قال وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي إن اسرائيل تخلق حقائق جديدة على الأرض تهدف إلى تغيير ماهية وطبيعة قضايا الحل النهائي، ومحاولات تركيع الشعب الفلسطيني، ومعاداة قيادته وابتزاز حكومته، والتنصل من كل الاتفاقيات الثنائية الموقعة.
جاء ذلك في كلمته أمام مجلس الأمن في جلسته حول الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك قضية فلسطين، اليوم الجمعة.
وقال المالكي، "نستمع اليوم للتقرير العاشر للأمين العام حول تنفيذ القرار 2334، وللأسف فإنه لا يشتمل إلا على المزيد من الجرائم والانتهاكات والسياسات التعسفية الاسرائيلية غير القانونية، ولا يبشر بأي تقدم يذكر بشأن تنفيذ بنود القرار، مثله مثل ما سبقه من تقارير. وهذا يجعلنا نتساءل، ألم يكن هدف المجلس من إسناد هذه المهمة للأمين العام هو متابعة تنفيذ هذا القرار على الأرض، وقياس مدى التزام الأطراف ببنوده، وعليه أخذ ما يلزم من إجراءات للدفع نحو سبل تنفيذ القرار؟ نحن لا نعتقد أن هدف المجلس من طلب تقرير دوري من الأمين العام كان لمجرد الاستماع لحجم انتهاكات القانون الدولي وعدد الضحايا في صفوف المدنيين دون الاستجابة لها ودون الوقوف عند التحذيرات التي تحملها هذه التقارير والتي تنذر بغياب فرص إحلال السلام العادل وتكريس الاستيطان والعنف والتحريض".
وأضاف: "لا نتوقع أن يخبرنا الأمين العام في تقريره القادم بأي خطوة إيجابية نحو تنفيذ القرار 2334 طالما لا يوجد أي دافع أو رادع لإسرائيل يجعلها تعيد النظر في فرض احتلالها العسكري على أرضنا الفلسطينية، والكف عن استهداف المدنيين الفلسطينيين، والتراجع عن نهجها الاستيطاني التوسعي الاستعماري الذي يئد الأمل في إنهاء الاحتلال غير القانوني لأرضنا، و يجعل حل الدولتين على أساس حدود 1967 حلا شبه مستحيلا".
وتابع، "لم تلتزم إسرائيل بقرارات هذه المنظمة أو ميثاقها، ولم تحترم يوماً حقوق الشعب الفلسطيني، ولم تعترف أبداً في حقه الطبيعي في تقرير مصيره وفي حقه بقيام دولته الفلسطينية الحرة المستقلة على أرضه. وأمعنت بكل تكبر وتصلُف بانتهاك القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية بشكل دائم ودون اكتراث، ظناً منها بأنها تتمتع بوضع استثنائي يمنحها الحق في الاعتداء على أرض وحقوق الغير، ويحفظها من النقد ويُحصنها من المساءلة".
وأوضح أن "استهتار إسرائيل بحقوق الشعب الفلسطيني وأمن المنطقة ككل وصل إلى حد تقديم أراض وطننا الغالي كهدية وعرضها كرشوة للجماعات اليمينية المتطرفة في إسرائيل لكسب أصواتهم الانتخابية. فإن إعلان نتانياهو نيته ضم الأرض المحتلة في الأغوار وشمال البحر الميت ما هو إلا اعتراف المجرم بجريمته. فهل يفلت من العقاب".
وقال إن "محاولات إسرائيل الممنهجة لتغيير التركيبة الديموغرافية والجغرافية للأرض الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، هي محاولات غير قانونية ومرفوضة ولن تغير من الوضع القانوني للأرض الفلسطينية كأرض محتلة، ولن تضفي على احتلال إسرائيل لأرضنا أي صفة شرعية أو قانونية. فلقد باتت نية هذا الاحتلال مكشوفة وهي الاستيلاء على الأرض المحتلة بالقوة وضمها وتهجير الفلسطينيين قسرا ونقل مواطنين قوة الاحتلال إليها، وهو ما يشكل انتهاكا جسيما للقانون الدولي الإنساني وجرائم حرب بموجب ميثاق روما".
وبين أن "اسرائيل هي السلطة القائمة بالاحتلال التي تفرض حصارا غير قانونيا على قطاع غزة وتبني جدار التوسع والضم العنصري في الضفة الغربية وتعزل القدس الشرقية المحتلة، وهي التي تقتل عمدا ممرضة وصحفيا، وهي التي تخطف طفلا نائما في فراشه ليلا أو تقنصه وتصيبه في رأسه أو قلبه جبنا، وهي التي تحرم طفلة في الخان الأحمر من مقعد دراستها، وهي التي تهدم بيت العائلة في صور باهر، والتي تمنع شابا من غزة من السفر للخارج لإكمال دراسته أو امرأة من الحصول على العناية الصحية الملحة، وهي التي تمنع رجلا من الصلاة في القدس وتحمي مستوطنين استولوا على بيت عائلة فلسطينية وأقاموا به غطرسة وجورا، وهي التي تقوم بالممارسات الاستفزازية في الحرم الشريف والأماكن المقدسة، وهي التي تطرد تواجدا دوليا يوثق ممارساتها العنصرية في الخليل، وتقيم الحواجز العسكرية ونقاط التفتيش التعسفية بين أقصى شمال أرضنا المحتلة وحتى جنوبها، وتقتحم القرى الفلسطينية ومخيمات اللاجئين بحثا عمن يرفض ظلمها وقمعها ويطمح للحرية والكرامة للزج به في سجونها ومعتقلاتها، وهي التي تقرصن أموالنا وتنهب مواردنا الطبيعية، وترفض بعد ذلك كله أي نقد يوجه لها في الأمم المتحدة والمحافل الدولية".
وأكد أن "إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، تقوم بخلق حقائق جديدة على الأرض تهدف إلى تغيير ماهية وطبيعة قضايا الحل النهائي، ومحاولات تركيع الشعب الفلسطيني، ومعاداة قيادته وابتزاز حكومته، والتنصل من كل الاتفاقيات الثنائية الموقعة والتفنن بوضع المزيد من الشروط العبثية، ليصبح المطلوب في نهاية المطاف من الطرف الفلسطيني التحلي بالواقعية العملية والقبول بما هو متبقي أو متوفر، وكأنه يمكن التصديق بأن هذا هو الطريق الذي يجب أن نسلكه من أجل تحقيق السلام العادل والدائم بين شعوب المنطقة وضمان عيش أجيالنا القادمة في أمن منشود. هل يوجد منكم من يقبل بمثل هذه التسوية؟ حقوقنا ليست مجرد طموحات وليست للمساومة، وشعبنا عزيز النفس ووطننا غالي وقضيتنا العادلة ليست للبيع والشراء".
وشدد على أن "خطة سلام تعتبر تواجد إسرائيل على أرضنا ليس احتلالاً، وحل الدولتين شعاراً مستهلكاً، وترى أن قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات السلام المتفق عليها بالية عفى عنها الزمن، والتوقع بعد ذلك كله من المجتمع الدولي كافة ومن الفلسطينيين شعباً وقيادةً القبول بذلك، هو في حد ذاته شرطاً يتناقض مع متطلبات السلام".
وتابع أن "أي عملية تفاوض جادة لا بد لها من أن تنطلق على أساس إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ في عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، ضمن اطار زمني محدد وتهدف لمعالجة كافة قضايا الحل النهائي ضمن الإطار المرجعي المتفق عليه دولياً والذي يتمثل في قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات مدريد، بما فيها مبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية وخارطة الطريق التي وضعتها اللجنة الرباعية، على أساس حل دولتين، وتحقيق استقلال الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وبرعاية دولية كما ورد في خطاب الرئيس محمود عباس امام مجلسكم الموقر في فبراير 2018".
وختم بالتأكيد على أن "هذا ليس شرطا فلسطينيا، أو كما يدعي البعض حجة للتهرب من الحوار ورفض المفاوضات وعرقلة السلام. إن ذلك هو الحل الذي أجمع عليه العالم بأسره، ونجدد اليوم قبولنا والتزامنا به. إن وجود إطار مرجعي للتفاوض أساسه القانون الدولي هو متطلب بديهي يفرضه المنطق على أي عملية تفاوضية وعلى أي مبادرة سياسية لحل أي نزاع، ولا يجب أن تكون القضيةُ الفلسطينيةُ استثناءً لذلك ولا يعقل أن يتم التعامل مع قرارات مجلس الأمن بانتقائية حسب الأهواء والمصالح".
نص الكلمة:
كلمة معالي وزير الخارجية والمغتربين لدولة فلسطين د.رياض المالكي أمام مجلس الأمن في جلسته حول الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك قضية فلسطين، التي تصادف تقديم الأمين العام تقريره الدوري العام حول تنفيذ القرار 2334
(2016) في تاريخ 20 سبتمبر 2019
أتوجه في البداية بالشكر الجزيل والامتنان العميق لرئيس مجلس الأمن والوفد الروسي على قيادته القديرة للمجلس، وعلى عقد هذا الاجتماع الهام. كما نشكر مبعوث الأمين العام، السيد نيكولاي ملادينوف، على تقديمه لتقرير الأمين العام حول تنفيذ قرار مجلس الأمن 2334، وبدوري أرحب بمعالي الوزير، أيمن الصفدي، وزير الخارجية وشؤون المغتربين للمملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة.
السيد الرئيس،
نستمع اليوم للتقرير العاشر للأمين العام حول تنفيذ القرار 2334، وللأسف فإنه لا يشتمل إلا على المزيد من الجرائم والانتهاكات والسياسات التعسفية الاسرائيلية غير القانونية، ولا يبشر بأي تقدم يذكر بشأن تنفيذ بنود القرار، مثله مثل ما سبقه من تقارير. وهذا يجعلنا نتساءل، ألم يكن هدف المجلس من إسناد هذه المهمة للأمين العام هو متابعة تنفيذ هذا القرار على الأرض، وقياس مدى التزام الأطراف ببنوده، وعليه أخذ ما يلزم من إجراءات للدفع نحو سبل تنفيذ القرار؟ نحن لا نعتقد أن هدف المجلس من طلب تقرير دوري من الأمين العام كان لمجرد الاستماع لحجم انتهاكات القانون الدولي وعدد الضحايا في صفوف المدنيين دون الاستجابة لها ودون الوقوف عند التحذيرات التي تحملها هذه التقارير والتي تنذر بغياب فرص إحلال السلام العادل وتكريس الاستيطان والعنف والتحريض.
لا نتوقع أن يخبرنا الأمين العام في تقريره القادم بأي خطوة إيجابية نحو تنفيذ القرار 2334 طالما لا يوجد أي دافع أو رادع لإسرائيل يجعلها تعيد النظر في فرض احتلالها العسكري على أرضنا الفلسطينية، والكف عن استهداف المدنيين الفلسطينيين، والتراجع عن نهجها الاستيطاني التوسعي الاستعماري الذي يئد الأمل في إنهاء الاحتلال غير القانوني لأرضنا، و يجعل حل الدولتين على أساس حدود 1967 حلا شبه مستحيلا.
السيد الرئيس،
لم تلتزم إسرائيل بقرارات هذه المنظمة أو ميثاقها، ولم تحترم يوماً حقوق الشعب الفلسطيني، ولم تعترف أبداً في حقه الطبيعي في تقرير مصيره وفي حقه بقيام دولته الفلسطينية الحرة المستقلة على أرضه. وأمعنت بكل تكبر وتصلُف بانتهاك القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية بشكل دائم ودون اكتراث، ظناً منها بأنها تتمتع بوضعاً استثنائياً يمنحها "الحق" في الاعتداء على أرض وحقوق الغير، ويحفظها من النقد ويُحصنها من المساءلة.
إن استهتار إسرائيل بحقوق الشعب الفلسطيني وأمن المنطقة ككل وصل إلى حد تقديم أراض وطننا الغالي كهدية وعرضها كرشوة للجماعات اليمينية المتطرفة في إسرائيل لكسب أصواتهم الانتخابية. فإن إعلان نتانياهو نيته ضم الأرض المحتلة في الأغوار وشمال البحر الميت ما هو إلا اعتراف المجرم بجريمته. فهل يفلت من العقاب؟
إن محاولات إسرائيل الممنهجة لتغيير التركيبة الديموغرافية والجغرافية للأرض الفلسطينية المحتلة منذ يونيو 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، هي محاولات غير قانونية ومرفوضة ولن تغير من الوضع القانوني للأرض الفلسطينية كأرض محتلة، ولن تضفي على احتلال إسرائيل لأرضنا أي صفة شرعية أو قانونية. فلقد باتت نية هذا الاحتلال مكشوفة وهي الاستيلاء على الأرض المحتلة بالقوة وضمها وتهجير الفلسطينيين قسرا ونقل مستوطنيها إليها، وهو ما يشكل انتهاكا جسيما للقانون الدولي الإنساني وجرائم حرب بموجب ميثاق روما.
اسرائيل هي السلطة القائمة بالاحتلال التي تفرض حصارا غير قانونيا على قطاع غزة وتبني جدار التوسع والضم العنصري في الضفة الغربية وتعزل القدس الشرقية المحتلة وهي التي تقتل عمدا ممرضة وصحفيا، وهي التي تخطف طفلا نائما في فراشه ليلا أو تقنصه وتصيبه في رأسه أو قلبه جبنا، وهي التي تحرم طفلة في خان الأحمر من مقعد دراستها، وهي التي تهدم بيت العائلة في صور باهر٬ والتي تمنع شابا من غزة من السفر للخارج لإكمال دراسته أو امرأة من الحصول على العناية الصحية الملحة، وهي التي تمنع رجلا من الصلاة في القدس وتحمي مستوطنين استولوا على بيت عائلة فلسطينية وأقاموا به غطرسة وجورا، وهي التي تقوم بالممارسات الاستفزازية في الحرم الشريف والأماكن المقدسة، وهي التي تطرد تواجدا دوليا يوثق ممارساتها العنصرية في الخليل، وتقيم الحواجز العسكرية ونقاط التفتيش التعسفية بين أقصى شمال أرضنا المحتلة وحتى جنوبها، وتقتحم القرى الفلسطينية ومخيمات اللاجئين بحثا عمن يرفض ظلمها وقمعها ويطمح للحرية والكرامة للزج به في سجونها ومعتقلاتها، وهي التي تقرصن أموالنا وتنهب مواردنا الطبيعية، وترفض بعد ذلك كله أي نقد يوجه لها في الأمم المتحدة والمحافل الدولية.
ولا ينتهي الأمر عند ذلك، فتقوم إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بخلق حقائق جديدة على الأرض تهدف إلى تغيير ماهية وطبيعة قضايا الحل النهائي، ومحاولات تركيع الشعب الفلسطيني، ومعاداة قيادته وابتزاز حكومته، والتنصل من كل الاتفاقيات الثنائية الموقعة والتفنن بوضع المزيد من الشروط العبثية، ليصبح المطلوب في نهاية المطاف من الطرف الفلسطيني التحلي بالواقعية العملية والقبول بما هو متبقي أو متوفر، وكأنه يمكن التصديق بأن هذا هو الطريق الذي يجب أن نسلكه من أجل تحقيق السلام العادل والدائم بين شعوب المنطقة وضمان عيش أجيالنا القادمة في أمن منشود. هل يوجد منكم من يقبل بمثل هذه التسوية؟ حقوقنا ليست مجرد طموحات وليست للمساومة، وشعبنا عزيز النفس ووطننا غالي وقضيتنا العادلة ليست للبيع والشراء.
السيد الرئيس،
في واقع الأمر، خطة سلام تعتبر تواجد إسرائيل على أرضنا ليس احتلالاً، وحل الدولتين شعاراً مستهلكاً، وترى أن قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات السلام المتفق عليها بالية عفى عنها الزمن، والتوقع بعد ذلك كله من المجتمع الدولي كافة ومن الفلسطينيين شعباً وقيادةً القبول بذلك، هو في حد ذاته شرطاً يتناقض مع متطلبات السلام.
إن أي عملية تفاوض جادة لا بد لها من أن تنطلق على أساس إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ في عام ١٩٦٧، بما في ذلك القدس الشرقية، ضمن اطار زمني محدد وتهدف لمعالجة كافة قضايا الحل النهائي ضمن الإطار المرجعي المتفق عليه دولياً والذي يتمثل في قرارات الشرعية الدولية ومرجعيات مدريد، بما فيها مبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية وخارطة الطريق التي وضعتها اللجنة الرباعية، على أساس حل دولتين، وتحقيق استقلال الدولة الفلسطينية على حدود ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية وبرعاية دولية كما ورد في خطاب الرئيس محمود عباس امام مجلسكم الموقر في فبراير 2018.
هذا ليس " شرطا فلسطينيا"، أو كما يدعي البعض "حجة" للتهرب من الحوار ورفض المفاوضات وعرقلة السلام. إن ذلك هو الحل الذي أجمع عليه العالم بأسره، ونجدد اليوم قبولنا والتزامنا به. إن وجود إطار مرجعي للتفاوض أساسه القانون الدولي هو متطلب بديهي يفرضه المنطق على أي عملية تفاوضية وعلى أي مبادرة سياسية لحل أي نزاع، ولا يجب أن تكون القضيةُ الفلسطينيةُ استثناءً لذلك ولا يعقل أن يتم التعامل مع قرارات مجلس الأمن بانتقائية حسب الأهواء والمصالح.