلى ثلاث فئات:

1- فئة ميسورة قليلة العدد، وهذه الفئة حملت معها من فلسطين أموالها وخبرتها في مختلف المجالات والقطاعات الإقتصادية، وانخرطت في الإقتصاد اللبناني، بعضها لازال موجوداً، وبعضها الآخر هاجر لبنان نتيجة التضييق عليها؛

2- فئة متوسطة من أصحاب الخبرات المهنية والتعليمية، بعضها ترك لبنان باتجاه دول أخرى بحثا عن شروط عمل أفضل، بعد أن أُغلقت في وجهها فرص وإمكانات العمل؛ وبعضها الآخر بقي في لبنان يصارع الحياة من أجل تأمين معيشته ومعيشة أسرته؛

3- فئة ثالثة وهي الأكبر، تحوّلت إلى يد عاملة تكسب قوتها في سوق العمل. وهذه الفئة هي التي تتعرض بشكل دائم لتشدد القوانين وللإجراءات الوزارية التضييقية المختلفة، رغم إنتاجيتها العالية، وكلفتها الأقل من اليد العاملة اللبنانية؛

أما لجهة حجم وقوة العمالة الفلسطينية، فوفقا لنتائج التعداد السكاني الذي أنجزته لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني نهاية عام 2017، فإن حجم هذه العمالة ليس بالرقم الكبير الذي يجري تداوله من أطراف تنزع إلى تصخيمه عمداً، لتبرير سياسات التمييز والإقصاء والحرمان التي تُمارس بحق الفلسطينيين. وتتمركز قوة العمل الفلسطينية في مجالات عدة، منها ما يستدعي المهارة والخبرة ودرجة متقدمة من التأهيل، تُعظِم نسبة القيمة المضافة على مخرجات العمل المبذول؛ ومنها – أيضاً - المهن الصعبة والشاقة، التي لا يُقبل عليها اللبنانيون بشكل عام، وكانت المؤسسات اللبنانية المعنية تغض النظر عن التدقيق بأوضاع الأخيرة، بحكم حاجة السوق اللبناني إليها، وهي أعمال عادة ما تكون موسمية وتتدنى فيها الأجور، وتفتقد إلى الضمانات الصحية والإجتماعية■

(2)

مسار المعاناة

■ مَرَّ العمال الفلسطينيون في لبنان بمختلف قطاعاتهم الحرفية والمهنية بعدة مراحل تميّزت مرحلتها الأولى بالتعاطي الرسمي اللبناني غَلُبَ عليه الطابع الإنساني، حيث كان الإتجاه العام (المحلي والعربي والدولي) هو إغاثة اللاجئين وتوفير فرص عمل لهم. لكن ما هي إلا سنوات قليلة (بدءاً من منتصف خمسينيات ق.20) حتى بدأت السلطات اللبنانية بالتضييق على العمالة الفلسطينية، التي تمكنت من إيجاد فرص عمل لها في مشاريع خاصة في بعض المناطق اللبنانية. ومع بداية ستينيات ق.20 ستبدأ رحلة جدية من المعاناة عندما صدرت بعض المراسيم المتعلقة بتنظيم عمل الأجانب، مشترطة حصول الأجنبي على إجازة عمل، دون أي تمييز بين العمال الفلسطينيين وسائر الأجانب.

■ رغم التعديلين القانونيين (128 و 129) اللذين أقرهما البرلمان اللبناني عام 2010، فإن المراسيم السابقة، وقانوني العمل والضمان الإجتماعي يتعاطون مع الأجانب (ومنهم الفلسطينيون، إستنسابيا) الراغبين في العمل في لبنان وفقا لقاعدتين: الأولى هي المعاملة بالمثل، والثانية الحصول المسبق على إجازة عمل.. هاتان القاعدتان تشكلان عائقا كبيرا – لا بل معضلة - أمام عمل الأجراء الفلسطينيين في لبنان بشكل عام، وأمام أصحاب المهن الحرة بشكل خاص، وحل هاتين المعضلتين يشكل الأساس في أي معالجة قانونية مستقبلية لواقع العمالة الفلسطينية في لبنان:

1- مبدأ المعاملة بالمثل: تنص المادة 59 من قانون العمل اللبناني على التالي: «يتمتع الأجراء الأجانب عند صرفهم من الخدمة بالحقوق التي يتمتع بها العمال اللبنانيون، شرط المعاملة بالمثل والحصول على إجازة عمل». وقد تم إضافة التعديل التالي (على يد القانون رقم 129) من قبل البرلمان اللبناني عام 2010: «يُستثنى حصرا الأجراء الفلسطينيين اللاجئين المسجلين وفقا للأصول في سجلات وزارة الداخلية والبلديات - مديرية الشؤون السياسية واللاجئين - من شرط المعاملة بالمثل، ومن رسم إجازة العمل الصادر عن وزارة العمل». لكن رغم كل ذلك، فقد ظل هذا النص حبراً على ورق نتيجة رفض الوزراء المتعاقبين على وزارة العمل، إصدار المراسيم التطبيقية ليبقى واقع الإجحاف بالحقوق على حاله، وكأن التعديل القانوني لم يكن.

2- إشتراط الحصول على إجازة العمل: وفقا للنصوص القانونية الحالية، يخضع  العامل الفلسطيني لـ«شرط» الحصول على إجازة العمل قبل ممارسته أي مهنة، وإلغاء هذا الشرط يعتبر المفصل الرئيسي في تحسين شروط عمل الفلسطينيين. وقد أصر النواب في تعديل عام 2010 على إبقاء إجازة العمل مع الإعفاء من رسومها، ما يعني إبقاء واقع التمييز على حاله.. والعدد القليل لإجازات العمل الممنوحة للعمال الفلسطينيين خلال السنوات الأخيرة تظهر أنه في الغالب لا يتقدم الفلسطينيون أو أرباب عملهم بطلب الإجازة لهم، وذلك لاعتبارات عملية. فإذا كان البعض يمارس العمل بالأمر الواقع دون إجازة عمل وبموافقة رب العمل، فإن العامل الفلسطيني لا يجد مصلحة بتحصيل إجازة العمل، لأنها تشكل عبء مالي إضافي لا تقابله مكاسب تذكر. إضافة إلى أن أرباب العمل لا يرغبون بها، لأنها تلزمهم بدفع رسوم الضمان الإجتماعي الذي لا ينال الفلسطيني من تقديماته شيئا، إلا بما له علاقة بتعويضات نهاية الخدمة■

(3)

المهن الحرة

■ أما بالنسبة لأصحاب المهن الحرة الفلسطينيين من حملة الشهادات الجامعية، فقد جاءت مجموعة من القوانين اللبنانية لتخرجهم من دائرة الحماية القانونية بعد تعريفهم بالتفسيرات الإستنسابية كأجانب، والأجنبي وفقا للقوانين اللبنانية هو« كل شخص حقيقي أو معنوي من غير التابعية اللبنانية». فيما يشير مرسوم آخر إلى أن «كل أجنبي يرغب الدخول إلى لبنان لتعاطي مهنة أو عمل، بأجر أو بدون أجر، عليه أن يحصل مسبقا على موافقة وزارة العمل والشؤون الإجتماعية قبل مجيئه إليه». وجاءت الممارسات التطبيقية لمرسوم تنظيم عمل الأجانب وتفسيراته من قبل الوزارات المعنية لتضع تعقيدات جديدة لا تميّز ما بين الأجنبي القادم إلى لبنان وبين الفلسطيني المقيم فيه، بل إن الإستنساب في تطبيق القانون قاد عمليا إلى إقفال باب سوق العمل اللبنانية أمام العمالة الفلسطينية بمختلف أنواعها، ومهاراتها.

لذلك، فإذا كان عمل الأجراء الفلسطينيين مرهونا بتحقيق بعض الشروط كإجازة العمل وغيرها، فإن المنع بالنسبة لأصحاب المهن الحرة كالأطباء والمهندسين والمحاسبين، الخ.. جاء بشكل مطلق، وذلك إستنادا لما ورد في قانون العمل الصادر في 23 أيلول (سبتمبر) 1946، خاصة في بند النقابات وحق الإنتساب اليها، إذ إشترط نصاً، في المادة 91 على من يريد الإنتساب إلى أي نقابة، «1- أن يكون من الجنسية اللبنانية ومتمتعا بحقوقه المدنية وأن يمارس المهنة وقت الطلب»؛ فيما أجازت المادة 92 من نفس القانون للأجانب «أن ينتسبوا إلى النقابة إذا توفرت فيهم بعض الشروط وكان مصرحا لهم بالعمل في لبنان(..) على أنه لا يجوز للأعضاء الأجانب أن يَنتخبوا أو يُنتخبوا وإنما يحق لهم أن ينتدبوا أحدهم لكي يمثلهم ويدافع عنهم لدى مجلس النقابة».

■ إنسجاما مع ما ورد في قانون العمل، جاءت نصوص الأنظمة الداخلية لجميع النقابات المهنية لتمنع الفلسطينيين من حق ممارسة جميع المهن الحرة تقريبا، بل أن القاسم المشترك بين جميع الأنظمة الداخلية لهذه النقابات هو إشتراطها لمن يريد ممارسة مهنة في لبنان أن يكون لبنانيا منذ أكثر من عشرة أعوام، أو أن تلتزم دولة طالب ممارسة المهنة بمبدأ المعاملة بالمثل. واعتادت وزارة العمل أن تعاقب الذي يستخدم أجنبيا بعقد عمل بدون موافقة مسبقة أو إجازة عمل بغرامة مالية مرهقة، الأمر الذي دفع بالعدد الأكبر من المؤسسات المهنية وأصحاب العمل اللبنانيين إلى العزوف عن تشغيل الفلسطينيين لديهم، فيما لجأ آخرون إلى تشغيل فلسطينيين دون تصريح، ما أبعد عنهم الحماية القانونية واستبعاد جميع الحقوق المتوجبة على صاحب العمل.

مسألة الإستحصال على إجازة العمل تعتبر القضية المحورية في كل ما له علاقة ليس فقط بحق العمل، بل وبحق الإنتساب إلى النقابات. واستنادا إلى قانون العمل، فإن للوزارة الحق في إعطاء التراخيص أو منعها وفقاً للمادتين 86 و87 من قانون العمل، ما يعني أن الفلسطيني بالتفسير الواقعي، لا يحق له لا إنشاء نقابة، ولا حتى الإنتساب إلى النقابات الموجودة لعدم تمتعه بأكثر من شرط، منها شرط الجنسية، وشرط المعاملة بالمثل، وشرط الحصول على إجازة العمل.

■ ورغم رأي البعض أن مسألة عمل أصحاب المهن الحرة الفلسطيني قضية تتعلق فقط بالنقابات المهنية وتخرج عن صلاحيات البرلمان اللبناني، إلا أن التعاطي القانوني يشير إلى عكس ذلك؛ فهذه النقابات، خاصة تلك المنظمة بقوانين، تعمل وفق قوانين تنظم عملها، ومن أعطاها الحق بالإشراف على هذا التنظيم هو المُشرِّع، أي البرلمان الذي يبقى له الحق في إقتراح أي تعديل يراه مناسبا باعتباره مجلسا للتشريع في كل ما له علاقة بالإقليم المخوَّل بسن قوانينه ضمن حدوده.

صحيح أن هذه النقابات المهنية لا تخضع لأحكام قانون العمل أو لغيره من القوانين، بل لقوانينها وأنظمتها الخاصة، سواء لجهة تحديد شروط الإنتساب الذي يعتبر النقطة الأساسية في تحديد من له حق مزاولة المهنة فوق الأراضي اللبنانية، أو لجهة وضع أنظمتها الداخلية، إلا أن البرلمان صاحب الحق في إنشائها يبقى له صلاحية التعديل على أي من قوانين تنظيمها، سواء بمفرده، أو بالتشاور والتعاون مع مجالسها المنتخبة■

(4)

المهن المحظورة على الفلسطيني

■ تتوزع المهن المحظورة على الفلسطيني ممارستها على نحو 36 مهنة، هي: الطب العام، طب الأسنان، الطب البيطري، العلاج الفيزيائي، صنع وبيع النظارات، فتح واستثمار دور الحضانة، الصيدلة، التمريض، القبالة، إدارة المختبرات الطبية، ملكية المختبر الطبي، فني مخبري مجاز، خاتن، تحضير وتركيب الأطراف الإصطناعية والأجهزة التقويمية، إدارة مركز نقل الدم، معالج إنشغالي، مراقب صحي مجاز، عامل صحي، مجاز في علم التغذية، ملكية المستشفيات الخاصة، المحاماة، الهندسة، الهندسة الزراعية، الطوبوغرافيا، الملاحة الساحلية، بيع التبغ بالجملة، خبير محاسبة، صاحب أو مندوب مكتب إستقدام عاملات الخدمة المنزلية، دليل سياحي، صاحب لوحة سيارة عمومية، تعليم قيادة المركبات، تعقيب المعاملات لدى مصلحة تسجيل السيارات، رخصة قيادة عمومية، العمل ضمن القطاع العام بكافة أسلاكه، والمؤسسات العامة..

■ تتوزع المهن السابقة على شكلين من التنظيم، فجميعها منظمة بقانون، لكن عدد منها غير مرتبط بنقابة، وبعض النقابات جعل من الإنتساب إليها شرطا لممارسة المهنة، وقد خصص المشرع اللبناني 4 مهن حصر حق ممارستها باللبناني دون غيره، وهي مهن: المحاماة، الطب البيطري، القبالة، ومهنة التمريض قبل ان يطرأ تغيير في موقف النقابة من الأخيرة، لجهة الطلب من الوزارات المعنية السماح للممرضين الفلسطينيين بالعمل نظرا لحاجة السوق اللبناني إليهم. أما بالنسبة للنقابات التي تسمح للاجيء بممارسة المهنة فهناك شرطان يعتبران تعجيزيان بالنسبة للفلسطيني، ويقفان حائلاً أمام إمكانية الإنتساب إلى النقابات المهنية، وتاليا ممارسة المهنة وهما: المعاملة بالمثل، وأن يكون طالب المهنة مسموح له بممارستها في بلده؛ وهما الشرطان اللذان أشار إليهما قانون العمل، وتبيَّن بالتجربة وبالتفسيرات الإستنسابية إستحالة تطبيقهما على الحالة الفلسطينية.

■ ما العمل وكيف يمكن تجاوز هاتين المعضلتين لفتح الطريق أمام المهنيين الفلسطينيين، أو أقله البعض منهم، لممارسة المهنة دون أية ملاحقات قانونية؟

يجيب المحامي كريم نمّور من «منظمة المفكرة القانونية»، على هذا السؤال بقوله: «إن الجدل حول ما إذا كان الفلسطينيون رعايا دولة عربية أو عديمي الجنسية أمر محسوم لمصلحة الخيار الثاني. وإن الفلسطينيين، بالمعطى القانوني، هم عديمو جنسية أو أنهم على الأقل رعايا دولة غير مكتملة العناصر». وإن الخرق يمكن أن يكون على الصعيد القضائي، فالمادة 7 من إتفاقية 1954 بشأن وضع الأشخاص عديمي الجنسية تنص في الفقرة 2 منها على: «يتمتع جميع عديمي الجنسية، بعد مرور 3 سنوات على إقامتهم، بالإعفاء، على أرض الدول المتعاقدة، من شرط المعاملة بالمثل.. صحيح أن لبنان لم يوقع الإتفاقية، لكن لها مكانة معنوية ويحق للقاضي اللبناني الإسترشاد بها..».

«أما بالنسبة إلى القانون الوضعي اللبناني.. فإن مجالس العمل التحكيمية قد طوّرت إجتهادها لجهة إلغاء شرط المعاملة بالمثل، لعدم إمكان إخضاع إجير لشرط مستحيل، والشرط المستحيل هو شرط باطل. كذلك هناك إستقرار في رأي هيئة التشريع والإستشارات في وزارة العدل منذ الخمسينيات بشأن أن المعاملة بالمثل لا تنطبق على اللاجئين الفلسطينيين».

بقلم/ فتحي كليب