أيام تفصل نتنياهو وحزبه عن انتخابات " الكنيست " ، الأكثر خطورة لجهة أنها الفيصل في تحديد مصير حياة نتنياهو السياسية ، إما فوزاً وتشكيل حكومة ، وأما سجناً ينتظره على طريقة سلفه أولمرت . والواضح حتى الآن أن نتنياهو يستشعر الخطر لأول مرة ، وهو الذي ألقى بأوراقه جميعاً خدمة لطموحه الجامح بهدف الوصول مرة جديدة إلى رئاسة الحكومة . تلك الأوراق مؤكدها أنها تستخدم في غير صالحه :-
أولاً ، بدءاً من سعيه لتغيير قواعد الاشتباك ، وكسر للخطوط الحمراء مع حزب الله ، الذي جاء رده سريعاً في استهداف العربة المدرعة من عمق الأرض الفلسطينية المحتلة ، وإسقاط الطائرة المسيرة فوق الجنوب . وهذا ما وعد به سماحة الأمين العام لحزب السيد نصر الله ، معيداً بذلك تثبيت قواعد الاشتباك والخطوط الحمراء .
ثانياً ، التوجه للناخب الصهيوني ، بأنه سيضم المستوطنات إلى سيادة الكيان ، والتعهد بعدم السماح بتفكيك أي منها في حال نجاحه . وهو قد ذهب إلى مدينة الخليل ودنس حرمها الإبراهيمي في ترجمة عملية لما أطلقه من وعود ، كسباً لأصوات المستوطنين الصهاينة هناك . ونتنياهو لم يقف عند هذا الحد ، بل أضاف ، عزمه ضم منطقة الأغوار في وادي نهر الأردن . الأمر الذي عرّضهُ وكيانه إلى سيلٍ كبيرٍ من الشجب والاستنكار والرفض ، حتى من قبل أنظمة عجلت في اتخاذ إجراءات تطبيعية مع كيانه ، ارتقت إلى مستوى العلاقات والتحالف معه .
ثالثاً ، ما تعرض له أثناء حملة انتخابية في مدينة أسدود ، على يد المقاومة التي إطلقت عدد من الصواريخ ، اضطرته إلى الفرار والإختباء في الملجأ . الأمر الذي جعله أضحوكة واستهزاء من قبل الصحافة العبرية ، ومسؤولين وقادة في الكيان ، يطالبونه القيام بعملية عسكرية ضد القطاع ، بهدف القضاء على المقاومة هناك .
رابعاً ، سعيه لدى الوسيط المصري من أجل شراء تهدئة ولو مؤقتة مع قطاع غزة تسبق الانتخابات ، وهذا ما عجلّ بوصول الوفد الأمني المصري للقاء قيادات في القطاع .
خامساً ، تردد الإدارة الأمريكية في شن حرب على إيران كما يطمح نتنياهو ، لكي يوظفها كورقة انتخابية . بل إنّ إدارة الرئيس ترامب لا تريد حرباً عسكرية ، على أمل أن تتمكن حربها الاقتصادية من جلب إيران مرغمة إلى طاولة المفاوضات ، والوقائع تعاكس ما تتأمله إدارة ترامب .
سادساً ، إقالة الرئيس ترامب لمستشار الأمن القومي جون بولتون ، الأكثر صهيونيةً ويمينيةً من نتنياهو ذاته ، يعد انتكاسة وخسارة مدوية لنتنياهو وأقطاب اليمين المتطرف بالكيان . الأمر الذي وصف باليوم الأسود الذي حلّ على الكيان
سابعاً ، وليس بعيداً عن ضربة إقالة جون بولتون ، تأتي فضيحة التجسس على البيت الأبيض من قبل أجهزة أمن الكيان الصهيوني ، والتي تتكشف فصولها تباعاً ، لتستكمل الضربة الموجعة التي تعرضّ لها نتنياهو . ولربما لإقالة بولتون علاقة بفضيحة التجسس تلك .
الأيام القادمة ستكون حاسمة في تقرير حياة نتنياهو السياسية ، خصوصاً أن هامش المناورة يضيق كثيراً ، هذا إذا بقي من هامش لقيام نتنياهو بإصلاح ما خربه على نفسه وحزبه ، بما فيها زيارته إلى موسكو للقاء لرئيس بوتين ، أملاً أن يجد رفاتاً أخر في انتظاره .
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني