ليس مهماُ من سيفوز بالإنتخابات , بقدر ما هو مهم من سيشكل الحكومة , فهذا هو النظام السياسي الأساسي في إسرائيل , والذي يعتمد على الإئتلافات بعد الإنتخابات , حتى الوصول الى الرقم الذهبي للمقاعد وهو61 مقعد , ومن ثم يتم تشكيل حكومة خلال مدة 28 يوماً , و14 يوم إضافية في حال العرقلة , وفي حال عدم قدرة الحزب الفائز على تشكيل الحكومة ومن خلال إئتلاف , يتم التكليف من رئيس الدولة , الى الحزب الأقل مقاعد بحسب الإنتخابات , أو يتم الإتفاق بين جميع الأحزاب أن يحل الكنسيت نفسه من نفسه وبالأغلبية , حتى يتسنى لجميع الأحزاب أن تدخل إنتخابات معادة جديدة , لتحسن من أدائها في الحصول على مقاعد أكثر , كما حصل في الإنتخابات 21 الماضية .
من هنا ستبدأ المعركة الحقيقية بين الأحزاب الإسرائيلية , ومن ضمنها القائمة العربية المشتركة , وذلك على قاعدة من سيعطي من , وعلى حساب من , فالقائمة العربية المشتركة حققت إنتصاراً كبيراً بحسب النتائج الأولية , وحصلت على 13 مقعد , لتصبح ثالث كتلة برلمانية في الكنيست , ومن المؤكد أنها ستنضم الى إئتلاف غانتس , والذي تقدم على الليكود بحسب النتائج الأولية أيضاً , ولكن هناك من يعادي القائمة العربية , ويعادي أيضاً الليكود , وهو ليبرمان , والموصوف إعلامياً , ببيضة القبان , فهل ليبرمان سيشكل الحكومة مع عدوه نتنياهو , بسبب وجود القائمة العربية في إئتلاف غانتس؟ أم سيغظ النظر عن القائمة العربية , وذلك ليسقط نتنياهو بسبب خلافه الجوهري معه , والذي هو على أساس سياسة نتنياهو "التسوية" مع غزة , وهذا هو مربط الفرس بالنسبة لنا كفلسطينيين .
نحن كفلسطينيين نتفق مع عدونا ليبرمان بما يخص فلسفة نتنياهو تجاه غزة , فليبرمان يرى أن نتنياهو يدخل الأموال الى غزة , ويرى أنه يعمل لمصلحته الخاصة بدلاً من مصلحة إسرائيل العامة , ونحن نرى أن هذه الأموال تؤسس الى كيان مستقل في غزة , بعيداُ كل البعد عن توافق الكل الفلسطيني , وبغض النظر عن , الى من ستصل هذه الأموال , ولكنها تدخل في سياق تسوية إقتصادية مع غزة , وبالتوازي مع تهويد الضفة والقدس , وشطب مسمى دولة فلسطين من الخارطة الجديدة , والتي يريد نتنياهو تقديمها كأمر واقع , ومن هذا المنطلق , وليس إختياراً , بل لتمييز الأفضل من بين إثنين كلاهما سوء , فغانتس عملياً أفضل لنا من نتنياهو..
قد لا يختلف إثنان أن غانتس ونتنياهو وجهان لعملة واحدة , وأن كلاهما عرابين حروب ولا يريدون السلام , ولكن ما يهمنا كفلسطينيين وفي ضوء الصراع , أن نتعرف على الوجه الآخر للعملة , وهو وجه غانتس , فكما يقولون "كل شيخ وله طريقة" , فلا أعتقد أن هناك طريقة أخطر من الطريقة التي يتبعها نتيناهو , وهي "سياسة فرق تسد" , والتي تستند على التسوية مع غزة كدولة مستقلة , وتهويد الضفة والقدس , وقد إستغل نتنياهو بدهائه , حاجة غزة الإقتصادية , وسنفونية فك الحصار , حتى وجد من يتعاطى مع سياسته التفرقية , سواء بقصد أو بغير قصد , حتى بات الجميع يعلم أن سياسة نتنياهو مع غزة هي الجزء الأهم من صفقة القرن , فبعد كل ذلك , ومهما قيل عن غانتس , فأنا أقولها واثقاً , نار عدونا غانتس , أفضل من جنة عدونا نتنياهو..
بقلم/ أشرف صالح