دعا وزير الخارجية وشؤون المغتربين الفلسطيني رياض المالكي، اليوم الأربعاء، وزراء الخارجية العرب للعمل الحثيث من خلال علاقاتهم الثنائية ومتعددة الأطراف مع الدول الأعضاء والمجموعات الجغرافية الدولية في الأمم المتحدة، للحصول على تصويت واسع لصالح قرار تجديد تفويض وكالة الغوث "الأونروا".
كما دعا المالكي، في كلمته في الجلسة الثانية المغلقة أمام مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب في دورته 152 والتي انطلقت اليوم برئاسة العراق، الأمانة العامة وبعثاتها في الخارج، ومجالس السفراء العرب، والبرلمان العربي، إلى بذل أقصى الجهود، بما في ذلك القيام بزيارات وإرسال رسائل عاجلة إلى دول العالم، لحثها على التصويت لصالح تجديد التفويض إلى أن يتم حل قضية اللاجئين الفلسطينيين حلاً عادلاً وفق قرار الجمعية العامة رقم 194 لعام 1948، مؤكدا رفض المحاولات الإسرائيلية والأميركية المحمومة لتجفيف قضية اللاجئين الفلسطينيين، من خلال محاولات إضعاف وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وتقويض تفويضها الدولي وقدرتها على أداء مهامها في إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، مضيفا: إن تجديد تفويض الأونروا سيطرح على الدورة 74 القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن المنتظر أن يجري التصويت على مشروع قرار تجديد تفويض الأونروا في منتصف نوفمبر القادم.
وقال: لقد تخطت الجرائم الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني كل الحدود، من مضاعفة الاستيطان غير القانوني على أرضنا ونهب مواردنا وسرقة أموالنا، إلى قتل واعتقال المدنيين والأطفال والنساء، إلى انتهاك حقوق الإنسان وحرية العبادة، واقتحام المقدسات وإغلاق المسجد الأقصى المبارك وحملات تهويد مدينة القدس المحتلة، إلى حصار الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وحرق أشجار الزيتون المعمّرة وهدم مئات المنازل السكنية الفلسطينية في مدينة القدس المحتلة وضواحيها، بما فيها ما حدث مؤخراً في قرية صور باهر جنوب القدس، ضمن حملة ممنهجة من التهجير الجماعي القسري، تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي في هذا الحي المحاذي لجدار الفصل العنصري، والذي يقطنه حوالي 6 آلاف فلسطيني، حيث يتم استهداف هدم (100) بناية سكنية في الحي.
وأوضح، أن كل هذا يثبت للعالم بأن إسرائيل قد اختارت طريق العدوان على طريق السلام، وتخلت عن التزاماتها بموجب الاتفاقيات الموقعة معها، ولذلك فقد اتخذت القيادة الفلسطينية توجهاً مبنياً على قرارات المجلسين الوطني والمركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، بالانفكاك عن الاحتلال الإسرائيلي، وإعادة النظر بالاتفاقيات الموقعة مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي سياسياً واقتصادياً وأمنياً، سعياً لترسيخ الاستقلال الفلسطيني والشخصية الاعتبارية والقانونية لدولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
وقال المالكي مخاطبا مجلس الجامعة العربية، نجتمع اليوم من أجل اتخاذ قرارات تعبر عن مواقفنا وتلبي مصالحنا العربية المشتركة، لكن ما فائدة هذه القرارات إذا كنا لا ننفذها، والأمر الأكثر إضراراً هو أن نمارس ما هو عكس الذي نقرره في الجامعة العربية، حيث اتخذت القمة العربية الأخيرة في تونس قراراً ينص على رفض أي صفقة أو مبادرة لا تنسجم مع المرجعيات الدولية لعملية السلام في الشرق الأوسط، ويحذر القرار من محاولات تصفية القضية الفلسطينية عبر قصر حلها على حلول إنسانية واقتصادية بعيدة عن الحل السياسي العادل، ويحذر أيضاً من تماهي أي طرف مع هذه المخططات الخبيثة، مشددا على ضرورة تنبه أشقائنا العرب لمثل هذه المحاولات التي تهدف إلى الالتفاف على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
وأضاف، إن فلسطين قامت في سبتمبر الماضي برفع دعوى قضائية ضد الولايات المتحدة الأميركية أمام محكمة العدل الدولية، لانتهاكها القانون الدولي ونقل سفارتها إلى مدينة القدس المحتلة، على أساس أن ذلك يشكل انتهاكاً لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية، والتي تنص على أن البعثة الدبلوماسية للدولة المُرسِلة يجب أن تنشأ على أرض الدولة المستقبلة، مضيفا أن المحكمة أصدرت أمراً حددت فيه توقيت تقديم المرافعات الخطية بمدة أقصاها 15 نوفمبر 2019، أي تنتهي هذه المدة بعد حوالي شهرين.
وحث المالكي الدول العربية الشقيقة على تقديم مرافعات خطية تدعم موقف دولة فلسطين في هذه الدعوى القضائية، وفقاً للمادتين 62 و63 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، مشيرا إن هذه خطوة قانونية سلمية مشروعة وعملية للدفاع عن مصالحنا العربية في مدينة القدس، مضيفا: ندعوكم للقيام بها في أسرع وقت ممكن، لعلها تكون خطوة على الطريق الصحيح لوقف استهتار الإدارة الأميركية بمصالحنا، فقد وصل بهذه الإدارة الحال إلى حد المشاركة الفعلية لمسؤولين أمريكيين في الممارسات الإسرائيلية لتهويد مدينة القدس، حيث قام السفير الأمريكي لدى دولة الاحتلال وأحد مستشاري الرئيس الأمريكي، بالمساهمة مع سلطات الاحتلال في حفر نفق أسفل وادي حلوة في بلدة سلون بمدينة القدس الشرقية المحتلة، الهدف منه التأسيس لأضاليل وأكاذيب لتشويه هوية وتاريخ المدينة.
وقال: قبل أيام افتتحت جمهورية هندوراس مكتباً دبلوماسياً لها في مدينة القدس، منتهكة بذلك القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالمكانة القانونية لمدينة القدس، والأهم أنها انتهكت مصالحنا ومشاعرنا وأرضنا ومقدساتنا، غير عابئةٍ بما ستكون عليه ردود أفعال 22 دولة عربية و57 دولة إسلامية، تسكنها أمة عظيمة لها في القدس تاريخ وثقافة وهوية وموروث حضاري هائل يمتد لعشرات القرون من الزمن، وفي نفس الوقت اعترفت ناورو بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقد يكون الكثيرون منا لم يسمعوا عن ناورو من قبل ذلك، فهي جزيرة صغيرة في أعماق المحيط الهادي، مساحتها 21 كيلومتر مربع، ويسكنها 13650 إنسان.
ونوّه وزير الخارجية في كلمته، إنه أثناء إعداد مشاريع قراراتنا لمجلسكم الموقر، شعرنا ببعض التردد لإدانة مثل هذه الدولة الصغيرة، فضلاً عن مطالبة الدول العربية باتخاذ إجراءات عقابية سياسية واقتصادية ودبلوماسية ضدها، لكننا في النهاية آثرنا فعل ذلك، لأن قرارات الجامعة العربية، ما هي إلا صفحات للتاريخ وللذكرى، نسطر عليها آلامنا وإخفاقاتنا ونكساتنا ونكباتنا، تماماً كما نسجل عليها احتفالاتنا وإنجازاتنا ونجاحاتنا.
وتابع: إننا سندين مواقف ناورو، وهندوراس، والمجر، وغواتيمالا، وأستراليا، كما أدنا من قبل انتهاك الولايات المتحدة للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الخاصة بالقدس، لكن التاريخ قد يلومنا نحن أيضاً لأننا لم نفعل اللازم لحماية هويتنا وديننا وثقافتنا وممتلكاتنا في مدينة القدس، ونحن نعلم والأمم تعلم ما أهمية مدينة القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية بالنسبة للأمة العربية، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، والذي شهد في أول أيام عيد الأضحى المبارك، اقتحامات غير مسبوقة من عصابات المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين، تحت حماية ورعاية حكومة وشرطة الاحتلال الإسرائيلي، وذلك ضمن خطة إسرائيلية ممنهجة ومتصاعدة لتقسيم المسجد الأقصى المبارك زمانياً ومكانياً، الأمر الذي حذرنا منه مراراً وتكراراً، خاصة من على منبر الجامعة العربية.
وأعرب المالكي، عن تقديره وامتنان الشعب والقيادة الفلسطينية لكل الدول العربية التي ساهمت في الدعم المالي لدولة فلسطين، داعيا إلى الاستمرار في تقديم هذا الدعم لموازنة دولة فلسطين، وإلى تفعيل شبكة الأمان المالية، كما نصت قرارات القمم العربية المتعاقبة