يحاول الرّجُل المضطرب النّوْم ذات ليلة حينما جاءت عشيقته إليه على حين غرة، بعدما تغزل بها لكنه لم يأته النوم.. امرأةٌ عشيقة له منذ أيام فقط، لم تسأله حين نعستْ لماذا لا يأتيه النوم. لا يدري أهو يحبها أم يهوى جسدها العادي حتى أنها ليست بامرأة مغرية.. كانت ليلتها تنام بحده بهدوء تام ، أمّا هو فلمْ يدرِ حينها ماذا يفعل لأن النوم طار من عينيه في ليلة بدتْ مضطربة منذ بدايتها..
في أول نصف ساعة كان يتأمّل وجهها تحت ضوء الخافت الذي أشعله منذ مجيئها.. كان يخاف أن تصحو من نومها العميق. ظل ينظر إلى عينيها المغمضتين ويقول ما أروع هدوئكِ..
كان بين الحين والآخر يبتسم، ربما من تفاهةِ النظرات إليها. ظل يحدّق بها وكأنّه يراها لأول مرة، امرأة غريبة نائمة على تخته الخشبي، تذكره بعشيقة بدينة أتت إليه ذات زمن ولّى ولم تعد إليه البتة..
مرّ الوقت في تلك الليلة ببطء شديد، بينما كان يتأمل هدوء شفتيها المصطنعتين، وكان يسمع وقتها ضجة في الشارع، واعتقد حينها بأن شبحا لربما يغار من عناقنا العادي..
بقي الرجل المضطرب ساهرا، وأتته فكرة مجنونة أن يكتبَ نصّا، لكنَ جهاز اللابتوب لا يعمل، فيه عطلٌ منذ زمن، ولم يصلّحه، فراحَ يكتب بقلمه على حائط غرفته لكي تقرأه عشيقته عند استيقاظها في الصباح أراد تضييع الوقت من ليلة رآها طويلة .
كان يتمنى حينها لو أنها لم تنم بهكذا سرعة، لتقصّ عليه قصّة عشقها له فهي لم تحكِ له بعد لماذا تأتي إليه.. اعتقدَ أو جزمَ بأنها كانت أكثر عشقا به لو أنها تقصّ عليه سبب حبّها وتعلّقها به قبل أن تنام.. ظل ساهرا ويكتب نصّا مجنونا على حائط غرفته الذي طلّاه قبل أيام بلون أبيض.. قرأ ما كتب، وقال: أريد أن ترى ما كتبتُ عنها غدا..
غطى جسدها بلحاف جديد اشتراه قبل أيام لكي لا تبرد .. نظرَ إلى الساعة، وكأن عقاربها لا تدور.. الفجر اقترب، لكنه ظلّ مضطربا وأرقا، ولم ينم طوال الليل.. بقي ساهرا يتأمل جسد امرأة أخذت منه ما تريد ونامت بسرور مجنون..
قعدَ على سجادةِ الغرفة النظيفة وتناول سيجارة ودخنها بالقرب منها، وظلّ ساهرا حتى الصباح يتأمل هدوء نومها، وحين استيقظت العشيقة، قالت له: ألم تنم بجانبي، فقال لها: كلا لأنني كنت منشغلا في كتابة تقرير عن اقتراحات العمل ليوم غد نظرت حولها بعدما فركت عينيها ورأت كتابة على حائط الغرفة، فقالت له ما هذا؟ فقال لها كتبتُ نصا عنكِ، فراحت تقرأه بتمعن، وصمتت قليلا، وقالت بعد نهيهة، فعلا لا أدري لماذا آتي إلى عندك رغم أنني لم أحبك بعد؟ فهل بقيت بسهرك الأهبل تكتب عني أشياء لا أعرفها..
عطا الله شاهين