أكد أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د.صائب عريقات، أنه قد آن الأوان لأن تضطلع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بمسؤولياتها القانونية والسياسية لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة وإيجاد حل سياسي عادل ودائم للقضية الفلسطينية التي بقيت بنداً على أجندة الأمم المتحدة منذ واحد وسبعين عاماً. من جانبه دعا عضو اللجنة التنفيذية ورئيس دائرة اللاجئين أحمد أبو هولي الدول إلى التفكير استراتيجياً وبشكل جدي في دعم موازنة الأونروا لمدة ثلاث سنوات وجعلها أكثر استقراراً في ظل التحديات المحدقة بها.
جاء ذلك خلال لقاء عقده عريقات وأبو هولي مع الدبلوماسيين الدوليين في سياق انعقاد اجتماعات الدورة الـ 74 للجميعة العامة الأسبوع المقبل بنيويورك وفي إطار دعم الحشد السياسي والمالي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا".
وذكّر عريقات في مستهل اللقاء بقرارات الأمم المتحدة التي اتخذت في السنوات الأخيرة، مشيراً إلى "عدم تنفيذ الولاية المنصوص عليها في قرار إصدار قاعدة البيانات المتعلقة بالمستوطنات العاملة في المستوطنات، وعدم تنفيذ قرار مجلس الأمن 2334 ليس فيما يتعلق بوقف جميع الأنشطة الإستيطانية فحسب بل وبوقف نقل المستوطنين الإسرائييلين إلى أراض محتلة، ووقف الاعمال الارهابية ضد المدنيين وجميع الأعمال الاستفزازية، والتحريض والهدم والتهجير القسري وغيرها، ولم يتم اتخاذ التدابير لتوفير آليات تنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتوفير الحماية الدولية العاجلة للشعب الفلسطيني، وعدم تنفيذ توصيات قرار مجلس حقوق الانسان بشأن المساءلة في سياق مسيرات العودة الكبرى، واعتماد إجراءات فعالة ضمن إطار سقف زمني محدد، ورفع الحصار عن قطاع غزة وجعلها قابلة للحياة، وعدم محاسبة إسرائيل على إنهاء بعثة التواجد الدولي المؤقت في الخليل TIPH، وعدم محاسبة إدارة ترامب وجواتيمالا وهندوراس وناور لخرق قرارات الأمم المتحدة".
وتساءل عريقات: "هل أصبح القانون الدولي عدواً لبعض الدول؟ وأضاف "إن التخلّف عن تنفيذ القرارت الأممية يعمل على إضعاف الإجماع الدولي في تحقيق حل الدولتين المستند إلى القانون الدولي ومرجعيات السلام، ويترك فراغاً تسده الإدارة الأمريكية وإسرائيل بفرض منطق القوة والهيمنة".
وركز على مسؤولية الدول في الاعلان عن موقف واضح من سياسات وانتهاكات الاحتلال وبشكل خاص الضم غير القانوني، موضحاً تداعياته على رؤية حل الدولتين، وعلى المنظومة الدولية ككل، وضرورة اتخاذ مواقف دولية مشتركة وجماعية في إدانة ورفض ممارسات سلطة الاحتلال على أرض فلسطين بما فيها القدس الشرقية، وتنفيذ آليات المحاسبة على إسرائيل، السلطة القائمة بالإحتلال، وتوفير الحماية الدولية العاجلة.
وفي نفس السياق، أكد عريقات أن ممارسات الأدارة الأمريكية تستهدف النظام الدولي ومنظماته المتعددة الأطراف، مورداً "الأونروا" كأحد أبرز الأمثلة على ذلك، معتبراً أن الهجوم على الأونروا هجوم وإعتداء على النظام الدولي بكامله، وتدمير القانون الدولي وفرض الأحادية ومنطق القوة والهيمنة بديلاً عنه.
وأفاد عريقات أن المساءلة أداة من أدوات العدالة التي لا يمكن تحقيق السلام من دونها، وقال: "للأسف فإن المحاسبة تسري على الشعب الفلسطيني الواقع تحت الإحتلال فقط، من فرض العقوبات على المؤسسات، وتعليق الدعم المالي عن بعض المدارس، وووسم الشهداء والأسرى بمسميات الإرهاب، ومراقبة مناهجه التعليمية، وملاحقه منظماته المدنية والنشطاء السلميين،وقد تجاوزت حدود التحريض الإسرائيلي إلى حد قطع الأموال الأمريكية وتجميد بعض الدول الأخرى الأموال عن الأونروا".
وطالب عريقات الدول باستثمار جلسات الجمعية العامة من أجل إيضاح مواقفهم المدينة للاستيطان في خطاباتهم وترجمتها من خلال رفع الحصانة عن إسرائيل ومساءلتها على إحتلالها الذي تحول إلى استعمار بعد 52 عاماً، ومشروعها الإسيتطاني وبنيته التحتية المرتبطة به، والقوانين العنصرية، ومراجعة العلاقات والاتفاقيات المشتركة بين دولهم وإسرائيل، وإدراج الأخيرة على قائمة الدول التي تنتهك حقوق الإنسان وحقوق الأطفال، ومحاسبة جميع الدول التي تنقل سفاراتها إلى القدس وتخرق القانون الدولي وإنزال العقوبات عليها، وقطع العلاقات السياسية والتجارية والدبلوماسية معها.
من جانبه، أطلع عضو اللجنة التنفيذية أبو هولي المسؤولين الدوليين على آخر المستجدات المتعلقة بالأونروا واللقاءات التي عقدها في عمّان والإجتماع الطارئ لمؤتمر المشرفين في القاهرة لبحث آلية دعم تجديد تفويض ولاية الأونروا.
واستعرض أبو هولي الخطوات التي قامت بها إدارة ترامب ضد الأونروا، مبيناً "أننا نواجه تحديات خطيرة تتمثل في سد عجز مالي في ميزانية الأونروا وهو بقيمة 120مليون دولار حتى نهاية عام 2019، بالإضافة إلى مؤتمر التعهدات الذي سيعقد في نيويورك في 26 أيلول القادم، والتشكيك بالوكالة ومصداقيتها، وتجديد تفويض ولاية الانروا لمدة ثلاث سنوات ". مؤكداً أن إدارة ترامب تقوم بتسييس المساعدات الإنسانية، وتحاول فرض مشاريع التوطين والدمج لمجتمعات اللاجئين في الدول المضيفة، وأنها تزيد من معاناة اللاجئين في ظل الأزمة المالية المتدهورة للوكالة بسبب قطعها نحو 300 مليون دولار عن الوكالة، وذلك تمهيداً للقضاء على قضية اللاجئين تساوقاً مع خطة اليمين الإسرائيلي المتطرف.
وعرض ابو هولي الآثار الخطيرة المترتبة على تقليص الأموال والخدمات للاجئين الذين يعتمدون على هذه المساعدات الدولية في ظل غياب حل سياسي عادل، مذكراً بأن الأونروا ليست مؤسسة فلسطينية، بل منظمة دولية.
وأوضح أن منظمة التحرير قد أرسلت رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة طالبت فيها بالإسراع في إنهاء التحقيق لكي لا يؤثر ذلك على تأخير الخدمات التي تقدمها الأونروا وتحمّل اللاجئين لمزيد من المعاناة بسبب ذلك، كما وجهت رسالة لجميع دول العالم لحثها على الاستمرار بدعمها للأنروا وتجديد التفويض، وعدم ربط الإدعاءات بقضايا الفساد بمصالح اللاجئين واستمرارية الأونروا في تقديم خدماتها". معرباً عن أسفه من القرار الذي اتخذته كل من سويسرا وهولندا وبلجيكا ونيوزلاندا، ودعاها إلى التراجع عن قراراتها، واستئناف دعمها للأونروا، وأضاف: "التصويت الساحق على تجديد التفويض للأنروا هو الرد الطبيعي الذي يعبر عن الإرادة الدولية في مواجهة مخططات الإدارة الأمريكية وسلطة الاحتلال تفكيك النظام الدولي ومنظمات وقرارت الأمم المتحدة".
وأعلن أبو هولي عن الموقف الفلسطيني الداعم لضرورة المساءلة والمكاشفة والشفافية والمتابعة، على أن لا يتم ذلك على حساب ولاية الأونروا واحتياجات اللاجئين، ودعا الدول الأعضاء إلى التركيز على إنجاح مؤتمر التعهدات الذي سينعقد في 26 أيلول في نيويورك، والإيفاء بالتمويل باعتباره التزاماً قانونياً وأخلاقياً حتى يتم ايجاد حل عادل لقضية اللاجئين، والتصويت بفاعلية لتجديد ولاية الأنروا لثلاث سنوات قادمة في الجمعية العامة.
ودعا ابو هولي الدول الى أجل التفكير استراتيجياً بوضع موازنة لمدة 3 سنوات كاملة، من أجل ضمان الاستقرار المالي للأنروا واستمرار عملياتها الانسانية والإغاثية، وأضاف: " إن الإبقاء على الأونروا ليس هدفاً بالنسبة لشعبنا الفلسطيني، على العكس من ذلك، فإن عداة السلام الذين يقطعون التمويل ويحاولون إنهاء دورها هم من يطيلون أمد بقائها من خلال تدميرهم فرص أي حل سياسي عادل ودائم يفضي إلى إنهاء الاجتلال وتجسيد سيادة فلسطين على حدود 1967، وايجاد حل لقضية اللاجئين وفقاً للقرار الأممي 194." موجهاً الشكر والتقدير لجميع الدول التي ساهمت في دعم الأونروا مالياً، وتلك التي التزمت بإستمرار دفع استحقاقاتها المالية.
من الجدير بالذكر أنه تم توزيع تلخيص حول تقريرشبكة تقييم المنظمات المتعددة الأطراف MOPAN بخصوص الأونروا، والذي يؤكد على شفافيتها وكفائتها.