إن شعبنا الفلسطيني والقيادة الفلسطينية مصممون على موقفهم من أجل تحقيق المصالحة الفلسطينية واستعادة قطاع غزة وان الخيار الديمقراطي هو الخيار الوحيد أمام القيادة الفلسطينية، ولعل الوضع القائم حاليا بخصوصية الحالة الفلسطينية يتطلب العمل على وضع الترتيبات اللأزمة لإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية بأسرع وقت ممكن، وفى حال عدم التوصل إلى اتفاق المصالحة الوطنية لا بد من اتخاذ القرارات المتعلقة بإنهاء الانقسام، والدعوة إلى إجراء انتخابات فى الضفة الغربية بعيدا عن قطاع غزة فى حال استمرار رفض حماس المصالحة الفلسطينية وإجراء انتخابات فلا يعقل أن يستمر المجلس التشريعي الفلسطيني لمدة أثني عشر عاما بدون عمل ويخضع للسيطرة والقرارات الحزبية والمواقف الخاصة ولا يعبر عن تطلعات الشعب الفلسطيني فأصبح هذا الأمر غير قابل للاستمرار ولا بد من وضع حد قانوني له والدعوة إلى إجراء الانتخابات الفلسطينية من قبل القيادة الشرعية في الضفة الغربية.
مرة اخرى تعود الى الواجهة الاعلامية تلك الاجراءات التى اتخذتها حماس في قطاع غزة ونجد أنفسنا محاصرين بقرارات أحادية الهدف والموقف ويجد شعبنا الفلسطيني نفسه محاطا بسلسلة من القيود والأوهام الحزبية المقيتة وممارسات حركة حماس وإعادة ما أطلقت عليه عملية التدوير وقيام حماس بتشكيل حكومة بقطاع غرة ما يطلق عليها (اللجنة الإدارية) والإعلان عنها مجددا ما هو الا إمعان وخطوة مثيرة للجل وتأكيد على استمرار الانقسام وسيطرتها علي قطاع غزة ورفضها لكل الحلول المطروحة، وتوجيه ضربة موجعة للجهود المصرية ومواقف الرئيس محمود عباس والفصائل الفلسطينية والأطراف العربية التي تسعى لإنهاء الانقسام وإتمام المصالحة ولم الشمل الفلسطيني، فى الوقت الذي تبذل فيه الفصائل الفلسطينية جهودها وتقدم مشروع وخطة زمنية لاستئناف حوار المصالحة مع العلم ان المصالحة لا تحتاج للحوار بل تحتاج وبشكل واضح تمكين الحومة فى قطاع غزة وعدم وضع العراقيل امامها وان من شان اعادة تشكيل ما يسمى باللجنة الادارية العودة الي المربع الاول وإعلان واضح وصريح من قبل قيادة حماس رفضهم التام لكل الجهود المصرية وجهود الفصائل الفلسطينية وتشكيل خطوة استباقية ووضع العراقيل لكل المساعي والجهود العربية وخاصة الوفد المصري، مما يعكس جو الاحباط الشعبي والسخط العام وعدم التفاؤل اطلاقا بنوايا قيادة حماس حيث بات من الواضح بان قراراتها تخضع لمعايير وحسابات اقليمية باتت لها كل التأثير على قرارات المصالحة .
ان الاوضاع المعيشية وما نتج عنها من معاناة لأبناء شعبنا وما الت اليه الظروف الصعبة في قطاع غزة هي صفحة سوداء في التاريخ الفلسطيني ولم يمر في تاريخ الحركة الوطنية تاريخ أسود كما حدث ويحدث فى قطاع غزة، حيث نفذت حركة حماس انقلابها على الشرعية وعلى النظام السياسي الديمقراطي الفلسطيني، ولتعود وتتمسك بخيار اعادة تشكيل لجنتها الادارية في قطاع غزة وهى بمثابة حكومة موازية للحكومة الفلسطينية برئاسة الدكتور محمد اشتية ولتتحكم فى مجمل الاوضاع الحياتية والظروف المأساوية الصعبة التى يعيشها اهلنا في قطاع غزة بالإضافة الى فرض الضرائب وقيامها بجمع من 70 الى 80 مليون دولار شهريا فى ظل غياب المؤسسات الفلسطينية ومنعها من مزاولة عملها وممارسة عمل الحكومة الفلسطينية اسوتا بالضفة الغربية مما يزيد من المشاكل تعقيدا وصعوبة التوصل الى افاق للمصالحة الوطنية الشاملة .
إن تجربة حكم حماس في غزة أثرت سلباً وبشكل كبير على معركة القيادة الفلسطينية مع الاحتلال ألإسرائيلي كما أثرت على مكانة منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا ألفلسطيني إضافة لما قدمته من ذرائع ومبررات للحكومات الإسرائيلية ألمتعاقبة باتخاذ الانقسام الناتج عن الانقلاب كذريعة للتهرب من استحقاقات العملية السياسية، وليس لحركة حماس وقادتها ما يمكن أن تخفيه من وراء أهدافها التي باتت واضحة من اللعب علي الساحة الفلسطينية ورسم سياساتها ومنهجها الاستراتيجي في الهيمنة علي مجمل الأوضاع علي الساحة الفلسطينية ومحاولة رسم سياسات متجددة لأهدافها تعميقا لدورها في تشويه صورة الشعب الفلسطيني وحرف مسار منظمة التحرير الفلسطينية وإعاقة تقدم مسيرة العمل الوطني وضرب انجازات المؤسسات الفلسطينية .
اننا نطالب بإيجاد الحلول المناسبة لمشكلة غزة من خلال الاسراع فورا بالانتقال الى اقصر الطرق للوحدة الوطنية على اساس التزام واضح من الجميع بتنفيذ اتفاق 2017، دون اي شروط او معوقات من أحد في مواجهة صفقة القرن والعنجهية الاسرائيلي ، وإن إنهاء الانقسام وآثار ألانقلاب يعد مصلحة وطنية عليا وأساس لمواجهة التحديات التي أمأمنا ومواجهة تطرف حكومة الاحتلال، وفى مقدمة ذلك كله العمل على تمكين الحكومة الفلسطينية من بسط سيادتها في قطاع غزة وإعطائها فرصة العمل وحل أزمات غزة وتنفيذ الاتفاقيات الموقعة هو أساس إنهاء الانقسام وإعادة عجلة الحياة السياسية والتحضير لاجراء الانتخابات الفلسطينية الشاملة، وإن شعبنا تواق الى ممارسة حقه الانتخابي ومن حقه ممارسة خيارة الديمقراطي وتجديد الحياة الديمقراطية السياسة ومشاركة مؤسسات المجتمع المدني باتخاذ القرارات لبناء المؤسسات القادرة على حماية الدولة الفلسطينية ومواجهة المخاطر والمؤامرات التى تتعرض لها القضية الفلسطينية، وبات مطلوبا اليوم أن نعمل على توحيد مؤسسات الوطن وإعمار غزة والتحضير للانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني والمجالس المحلية.
بقلم/ سري القدوة
سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية