أثار قرار دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، حل اللجان الشعبية بالمخيمات الفلسطينية في قطاع غزة، جدلاً واسعاً في أوساط حركة اللاجئين، حيث اعتبرته أوساط مجتمعية بأنه إعادة تدوير للجان السابقة والتفاف على العملية الديمقراطية، فيما دعا مهتمون للتجديد الديمقراطي والشراكة الوطنية بدمقرطة اللجان الشعبية وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، في الوقت الذي يحتدم الصراع ويأخذ أشكالاً مختلفة تلتقي جميعها عند الهدف الإستراتيجي لـ"صفقة ترامب- نتنياهو" لشطب قضية اللاجئين وإسقاط حق العودة.
ولم تتوقف الإدارة الأميركية عن مناصبة العداء للاجئين الفلسطينيين وحق العودة، بدءاً من إعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني واقتصاره على مواليد فلسطين قبل نكبتها عام 48 ونزع الصفة القانونية عن الملايين من ذريتهم. بل واصلت حربها على وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" بذريعة أنها تشكل عقبة في حل قضية اللاجئين، عبر الدعوة لحلها وفرض الحصار المالي بتجفيف منابعها، ونقل خدماتها للدول المضيفة تمهيداً للتوطين.
والتقطت الإدارة الأميركية بعض مظاهر الفساد والهدر في "الأونروا" لتبرر وقف تمويلها تمهيداً لحلها، وتحرض الممولين الغربيين ليحذو حذوها، وعدم تجديد تفويض ولايتها في الدورة القادمة للجمعية العامة للأمم المتحدة، في محاولة سياسية مكشوفة من إدارة ترامب لتفكيك الأعمدة الرئيسة لقضية اللاجئين والمتمثلة بالمخيم واللاجئ وتمسكه بحق العودة.
ويعود تشكيل اللجان الشعبية للاجئين في مخيماتهم للعام 1969 بعد فترة من تأسيس م.ت.ف أثناء تواجدها في مخيمات لبنان لتنظيم المخيمات ووضع أنظمة داخلية لها، وتعزيز ثقة اللاجئين بأنفسهم، لإيجاد جسم اجتماعي تمثيلي للاجئين لحمايتهم وحقوقهم والحفاظ على جوهر قضية اللاجئين، والدفاع عن حق العودة.
انتخابات أم تعيين؟
وتشكلت اللجان الشعبية في مخيمات قطاع غزة بالتوافق الوطني والشعبي بعد عودة مؤسسات م.ت.ف للضفة والقطاع وإعادة بناء وتفعيل دائرة شؤون اللاجئين عملاً بقرار المجلس الوطني الفلسطيني المنعقد في قطاع غزة في العام 1996، حيث تمثل تلك اللجان المجتمع الفلسطيني في المخيم بكافة فعالياته، والتي تبلغ نسبة اللاجئين في القطاع 64% من مليوني مواطن، فيما تبلغ نسبة اللاجئين المسجلين لدى "الأونروا" في قطاع غزة في العام 2018، ما نسبته 25% من إجمالي اللاجئين المسجلين لدى وكالة الغوث والبالغ عددهم نحو 6 ملايين لاجئ فلسطين وفق إحصائيات رسمية.
ويرى مراقبون أن إجراء انتخابات ديمقراطية للجان الشعبية في مخيمات قطاع غزة وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، ضرورة ملحة لضمان الشراكة الوطنية والتجديد الديمقراطي في صفوف حركة اللاجئين بديلاً لسياسة التعيين الفوقية والبيروقراطية التي تشكل مدخلاً للفساد، وتهميشاً لإرادة أبناء المخيمات ودورهم التشاركي.
ويبدي المراقبون أنه في حال تعذر إجراء الانتخابات، فبالإمكان الذهاب لتوافقات وطنية وشعبية لفترة انتقالية لحين إجراء الانتخابات وعلى قاعدة الشراكة الوطنية، في تشكيل اللجان الشعبية وإغنائها بالكفاءات والخبرات ورفدها بجيل الشباب، وتطوير العلاقة المتقدمة مع الشعب الفلسطيني لتوزيع الأدوار والمهام والخدمات، وتمكين وكالة الغوث من أداء دورها في تحسين خدماتها الأساسية في المخيمات ولعموم اللاجئين.
من جهته، طالب المختص في قضايا اللاجئين خالد السراج، بالإسراع في إعادة تشكيل اللجان الشعبية والتوافق في توزيع مهامها بعيداً عن المحاصصة والتدخلات الفصائلية في عمل لجانها، والعمل على تجييش الرأي العام العربي والدولي لتجديد التفويض لوكالة الغوث.
استنهاض اللاجئين
ويطالب المراقبون ببرنامج عمل يومي للجان الشعبية للنهوض باللاجئين أمام تعدد مرجعياتهم وتشكيل أجسام بديلة للجان في المخيمات، لاستنهاض حركة اللاجئين وتشكيل أدواتها النضالية وتطوير برامج عملها، والاستعانة بكل الكفاءات الوطنية والأكاديمية والاجتماعية، للدفاع عن قضايا اللاجئين وتوحيد حركتهم الجماهيرية وصيانة حق العودة وخدمات الأونروا، في ظل الاستهدافات الأميركية والإسرائيلية لقضية اللاجئين وحق العودة.
ويبين المراقبون أن حركة اللاجئين في قطاع غزة تقع عليها مسؤولية وطنية مميزة بمواصلة تحركاتها وضغوطاتها لتطوير آليات عمل دائرة شؤون اللاجئين وتوسيع مسؤولياتها عن اللاجئين في أماكن تواجدهم كافة، وتوفير الأدوات والآليات التي تفتح الأفق أمام دور نشط وأكثر فاعلية للدائرة بدعم المخيمات وتطويرها، وتوفير مقومات صمود اللاجئين ومواصلة الضغط على "الأونروا» لتحسين خدماتها المقدمة للمخيمات واللاجئين.
ويوضح المراقبون أن القوى الوطنية والديمقراطية في قطاع غزة تقع على عاتقها مسؤوليات وطنية بالانخراط في حركة اللاجئين وتطوير هياكلها وآليات عملها وإغناء برامجها، ومواصلة الضغط على دائرة شؤون اللاجئين لإجراء انتخابات للجان الشعبية وفق نظام التمثيل النسبي الكامل، وعلى رئاسة وكالة الغوث لزيادة خدماتها وتقديماتها وعدم الرضوخ للضغوطات الأميركية.