تذكير أول: ثمة ظواهر مثل هذه تسمى تضامناً وتماهياً، وإن لم نسمع عنها منذ فترة طويلة. تذكير ثان: المواطنون العرب هدف لا يتوقف للهجمات والإقصاء والإهانة. وبصورة أقوى في الحملة الانتخابية الحالية.
تذكير ثالث: في النهاية، خلف الستار، بعد أن نخصم كل الاعتبارات المتطورة، الاستراتيجية والتكتيكية، يقف المواطن أمام ضميره وينتخب البطاقة الأقرب إلى قلبه. التصويت عملية للتعبير الشخصي والاستقلال الذاتي وخطوة من المشاعر والعقل والأخلاق، وهي تعبر عن الهوية الشخصية. هذه المقدمة تحاول إقناع أشخاص بالتصويت بعد الغد لصالح القائمة المشتركة.
هناك عدد قليل من اليهود الإسرائيليين الذين يمكنهم تصور ما هو معنى أن تكون عربياً في إسرائيل، وأن تتحدث العربية في الباص وأن ترتدي الحجاب في القطار وأن تنكشف على الإهانة في الشارع وفي وسائل الإعلام، وأن تحاول استئجار شقة في تل أبيب لترى أن إخوتك يسحقون تحت حذاء دولتك الوحشي. لا يوجد يهودي في العالم يعيش في ظروف كهذه الآن. لغتك مقصاة، وهويتك ممسوحة، وماضيك غير قائم، وكارثتك لم تحدث، ووجودك في البلاد مشروط، وأنت مشبوه على الدوام، إخوتك هم الأعداء، وأنت الطابور الخامس.
الحملة الانتخابية الحالية أدت بالتحريض إلى مستوى متدن جديد. بالنسبة لليمين، فإن خمس أبناء البلاد هم كيس اللكمات الذي يجرفون الأصوات بواسطته. لا يوجد اليوم أمر شعبي وموحد من زرع الكراهية ضد العرب. الوسط يشارك في احتفال التحريض، وهو لن يجلس في أي يوم مع العرب. الكهانيون والنازيون الجدد في إسرائيل هم أكثر شرعية من العرب.
تدور المعركة حول إبعادهم من الحياة البرلمانية ونزع الشرعية إلى درجة إخراجهم من القانون. كنيست يهودية ليست كابوس آخر الزمان، بل أصبحت حلماً قريباً. بعد ولاية أو ولايتين سنكون هناك. يجب أن نأخذ في الحسبان 110 أعضاء كنيست. العرب لا يؤخذوا في الحسبان. ما الذي يسألونه حولهم، مثلاً، هل يسمح لهم التواجد في لجنة الخارجية والأمن، هذه أسئلة غير مشروعة في أي برلمان في العالم، عندما يدور الحديث عن يهود مثلاً.
احتمالية الانضمام للحكومة التي طرحها أيمن عودة، رفضتها الأحزاب الكبيرة باستخفاف. افيغدور ليبرمان، أمل اليسار، لم يوافق على الجلوس قرب عضو من القائمة المشتركة في الكنيست، ولم يُطرد بصورة مخجلة. تخيلوا ما الذي سيحدث لعضو برلمان أوروبي أو أمريكي يرفض الجلوس إلى جانب عضو برلمان يهودي. رئيس الحكومة ووزير الأمن الداخلي عندنا يسمون الممثلين الشرعيين للمواطنين العرب بـ “مؤيدين للإرهاب”
و”مخربين”. تخجلنا هذه الظواهر، ولا نحرك ساكناً، فيما يمكن القيام بالخطوة الوحيدة لوضع نهاية لها، أو على الأقل إعطاء علامات للمواطنين العرب بأنهم ليسوا وحدهم. إن حجم القائمة المشتركة لا يقرر المصائر، ستكون القائمة الثالثة في حجمها والأخيرة في أهميتها في الكنيست. المهم هو أن عدداً كبيراً من اليهود سيصوتون لصالحها. سيكون هذا هو التصويت الاحتجاجي الحقيقي ضد اليمين وضد العنصرية، وإظهار التضامن الحقيقي مع المضطهد.
عرب إسرائيل يستحقون ذلك وهم بحاجة إليه. إنهم يستحقون معرفة أن الجميع ليسوا جلعاد اردان، بل هم الطبيب العربي في المستشفى والممرضة والصيدلانية والنادل وعامل البناء الذي يبني البلاد، جميعهم يستحقون أن يعرفوا بأنهم ليسوا وحدهم في بلادهم ودولتهم، وأن إسرائيل لن تلفظهم، مثلما يريد كثيرون. عشرات آلاف اليهود الذين سيصوتون لممثليهم هم الوسيلة لنقل الرسالة. الحرب ضد الأبرتهايد تبدأ بهذه الخطوة الصغيرة.
مسموح إظهار التضامن مع الضعيف، وأن نضع جانباً كل الاعتبارات الأخرى – حزب كبير، كتلة كبيرة – الذي لا أحد يقدر أهميته بصورة صحيحة. علينا الإظهار لسخنين والناصرة، وأيضاً لنوف هغليل والعفولة، أن هناك إسرائيل أخرى، لن تواصل الصمت والجلوس مكتوفة الأيدي.