الثلاثاء الماضي حدث شيء ما في إسرائيل. إعلان بني غانتس عن قراره السعي إلى إقامة حكومة وحدة علمانية. وعلى فرض أنه إعلان سليم فإنه لا يقل عن كونه علامة طريق تاريخية. افيغدور ليبرمان يلعب في هذه العملية دور المبشر الذي توقع قبل الجميع الإمكانية الكامنة ورسم الطريق. الاثنان مع يئير لبيد، الذي يقف خلف الاستراتيجية التي أعلن عنها غانتس، تعرضوا في السابق إلى انتقادي الشديد. أما الآن فيستحقون مني الثناء. من المهم أن أوضح: شخصياً، كنت أفضل حكومة يسار – وسط علمانية وليس حكومة وحدة. ولكن الاستطلاعات تدلل على أن هذا ليس سيناريو واقعياً. الاختيار في هذه الحالة يتقلص إلى ثلاثة احتمالات: حكومة يمينية أو حكومة وحدة مع الأصوليين ومع حزب يمينا كما يبدو، أو حكومة وحدة علمانية مع ليبرمان. حتى لو لم يتم تحقق كل رغباتي، فإن حكومة علمانية يمكنها أن توقف الانجراف نحو التوجه الديني والحريدي، وإبطاء أو حتى وقف عملية التهويد في جهاز التعليم والجيش، وخلق جدول أعمال مدني وإدارة مالية غير خاضعة لحاجات المجموعتين السكانيتين، المتخصصة في تلقي ميزانيات عامة: المستوطنين والأصوليين. كان ليبرمان أول من رفع راية حكومة كهذه، ولكنه لم يكن من الواضح إذا كان “أزرق أبيض يسير في القارب نفسه. حتى الثلاثاء، بدا أن غانتس يسعى بدأب وراء شركاء متدينين وحريديين، وتم الحديث عن توتر بينه وبين لبيد حول ذلك. والأهمية التاريخية لهذا الإعلان: أخيراً.. مرشح جدي لرئاسة الحكومة من قبل الجمهور العلماني يعلن أن هدفه تشكيل حكومة تخدم مصالح جمهور ناخبيها، وهو يفضل هذه المصالح على النموذج الذي سيطر خلال عشرات السنين: كل علماني معني بمنصب رئيس الحكومة مستعد لبيع جمهوره ويعطي كل ما هو مطلوب لجمهور آخر من أجل رفعه إلى سدة الحكم. إذا تشكلت حكومة وحدة علمانية، التي يكون فيها للعلمانية أهمية في تشكيل وجه الدولة، فسيكون هذا تحقيقاً لحلم نشطاء علمانيين مثلي، الذين يناضلون من أجل هذا الهدف في السنوات الأخيرة. من جهة أخرى، إذا اقتصر الحديث على مناورة دعائية، فسرعان ما سيكتشف غانتس أن جمهوره غير مستعد لأن يشتري منه خرق الوعود. لم أكن لأسارع في استبعاد احتمالية أن تتشكل أغلبية 61 مقعداً لليمين، تؤدي إلى تشكيل حكومة يمينية – متدينة برئاسة نتنياهو. فتلك حكومة بمنزلة كابوس يجب أن يخاف منه كل شخص ذو
رؤية ليبرالية. الحكومة التي سيطرت هنا في السنوات الأربع الأخيرة كانت الحكومة الأسوأ من ناحية الجمهور العلماني الليبرالي. بينيت أدهش في توجيه ضرباته للتعليم. وشكيد لجهاز القضاء. التعيينات قصيرة المدى لرافي بيرتس لمنصب وزير التعليم وسموتريتش لمنصب وزير المواصلات، أثبتت أن الحكومة يمكنها كسر الأرقام القياسية السابقة، هذا حتى قبل أن يبدأوا بتشريح تعزز القوة الحريدية الذي أدى إلى توسيع طلب الفصل بين الجنسين وتحويل الميزانيات إلى المدارس الدينية. تظهر الاستطلاعات بصورة مؤكدة أن ليس هناك إمكانية لتشكيل حكومة يمين كهذه، لكن هل يمكننا الاعتماد على الاستطلاعات؟ تجربة الماضي تبين أن الاستطلاعات تميل إلى الاتجاه اليساري والعلماني، في انتخابات نيسان حصلت كتلة اليمين – المتدينين الحريديين – على 60 مقعداً (بدون ليبرمان)، بعد فقدانها لخمسة مقاعد؛ بسبب فشل اليمين الجديد وزهوت في اجتياز نسبة الحسم. ربما يعكس هذا المعطى الواقع أكثر من الاستطلاعات التي نتغذى جميعنا عليها. لذا، علينا ألا نكون متسرعين فنطمئن إلى استحالة هذا التهديد. من أجل ضمان تشكيل حكومة وحدة علمانية علينا ضمان، بصورة غير اعتيادية، وجود جميع الجهات التي ستمنع تشكيل حكومة يمين – متدينين – حريديين. هذا يعني أن “إسرائيل بيتنا” يجب أن يكون قوياً ويأخذ مقاعد علمانيين يمينيين. فعلياً، من يؤيدون الليكود من اليمين عليهم الفهم بأن التصويت لليكود هو تصويت للمتدينين الحريديين، في حين أن التصويت لـ “إسرائيل بيتنا” سيحافظ على الليكود في الحكومة، لكن في حكومة علمانية. على “أزرق أبيض” أن يكون قوياً كي يفرض مواقفه الجديدة. وعلى العمل والمعسكر الديمقراطي اجتياز نسبة الحسم. وأي تعثر لواحد من هذه الأحزاب سيخلق فرصة جيدة لحكومة دينية يمينية. المعسكر الديمقراطي لن يذهب مع المتدينين والحريديين. لكن، سنسمح لأنفسنا بأن نطلب من حزب العمل الإعلان عن أنه لن يتعاون مع حكومة كهذه. أخيراً يجب أن تكون القائمة المشتركة قوية من أجل أن يتحقق هذا الحلم.