مما لا شك فيه فالحلول خارج الصندوق تعني الوقوع في فخ الفراغ الدستوري، الذي يفرض عبر تعيينات فوقية من نفوذ القوى الخارجية، وبالتالي فشعبنا الحر الابي لا يقبل بمثل هكذا تعينات من دوائر مكتبية من وراء البحر...!، بل وبعدما حُدد الموعد المصيري، سيقول كلمته عبر الصندوق ويختار من يقوده لبناء جزائر المستقبل الواعد، المستقبل الذي نحلم به جميعا.
يمكن القول إنه بعد خطاب السيد رئيس الدولة، وتنصيب السلطة الوطنية لتنظيم الانتخابات، تكون الجزائر قد دخلت مرحلة العد التنازلي نحو الانتخابات الرئاسية المرتقبة قبل نهاية العام الجاري، الشأن الذين يجعل الجزائريين أمام الأمر الواقع في ضرورة التجنّد الواسع لحماية مكاسب الحَراك السلمي الذي يتواصل منذ سبعة أشهر، وعليه فالاستحقاق الرئاسي القادم ستشكل فرصة فريدة من نوعها من شأنها أن تُمكن من إرساء الثقة في البلاد وفي نفس الوقت ستكون بِمثابة البوَابَة التي ندخل من خلالها في مرحلة واعدة، توطد لممارسة ديموقراطية حقيقية في واقع جديد، أقول ضرورة التَجنّد لجعل هذا الموعد نُقطة انطلاق لمسار تجديد منشود، بل والعمل جماعيا وبقوة لأجل إنجاح هذا الاستحقاق كونه سيمكننا من انتخاب رئيس جديد يتمتع بكامل الشروط الشرعية، رئيس يأخذ على عاتقه قيادة مصير البلاد وترجمة تطلعات الامة الجزائرية، التي في غالبيتها ستذهب إلى الانتخابات، التي مهما قيل عنها وسيقول عنها الرَّافضة والانفصاليون وذوو الأجندات المريبة والسفهاءُ من الناس، تعد الحل الديمقراطي الوحيد والناجع الذي سيسمح لبلدنا من تجاوز وضعها الرّاهن، وهذا ما أكدته القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، في كم من مناسبة في إطار جهودها المستمرة والمخلصة حفاظًا على النهجِ الدستوري والالتزام بمرافقةِ شعبنا في مسار التغيير بتغليب سبيل الحوار وتأكيد التمسُّك بالتوجه للانتخابات الرئاسية كهدف استراتيجي.
وعليه يظهر خيار الانتخابات هو الأكثر أمانا، لأنها بقدر ما تعد ضرورية، فهي أيضًا تعد مطلبا مستعجلا، ستفرز لأول مرة في تاريخ الجزائر رئيسا منتخبا يمتلك على الأقل الحد الأدنى من الشرعية الشعبية، يخرج البلاد من أزماتها وتكون له القدرة الكافية لفتح ورشات الإصلاح الكثيرة المنتظرة، وتؤهله لقيادة ترسانة لمواجهة التحديات الكبرى في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، والتصدي للتهديدات الخارجية المحدقة به، وبالتالي فالرهان اليوم هو الاستعداد القبلي للانتخابات القادمة بكل الوسائل، ودعوة أبناء الوطن لمزيد من الوعي في هذه المرحلة التي تمر بها بلادنا، وأن يحرصوا على وحدة الصف وجمع الشمل، ووحدة العقيدة والتوجه الحضاري، وأن يعملوا على توفير الأجواء بما يمكن البلاد من تجاوز أزمتها، والخروج بقوة يوم الخميس 12 ديسمبر 2019 لانتخاب رئيس جمهورية تتوفر فيه الشروط الموضوعية والضمانات الجماعية لإعادة بناء المؤسسات الشرعية للبلاد.
الصورة بهذا تكون قد اكتملت، وعليه فتحقيق النزاهة في دولة الحق والعدل من منظور ديمقراطي سليم، تتعدد فيه الأفكار والآراء وتتنافس فيه الإرادات الخيرة بالفعل والقلم والكلمة، ليس أمراً يسيرا لكنه ليس مستحيلا، عندما يرتفع وعينا الجماعي إلى مستوى مسؤولياتنا التاريخية، والتنويه أن الساحة السياسية اليوم لا مكان فيها للضعيف ولا للمتخاذل، أن الديمقراطية ليست قرارا وإنما مسار، يحتاج إلى الوقت وإلى التضحيات، وإلى تغيير الذهنيات كذلك.
بقلم/ عماره بن عبد الله