يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقتا عصيبا بعد إعلان نتائج انتخابات الكنيست الإسرائيلي، وفوز حزب أبيض أزرق ب33 مقعدا، حيث أنه لن يستطيع تشكيل إئتلاف حكومي جديد، وبات مستقبله السياسي غير واضح، خاصة في ظل التلويح بمحاكمته على قضايا فساد.
وتشير النتائج شبه النهائية بعد فرز أكثر من 98 في المائة من صناديق الاقتراع اليوم الخميس فوز حزب كحول لفان / أزرق - أبيض اليساري الذي يتزعمه رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي السابق بيني غانتس (60 عاما)، في الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم الثلاثاء الماضي على منافسه الرئيسي حزب الليكود اليميني برئاسة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو.
وحصل حزب أزرق أبيض على 33 مقعدا بفرق مقعدين عن حزب الليكود الذي حصل على 31 مقعدا فيما حلت القائمة العربية المشتركة برئاسة أيمن عودة في المرتبة الثالثة على 13 مقعدا، وحصلت أحزاب وكتل إسرائيلية على مقاعد أقل.
فحصلت شاس على 9 مقاعد، فيما تراجعت مقاعد حزب إسرائيل بيتنا بزعامة أفيغدور ليبرمان إلى 8 مقاعد، بالتساوي مع هاتوراة يهوديت الذي حصد 8 مقاعد أيضا، أما تكتل الحق فحصل على 7 مقاعد، فيما حصد حزب العمل 6 مقاعد فقط ومعسكر الديمقراطية كسب ب5 مقاعد فقط.
ومن المقرر أن يتم تحديد مصير تشكيل الحكومة الإسرائيلية خلال الأيام القليلة المقبلة، بناء على تشكيل التحالفات بين الأحزاب، في حالة ما إذا تم تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وليس لدى حلفاء نتنياهو الرئيسيين (الجناح اليميني المتطرف واليهود المتدينين) أغلبية بواقع أن 61 مقعدا المطلوب لتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة.
وكما كان متوقعا، فإن أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب إسرائيل بيتنا، هو من سيحدد الفريق الذي سيشكل الحكومة القادمة من خلال حصد حزبه 8 مقاعد في الانتخابات.
وقال ليبرمان في تصريحات للصحفيين عقب النتائج الأولية، إن حزبه يود أن يرى حكومة وحدة تشمل " إسرائيل بيتنا، والليكود، وأزرق أبيض،".
أما حزب غانتس، فقال، إنهم " لن يتشاركوا مع نتنياهو في نفس الحكومة لأنه يواجه اتهامات بالفساد وربما يدخل في معركة قانونية طويلة الأمد".
بينما ما زال حزب الليكود ثابتا في دعمه لنتنياهو، ولكن في الفترة التي سبقت الانتخابات، كان هناك فهم تدريجي بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي قد يكون عقبة وليس دعما.
ولم يستبعد غانتس زعيم أبيض أزرق، الجلوس مع حزب الليكود إذا كان يقودها شخص آخر غير نتنياهو.
هل سيكون هناك تمرد داخلي في الليكود أم هل سيتنحى نتنياهو طواعية حتى يظل حزبه في السلطة؟ .
ويقول جوناثان رينهولد، من قسم العلوم السياسية في جامعة بار إيلان، إن "نتنياهو سيبقى رئيسا لليكود حتى يصبح واضحا للجميع أنه لا توجد حكومة باستثناء حزب الليكود وأزرق أبيض وليبرمان، وعند هذه النقطة أتوقع من شخص داخل الليكود سيخلف نتنياهو في قيادة الحزب".
وفي الساعات التي تلت نشر استطلاعات الرأي وبدأت النتائج شبه الرسمية تظهر للجميع، استمر أعضاء الليكود في دعم نتنياهو علانية، مؤكدين أن دعمهم له لن يتغير.
وقال غانتس وليبرمان اللذان تحدثا إلى مؤيديهما في وقت متأخر من ليلة إعلان استطلاعات الرأي المبدئية، إنهما سيبدأن العمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية.
لكن نتنياهو الذي بدا عليه التعب بشكل غير معتاد، أخبر أنصار الليكود أنه سيشكل حكومة صهيونية قوية.
وطوال الحملة الانتخابية، كان نتنياهو منتقدا للمواطنين العرب داخل إسرائيل، والذين يشكلون نحو 20 في المائة من الناخبين بما يمثل خطأ كبيرا انعكس عليه.
وكان رد الناخبون العرب هو الإقبال بشكل كبير على مراكز الاقتراع، حيث صوت آلاف للقائمة المشتركة للأحزاب العربية والتي حصلت على نحو 12 مقعدا.
لكن علاقات المواطنين العرب الإسرائيليين معقدة مع الديمقراطية الإسرائيلية باعتبار أن إسرائيل هي موطن الشعب اليهودي، على الأرجح لن تترجم قوتهم إلى مقاعد حكومية أو مناصب وزارية.حسب وكالة أنباء "شينخوا"
ويقول جدعون رهط، أستاذ في معهد الديمقراطية الإسرائيلي، "ما يمكن للعرب القيام به في أحسن الأحوال هو دعم الحكومة من بعد، فهذا هو أفضل ما يمكنهم فعله".
وأضاف رهط لوكالة أنباء "شينخوا"، أنه "لا يمكنهم الانضمام إلى الحكومة، لأن الأحزاب الصهيونية لا ترغب في انضمامهم وأنهم لا يريدون الإنضمام لأن هناك صراعًا بين إسرائيل والفلسطينيين، وهم لا يرغبون في المشاركة في هذا الصراع".
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن غانتس قد اتصل بالفعل بقادة القائمة العربية المشتركة من أجل مناقشة خيارات التعاون وتشكيل حكومة.
ورغم ذلك التحركات والاتصالات بين الأحزاب السياسية الإسرائيلية إلا أن ليبرمان يشعر بارتياح كبير لأنه هو من سيحدد هوية رئيس وزراء إسرائيل المقبل بعد أن ضاعف قوته في الانتخابات من خلال الحصول على 9 مقاعد.
ويقول رهط،: " ليبرمان، الذي يجلس في المنتصف، يمكنه إعطاء الأغلبية إما إلى اليسار أو اليمين أو ما يرجوه بحسب تصريحاته بأنه يريد حكومة وحدة، لافتا إلى أن "الحكومة ستكون وحدة علمانية، وهذا لن يشمل القوى الدينية التي تطالب بوقفه".
ويتعارض ليبرمان مع اليهود المتدينين في قضايا دينية تخص الدولة، مثل الزواج المدني والتعليم الإلزامي لجميع الطلاب والمواضيع الساخنة الأخرى التي تشغل عقول العديد من الإسرائيليين.
ويضيف رهط، أن غالبية الجمهور الإسرائيلي لا يحب حكومة يتمتع بها اليهود المتشددون بسلطة كبيرة لأن ذلك يحد من حريتهم الشخصية.
من جهته يقول الخبير وينهولد، إن "نتنياهو بنى استراتيجيته على توحيد اليمين واكتساب دعم المتشددين، والآن وجد ليبرمان وجهة نظره الضعيفة وهي أن الجمهور لا يريد حكومة يمينية ضيقة يتمتع المتشددون بالكثير من القوة، مشيرا إلى أن سحر نتنياهو السياسي قد تلاشى".
ويتم توزيع مقاعد الكنيست (البرلمان) وعددها 120 وفقا للتمثيل النسبي للقوائم الحزبية.
ويتعين على أي حزب من أجل الفوز بمقاعد أن يحصل على 3.25 بالمئة على الأقل من الأصوات على المستوى الوطني، تعادل أربعة مقاعد.
وسيتزامن الجدول الزمني السياسي لتشكيل الحكومة المقبلة مع الإجراءات القانونية الواجب اتخاذها تجاه نتنياهو، ما يجعل الأمور معقدة بالنسبة له ويشجع الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين على توصية مرشح آخر.
وتقول صحيفة "هأرتس" الإسرائيلية، "أعلن النائب العام أفيخاي ماندلبليت لائحة الاتهام ضد نتنياهو، فقد يقرر ريفلين "تخطيه" حتى لو حصل على دعم واسع نسبيا من الأحزاب، بهدف الحفاظ على استقرار الائتلاف والمخاوف من أن نتنياهو سيضطر إلى الاستقالة في غضون فترة زمنية قصيرة.
وحسب القانون الأساسي للحكومة، فإن الرئيس يمكن له من ممارسة السلطة التقديرية واختيار مرشح الحكومة من بين جميع أعضاء الكنيست المنتخبين وبموجب القانون يتعين عليه التشاور مع ممثلي أحزاب البرلمان القادمة لكنه غير ملزم بقبول موقفهم