حول الخلاف بين الاطباء النفساويين وشيوخ الدين المعالجين لحالات المس بالجن

بقلم: سهيله عمر

من خلال المتابعين على الفيس بوك كان واضحا لي اهتمام شريحه كبيره بموضوع التلبس بالجن. وان هذا الموضوع عليه خلاف كبير بين مؤيد ومعارض لامكانيه تلبس الجن للانس.

انا عن نفسي مع انني لست عالمه بالدين وغير ملمه باي من علوم الروحانيات، الا انني مقتنعه تماما ان هناك تلبس للجن للانس لانني رايت هذا بعيني. العلاج من التلبس ليس شعوذه لان شيخ الدين هو من يساعد المريض على العلاج للتخلص من الجن الذي يلبسه بينما الساحر هو من يلبس عبدا ما الجن بهدف ايذائه. انا شخصيا كنت انكر التلبس بالجن حتى اكدت جاره لي عام 1998 انها تعالج منه. وقررت ان ارافقها في احد جلسات علاجها عند الشيخ المرحوم احمد نمر. كان يوجد لديه صاله للعلاج في يوم خصصه لعلاج النساء. وكان لديه اكثر من خمسين مريضه وكان يعالج لوجه الله حسب علمي. وكن طبيعيات جدا. بمجرد ان اذن الشيخ تبدلت احوالهن واصبحن يهلوسن وبلغات عده. كن حقيقه هنا بغيبويه. كان الشيخ يمر على كل مريضه ويقرا القرءان عليها ويحاور الجن ويطلب منه ترك الجسم واحيانا يضربه بالعصا. وعندما تنتهي جلسه العلاج تفيق المرأه بطريقه معينه يتبعها الشيخ لايقاظها. حتى المريضه لا تشعر بما حدث في جلسه العلاج. والجن لا يخرج من جلسه واحده بل بعد جلسات قد تمتد شهورا. والمتلبس بالجن فعليا لا يشعر به. لكن يكون له اعراض. يشعر بها لا يعرف سببها. تماما كالمرض. ثم يبدا بربط اعراضه الغريبه بالجن. ولهذا عندما تتفاقم الاعراض يطلب الشيخ لانه من سيخفف عنه.

هذا من منطلق ملاحظتي خلال زيارتي لجلسه للمرحوم الشيخ احمد نمر عام 1998 علما انني لم اتحدث اليه او اسأله. كنت ارافق مريضه وذكرت ما لاحظته خلال الجلسه.

مع زياد الجدل حول الموضوع على صفحتي عدت لليوتيوب ووجدت العديد من الفيديوهات التي تناقش المس والتلبس بالجن والسحر والحسد. وموضوع التلبس كان فعليا موضوع جدل كبير بين شيوخ الدين نفسهم وليس فقط بين شيوخ الدين والاطباء النفساويين.

افضل برنامج ناقش الموضوع كان برنامج بوضوح للاعلامي عمرو الليثي بقناه الحياه . واستضاف خلال برامجه الشيخ عمرو الليثي الذي يؤيد وجود تلبس للجن بجسم الانسان في عام 2014. كما استضاف شيوخ دين واطباء نفساويين لمناظرته
وانا هنا سأجمل باختصار ما فهمته من خلال تلك اللقاءات:

1) في احد اللقاءات كان جوهر التساؤل كيف يعرف المريض ان كان به سحر او مس او حسد. فقال الشيخ عمرو الليثي ان المريض ممكن ان يعرف ذلك بالرقيه الشرعيه. اذا قرإ الشخص ايات الرقيه والقرءان وشعر بالم شديد في المعده او الرحم وهو يقرا الايات فهذا دلاله ان به سحر. وان قرإ ايات الرقيه الشرعيه وشعر بتشنج باي جزإ من جسمه او صداع فهذا دليل ان به مس. والمس ان يلمسك جن دون ان يدخل جسمك. وكأن يجامع الجن شخص خلال النوم (ليس جماع حقيقي). واذا قرا ايات الرقيه وشعر بتثاؤب قوي فهذا دليل انه محسود. وقال ان افضل علاج للمس والتحصن من الجن هو المواظبه على قراءه القرءان والرقيه الشرعيه. ويرى الشيخ ان اذى الحسد اقوى من السحر والمس.

2) طبعا تعرضت اللقاءات مشكله ان كثير من الاشخاص الذين يذهب لهم المرضى هم دجالون وليسوا ثقه. لذا يجب ان يذهب الشخص لشيخ يقرا القرءان اذا تعسر عليه علاج نفسه بايات الرقيه الشرعه وتلاوه القرءان على ان يكون الشيخ ثقه.

3) اقر الشيخ عمرو الليثي ان الجن يتلبس الانسان وممكن ان ينطق على لسانه الا انها حالات نادره جدا حسب تحربته في العلاج. والشخص الذي يصرع بسبب تلبس الجن يختلف عن الصرع الطبي بسبب مرض عقلي. وعارض الشيخ عمرو الليثي ضرب المريض او خنقه خلال العلاج لان هناك الكثير من الحوادث نتجت عن هذا. واحيانا تؤدي الى موت المريض.

4) قال الشيخ عمرو الليثي ان لكل شخص قرينان. قرين من الشيطان وقرين من الملائكه. اما القرين من الشيطان فيوسوس له الشر واما قرين الملائكه فيوسوس له بالخير. واذا نفسك به شيء من الشر فتميل لما يوسوس به القرين من الشيطان واذا في نفسك شيء من الخير فتميل لما يوسوس به القرين من الملائكه. وحدود قدره قرين الشر هي الوسوسه ولا يستطيع ان يجبر الشخص لفعل الشر. أي انه لا علاقه له بموضوع المس بالجن.

5) عمل الاعلامي عمرو الليثي لقاءات مع العالم الروحاني الشيخ عزت ابراهيم. الشيخ عزت ابراهيم يدعي انه يستطيع ان يشفي أي شخص من أي مرض او يعيد أي مسروقات اذا اذن الله بمساعده الجن. على سبل المثال يستطيع ان يستدعي جني اخصائي لاي مرض للعلاج. ويستطيع ان يعرف اذا كان الشخص به سحر او مس او حسد بمساعده الجن. أي ان الله اختاره وسخر الجن له ليشفي المرضى ولحل الكثير من المشاكل ومعرفه الاسرار اذا اذن الله. الا انه لا يستخدم هذه القدره للسحر او الاذى. والغريب انه دائما يقول انه لا يعالج الا الطبقات الراقيه في المجتمعات وليس الطبقات الفقيره. مما يدلل انه يوظف ما يدعيه من بركات منحها الله له مقابل المال. وطبعا هذه العينه من العلماء الروحانيين هم بنظري مشكوك بمصداقيتهم. او انهم نوع من السحره الذين يستخدمون السحر بدون ايذاء الناس. وعلى الناس ان تفرق بين شيخ الدين القاريء للرقيه الشرعيه لعلاج المس والحسد والسحر، وبين العالم الرباني الذي يدعي القدره على تسخير الجن لخدمته لشفاء المرضى وحل المشاكل. وقد واجه هذا الشيخ احد الاطباء النفساويين. وقال له انه يوهم المريض بقدراته بتحريك أي جزء من جسمه بدون اراده الشخص من خلال الايحاء وليس بقوه الجن. الا انني لست مخوله لاتهام هذا الشيخ او غيره بالاحتيال لانني لست ملمه بعملهم.

6) الحالات التي تعالج بسبب الحسد او المس او التلبس بالجن تختلف عن حالات التي تحتاج لعلاج نفسي. لذا على الشيخ ان يحيل أي حاله تحتاج للعلاج النفسي للطبيب النفسي: كحالات الوسواس القهري والفصام والاضطراب الوجداني والاكتئاب والصرع الطبي والهوس ونوبات الهلع والاضطراب التحولي والاضطراب الانشقاقي وغير ذلك. ومعظم حالات الوسواس بما في ذلك الوسواس الديني الذي يراود الشخص به وساوس حول الدين تحتاج لعلاج نفسي. لا تناقض بين الطب والشرع. واثبات السحر والمس والحسد ليس من خلال الطب بل من خلال الشرع. ودور أي راقي تشخيص الحاله ان كان مرض نفسي او حسد او مس او سحر. وتعرضت اللقاءات مشكله ان 80 % من الحالات التي ترد لشيوخ الدين للعلاج من المس او الحسد هي حالات تحتاج للعلاج النفسي ولكن الناس تهرب من العلاج النفسي لشيوخ الدين. ومن ثم يجب ان يكون شيخ الدين صادق ويحيل الحالات للعلاج النفسي مادام يعلم انها حاله تحتاج للعلاج النفسي ولا علاقه لها بالمس او الحسد ودعا الشيخ عمرو الليثي الناس التوجه للطب النفسي قبل اللجوأ لشيوخ الدين للعلاج من أي حاله.

7) قال عبدالله بن الإمام أحمد بن حنبل: قلت: لأبي إن أقواما يقولون: إن الجني لا يدخل بدن المصروع، فقال: يا بني، يكذبون، هو ذا يتكلم على لسانه. وهذا الذي قاله أمر مشهور، فإنه يصرع الرجل فيتكلم بلسان لا يعرف معناه، ويضرب على بدنه ضربًا عظيمًا لو ضرب به جمل لأثر به أثرًا عظيمًا، والمصروع مع هذا لا يحس بالضرب ولا بالكلام الذي يقوله، وقد يجر المصروع غير المصروع، ويجر البساط الذي يجلس عليه ويحول الآلات، وينقل من مكان إلى مكان، ويجري غير ذلك من الأمور من شاهدها أفادته علمًا ضروريا بأن الناطق على لسان الإنسي والمحرك لهذه الأجسام جنس آخر غير الإنسان.

وختاما يبدو لي ان لدينا شيوخ دين في غزه سبقوا في العلم والقدره كافه شيوخ الدين بالعالم. بدليل انني رايت اكثر من 50 حاله تلبس تعالج عند المرحوم الشيخ احمد نمر وكان ينطق الجن على لسانهن جميعا في عام 1998 بمجرد ان اذن الشيخ الله اكبر للصلاه. بينما مازال شيوخ الدين بالعالم يناقشون حتى اليوم اذا يوجد تلبس الا وان كان الجن ينطق على لسان المريض. بركاتك يا شيخ احمد نمر رحمه الله عليك وتغمد روحك الجنه.

واعتقد جازمه ان اهم سبب لهروب الناس من العلاج النفسي ان ادويه العلاج النفسي نفسها ممكن تتسبب في تدهور في حاله الشخص اكثر من ان تعالجه. كثير من الادويه تسبب رعشه في يد الشخص وتغير تام بسلوكه مثلا . ومعظم الاطباء النفساويين يرون كافه الناس مرضى. كما ان الشخص الذي يكتئب بسبب مشكله يكون ذلك بسبب ان هناك ظلم وقع عليه ولا يستطيع رفع هذا الظلم بسبب الفساد المستفحل الذي تسبب بظلمه. ولا يجد من ينصره. بل قد يجد انه يعاقب على الشكوى. واعتقد هنا لا الطب النفسي ولا العلاج الروحاني سيفيد. والحل الرئيسي هنا يكمن في ايجاد سبل لرفع الظلم عن المظلومين.

سهيله عمر

[email protected]