جلسة مثمرة، بحدودٍ جيدة، كانت هي الفعالية الحوارية التي دعت لها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، لنخبة من المتابعين في الشأن الوطني الفلسطيني العام. وبالذات في مكتب الحكيم (الدكتور الراحل جورج حبش) في حي المزرعة بدمشق، حيث قدم الرفيق أبو أحمد فؤاد نائب الأمين العام للجبهة الشعبية رؤية سياسية للواقع الفلسطيني، والعربي، والدولي، وطرح ايضاً مواقف الجبهة الشعبية المعروفة ــ سواء اتفقنا أو اختلفنا أو تباينَّا بشأنها ــ تجاه "المعضلات" التي تواجهها ساحة العمل الوطني الفلسطيني، خاصة مع استمرار حالة الإنقسام الداخلي، وقدم البدائل والحلول من وجهة نظر الجبهة الشعبية. وفي هذا السياق تم تناول قضايا الشتات الفلسطيني، خاصة في لبنان وسوريا، الذين تستهدفهم الصفقة المسمومة، المسماة بــ "صفقة القرن".
اللقاء، ترافق، مع الإعلان الأولي عن فحص نتائج عينة من الإنتخابات "الإسرائيلية" بانتظار الإنتهاء الكامل من عملية فرز الأصوات، والإعلان عن النتائج النهائية. حيث تختلف الجبهة الشعبية عن باقي قوى وفصائل اليسار الفلسطيني بالنسبة لمسألة المشاركة في الإنتخابات التشريعية "الإسرائيلية" من عدمه، فجميع فصائل وقوى "اليسار الفلسطيني" ترى أهمية لتلك المشاركة باعتبارهاً ميداناً من ميادين الصراع مع دولة الإحتلال. بينما الجبهة الشعبية أقرب في موقفها لحركة (أبناء البلد) في الداخل المحتل عام 1948، والتي لاترى جدوى من تلك المشاركة الفلسطينية. بل وتعتقد بأنها تعطي صورة مزيفة عن "إسرائيل" باعتبارها "دولة ديمقراطية" أمام العالم. كذلك فإن رؤية الجبهة الشعبية كما عبر عنها نائب الأمين العام، تعتقد "أن أن نتائج انتخابات الاحتلال بغض النظر عن تقدم هذا الحزب أو ذاك لن تُغَيِر من واقع الاحتلال شيئاً على الأرض، فالأحزاب الصهيونية وبرامجها على عداء مطلق مع شعبنا الفلسطيني وحقوقه الوطنية". مضيفاً بأن الجبهة الشعبية "تحذر من النتائج الوخيمة في حال انضمام القائمة العربية المشتركة إلى قوائم صهيونية، حيث يعتبر ذلك سابقة خطيرة في نضالنا الوطني، وقد كان على هذه القائمة النضال من خارج مؤسسات هذا الكيان الصهيوني الإجرامي، لا أن تكون جزءاً من المؤسسة التي تشرّع سياساته الاحتلالية الإجرامية ضد شعبنا، فقد دفع شعبنا في الأراضي المحتلة عام 1948 على مدار السنوات الماضية أثماناً كبيرة نتيجة سوء تقدير هذه الأحزاب".
لكن ملاحظاتي، تتمحور بالنقاط التالية :
أولاً، كان من الضرورة، ومن قبل بعض الحضور، تقديم المعلومة والمعطى الصحيح، حتى يتم البناء عليها. فأي مُعطى يشوبه اللغط، يضعف من قيمة الملاحظة أو الإستنتاج المبنى عليه.
ثانياً، كان من الضرورة ايضاً، الإبتعاد عن "نزق" الإنفعالات، التي لاضرورة لها، والإستماع للأخرين. حتى لو كانت هناك تباينات كبيرة بين الحضور. فاهمية اللقاء تعني تبادل الأفكار، وتفاعل الأراء، وصولاً لإنضاج المواقف، التي تتطلب إعمال العقل الجماعي للوصول اليها.
ثالثاً، كان على من طرح أراء ومواقف أن يبقى ليستمع لرأي الأخرين بما طرحه، لا أن يغادر، وعلى طريقة "قل كلمتك وامشي". وهذا سلوك تكرر بأكثر من فعالية.
رابعاً، ملاحظة على إدارة الجلسة من حيث عدم التوزيع العادل للزمن المخصص لكل متحدث، وللطريقة التي تم بها تقديم بعض المتحدثين.
بقلم/ علي بدوان