يفخر عبد الرحيم حامد بأن بلدته سلواد شرق رام الله، زرعت العام الماضي 200 شجرة تين، وهذا الصيف بدأت تحصد ثمار ما زُرِع، بعد عدة سنوات من إهمال الأرض.
منذ عقود خلت، كانت سلواد تربطها علاقة وثيقة بالتين، حيث كانت تشتهر بألذ هذه الفاكهة الصيفية.
حامد (50 عاما) لم يغب عن أرضه منذ أكثر من 30 عاما، يسترزق من خيرها وما تنتجه على مدار العام، لكن هذا العام كان مختلفا، وشجر التين يملأ البلدة بشكل كبير، فيصول ويجول بين أشجار التين بحثا عن الثمر الذابل ليحوله إلى "قطّين"، بعد أن يمر بعدة مراحل.
كان التين مصدر رزق رئيسي لمعظم الأهالي، والكثير منهم يستخدمونه لأغراض مختلفة، كالمربى، والقطين، الذي أصبح إنتاجه محصورا بين قلة لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، ومن بينهم عبد الرحيم حامد، الذي ما زال يحفظ هذا الموروث منذ ثلاثة عقود.
أشجار التين الكثيفة التي كانت تشتهر بها سلواد اختفت تدريجيا، بعد أن أصبحت الأراضي تعج بالمنازل الفارهة، والعمارات السكنية، وشق الطرق، الأمر الذي أدى إلى تقليص مساحة الأراضي الزراعية.
يقول حامد "كنت في السادسة من عمري عندما بدأت بالخروج إلى الحقول الزراعية من أجل جمع ثمار التين التي تسقط عن الشجر بعد أن تذبل، حيث كنت أذهب بها إلى أمي التي كانت تفرشه على التراب لمدة 4 أيام حتى تجف تماما، وتصبح قطينا".
ترك حامد جني ثمار التين في سنوات المراهقة، واتجه نحو العمل في ورش البناء، حتى تعرض لإصابة عمل أقعدته نحو شهرين في الفراش.
بعدها قرر عدم التوجه مجددا لورش البناء، وألا بعمل عند أحد، وعزم على العودة إلى الأرض التي عاش على خيرها.
كرس حامد، وهو أب لستة أبناء، حياته للأرض، حيث يعمل فيها على مدار العام، وفي هذا الوقت من العام يسترزق من بيع التين المجفف "القطين"، حيث ينتج في الموسم الواحد أكثر من 50 رطلا، يبيع الرطل الواحد ما بين 50 إلى 80 شيقلا .
تمر مرحلة تجفيف التين بعدة مراحل، تبدأ بجمع الثمار التي تسقط عن الشجر بعد أن تذبل، ثم يتم فرشها على التراب لمدة تصل إلى أربعة أيام تحت أشعة الشمس، حيث يتغير لونها إلى البني الغامق، وتصبح جاهزة للبيع.
وحسب حامد، فإن التين المجفف "القطين" له أنواع مختلفة، ومنها: السباعي، والبياضي، والغزيلي، والحمري، والشناري.
يخشى أن تفرغ أراضي سلواد من شجر التين خلال السنوات المقبلة، لذلك أخذ على عاتقه أن ينقل حب الأرض وعشقها إلى أبنائه وأبناء بلدته، وهذا ما حصل، حيث بدا مشهد غرس أشجار التين يعود تدريجيا للبلدة، التي كانت مشهورة بتينها.