اذا تم النظر الى نتائج الانتخابات الاسرائيلية التي جرت يوم الثلاثاء الماضي الموافق 17 أيلول 2019، فانه من الممكن القول ان الساحة السياسية الاسرائيلية الداخلية عادت الى نفس مربع نتائج الانتخابات التي جرت قبل خمسة شهور، في نيسان الماضي، مع تغيير في أن القائمة العربية المشتركة حصلت على 12 مقعدا في البرلمان الاسرائيلي، كما ان امكانية تشكيل حكومة وطنية اسرائيلية أفضل مما سبق، والاهم من كل هذه النتائج ان رئيس وزراء اسرائيل الحالي بنيامين نتنياهو قد يسقط الا اذا أنقذه من خان حزبه من المعارضة، وانضم الى حكومة برئاسته.
والتساؤل الذي يطرح نفسه الآن: هل سيكون هناك فرق بين حكومة بقيادة بيني غانتس أو بقيادة نتنياهو؟
الجواب الرئيس والواضح والجريء والواقعي هو انه ليس هناك فرق كبير تجاه مسيرة السلام، وتجاه انهاء الاحتلال الاسرائيلي، فمعظم قادة الاحزاب الاسرائيلية يرفضون خيار حل الدولتين، ويرفضون حتى منح حكم ذاتي للفلسطينيين، ويرفضون التنازل عن السيادة على القدس وغور الاردن والمستوطنات في القدس والضفة والجولان، كما انهم لا يقبلون حق العودة للشعب الفلسطيني! وهذا الرفض الاسرائيلي مدعوم كاملا من قبل الادارة الاميركية الحالية، ومن قبل ادارات سابقة.
ولكن هناك فرقا مهما وهو أن سقوط نتنياهو سيكون لصالح اسرائيل الى حد كبير من عدة جوانب ومنها ان رئيس الحكومة الجديد سيّجمل وجه اسرائيل امام العالم، وكذلك سيضع حدا لتنامي قوة المتطرفين المتعصبين الذين يشكلون خطرا على الديمقراطية الاسرائيلية، ويعززون الخلافات الاجتماعية والدينية الداخلية.
رئيس الحكومة الاسرائيلية الجديدة سيعمل على كسب الرأي العام العالمي من خلال خفض وتيرة الاستيطان في الضفة، ولغة الوعيد والتهديد التي كان يتحلى بها نتنياهو، وقد يستطيع وضع حد لنفوذ الاحزاب المتدينة في اسرائيل، وبالتالي يقود دولته الى دولة علمانية ليست لديها تعقيدات وقيود على حرية التنقل والحركة والتجارة ايام السبت.
أما بالنسبة للقضية الفلسطينية، فقد يحاول العودة الى مفاوضات مع الجانب الفلسطيني لادارة الازمة فقط، وكسب الوقت، و"الضحك" على العالم بأن هناك نية لتحقيق سلام مع الجانب الفلسطيني.
لذلك فان بقاء نتنياهو في الحكم أفضل الى حد ما لقضيتنا، لان العالم سيدين كل خطوة يتخذها، ولانه سيقود اسرائيل الى الدمار الاجتماعي والسياسي، وسيدخلها في اتون حرب مدمرة لكل المنطقة.
ورغم أن قرار تولي أي زعيم اسرائيلي لمنصب رئيس الوزراء هو شأن داخلي اسرائيلي، فان الامنيات الفلسطينية تتركز في ان يأتي زعيم اسرائيلي عاقل يقرأ المستقبل جيدا، وتكون لديه نية لانهاء احتلال اسرائيل لجميع الاراضي العربية المحتلة، ولديه أيضاً القوة لتنفيذ قرارات الشرعية لقضيتنا العادلة، ولكن هذه الأمنيات لن تتحقق في المستقبل القريب لان كل قادة اسرائيل الحاليين هم وجوه متعددة الاشكال لنتنياهو، وبالتالي علينا توقع عدم الحل، وبقاء قضيتنا من دون حل مشرف وعادل لفترة طويلة. وبالتالي من المهم والواجب علينا ان نقوي صمودنا، ونعزز صبرنا، ونثبت وجودنا، لان المرحلة القادمة لن تكون افضل من سابقاتها.
بقلم/ جاك خزمو