بعدما اشتدّتْ الحربُ في بلدٍ ما زالت صامدة، رغم ما تعرضت له من دمارٍ، قرر والد وطفله الهروب مع مهاجرين آخرين إلى دولة أوروبية، فصعدا على متن قارب متهالك، وكان مزدحما بالمهاجرين، وانطلق القالرب تحت جنح الظلام رغم طلوع القمر في ليلية صيفية، وكان حينها البحر هادئا، لكن بعد إبحار القارب لعشرات أميال بحرية، هبت فجأة عاصفة هوائية من رياح عاتية، وبدأ القارب يترنح من الموج العالي، الذي كان يضرب القارب بقوة، ولكن القارب لم يصمد، وبدأ يغرق وعلا صياح المهاجرين، وغرق معظمهم، والبعض منهم حاولوا السباحة ليصلوا إلى الشاطئ، لكن من شدة التعب غرق الكثير منهم، أما الوالد وطفله فتشبثا بلوحٍ خشبي، واستطاعا الوصول إلى الشاطئ، وهناك تفقّد الوالد طفله، وسأله كيف أنت ألم تصب بأي أذى؟ فرد الطفل كلا، لكنني رأيت غضبَ البحر، الذي بدا غضبا أزرق، فتحت ضوء القمر رأيت غضب البحر فقال له والده المهم الحمد لله على سلامتنا، لكنني أحزن لموت الآخرين، فغضب البحر يا بني حينما يهيج لا يعرف أية عاطفة تجاه أناس هاربين من الموت، فحزني سيظل على أناسٍ سيغرقون ما دامتْ الحرب سبباً لهروب الناس من أوطانهم..
بقلم/ عطا الله شاهين