ان عنصرية نيتنياهو وتصريحاته خلال الحملات الانتخابية لم تنقذه من السقوط وبطبيعة الحال فان منافسة الجديد غانتس، لم يكن بمعزل عن تلك العنصرية التى تعكس طبيعية المجتمع الاسرائيلي المتطرف، وأن تكتل الحزبين متشابه بعدد الأصوات، فمن الصعوبة أن يقبل غانتس على تشكيل الحكومة لأنه مع الأصوات العربية يكون لدية 55 صوتا وهو بحاجة الى أصوات ليبرمان سواء كانت 8 أو 9 أو عشرة، وليبرمان من جانبه أعلن إنه لن يشارك في حكومة يرئسها نتنياهو، وهذا يعني بشكل او بأخر أنه لن يتحالف مع غانتس إذا ما حسبت له أصوات القائمة المشتركة، وفي المقابل لا يوجد ميل لإجراء انتخابات جديدة، وفى المحصلة النهائية فان الوضع يتجه نحو تشكيل حكومة وحدة للخروج من المأزق واستبعاد نيتنياهو من رئاسة الوزراء الذي سيقاتل حتى النفس الاخير من اجل بقاءه وعدم الذهاب الى السجن حيث تنتظره محاكمات بتهم الفساد والاختلاس والتزوير .
ليس غريبا ان يسقط نيتنياهو في الانتخابات الاسرائيلية فهو اعتمد اساسا على الكذب والمراوغة والإثارة ولم يكن واقعيا وتعامل بكل عنصرية وبالرغم من سقوطه ولم يكن بوسعه تشكيل الحكومة منفردا فان الاتجاه الان نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية من نخب المجتمع العنصري واستبعاد الاحزاب المؤيدة للسلام والقائمة العربية، فهذا اليمن المتطرف وتلك الافكار التى تؤيد استمرار الاحتلال وتدعو الى احتلال الضفة الغربية كاملة وشن الحروب علي قطاع غزة هي من انتخبها الناخب الاسرائيلي وهذا يعكس عقلية ممارسة العنصرية ويؤكد مجددا ان المجتمع الاسرائيلي غير جاهز لتحقيق السلام بالمنطقة ويكرس ممارسة الاستيطان والشروع بتنفيذ خطة ترامب المسماه اعلاميا صفقة العصر .
وبكل المقاييس فان خسارة وسقوط نتيناهو تعني خسارة ترامب وسقوط مشروع صفقة القرن، وان نتائج الانتخابات الاسرائيلية تثبت ان المجتمع الاسرائيلي اختار ( العنصرية والاحتلال ) واستمرار اليات القمع والتنكيل وممارسة ارهاب الدولة المنظم بحق الشعب الفلسطيني والمقدسات الاسلامية والمسحية في القدس الشريف، بدلا من اختيار المفاوضات مع القيادة الفلسطينية بعد الاعلان عن نتائج انتخابات الكنيست الـ22 ، وللأسف الإسرائيليين غير مؤهلين للسلام ونتائج الانتخابات الإسرائيلية تعيد انتاج هذا التطرف وتؤكد ان المنطقة تنتظرها سنوات صعبة للوصول الى معطيات حقيقية لصنع السلام وهذا الامر يتطلب من القيادة الفلسطينية عدم الانتظار والشروع فورا فى مواجهة ما يحدث ووضع الخطط والبرامج الكفيلة في الانفكاك عن الاحتلال وبناء المؤسسات الفلسطينية القادرة على حماية الدولة الفلسطينية ومواجهة استمرار حصار الاحتلال وإجراءات اعاقة السلطة وتقويضها، ولا بد من مواجهتهم من خلال تجسيد الوحدة الوطنية الفلسطينية والعمل على ايجاد صيغة لحلول منطقية لاستعادة قطاع غزة الي الشرعية الفلسطينية، والتوقف فورا عن استغلال سياسية العقاب الجماعي وحاجة ابناء الشعب الفلسطيني وظروفهم الانسانية لتكريس واقع الاحتلال وزيادة حجم التفسخ في النسيج المجتمعي الفلسطيني، وضرورة التحرك دوليا للانفتاح على دول العالم والإعلان رسميا عن عدم التعامل مع الولايات المتحدة الامريكية ووقف التنسيق معها بكل المجالات.
وعلى المستوى الشعبي الفلسطيني والعربي لا بد من حشد الجهود ودعم الرأي العام العربي والعمل على رفض صفقة القرن ومواجهة الارهاب الاسرائيلي المنظم الذي تقوده حكومات التطرف والإرهاب الاسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني والمقدسات الاسلامية في القدس الشريف، ولا بد من التأكيد على حقنا التاريخي في فلسطين كوطن تاريخي للشعب الفلسطيني.
ما آلت إليه نتائج الانتخابات الاسرائيلية تؤكد عدم وجود شريك اسرائيلي بالمنظور القريب وشعبنا الفلسطيني سوف يعيش في حالة عدم وجود شريك حقيقي للسلام وان يدفع ثمن الاحتلال وعدم العيش بحرية وتقرير المصير، وبالتأكيد سيكون لنتائج الانتخابات علي الشعب الفلسطيني لها انعكاسات واضحة على مسيرة السلام بالمنطقة.
بقلم/ سري القدوة
سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية