شرع مئات الأسرى بالإضراب المفتوح عن الطعام جراء تعنت إدارة السجون الإسرائيلية وتجاهلها لمطالب الأسرى وحقوقهم، لينضموا لـ(39) أسيراً مضرباً عن الطعام احتجاجاً على عدم تنفيذ إدارة سجون الاحتلال ما تم الاتفاق عليه بشأن أجهزة التشويش المسرطنة في نيسان/ ابريل الماضي.
ويأتي تصاعد حدة المواجهة، مع استمرار إدارة معتقلات الاحتلال على موقفها الرافض للاستجابة لمطالب الأسرى أهمها، الالتزام بالاتفاق السابق المتعلق بإزالة أجهزة التشويش المسرطنة، وتفعيل الهواتف العمومية، إضافة إلى وقف الإجراءات العقابية التي فرضتها على الأسرى المضربين في العاشر من الشهر الجاري.
وقال نادي الأسير، إن "دفعات جديدة من الأسرى شرعت بالإضراب المفتوح عن الطعام، ليصل عدد الأسرى المضربين إلى 140 أسيراً، من معتقلي "عوفر، ومجدو"".وأوضح نادي الأسير في بيان (16/9)، أن إدارة المُعتقلات نقلت غالبية الأسرى المُضربين عن الطعام من الأقسام العامّة إلى زنازين العزل. مشيراً إلى أنّ الأسرى بصدد إدراج مجموعة إضافيّة من المطالب في حال استمر الفشل كمصير للحوار، من ضمنها زيارة عائلات أسرى غزة علاوةً على مجموعة من المطالب الحياتيّة.
واعتبر نادي الأسير أنّ موقف إدارة معتقلات الاحتلال مُستمد أولاً من الموقف السياسي لدى الاحتلال، بإبقاء الأسرى كأداة للتجاذبات السياسية الحزبية، لدى انتخابات الاحتلال، بحيث تصبح مطالب الأسرى مصدراً لمن يثبت قدرته على رفضها، وفرض المزيد من السياسات التنكيلية والانتقامية لإرضاء الشارع الإسرائيلي.
وأفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أن إدارة سجن ريمون وبمجرد إعلان الأسرى إضراب الدفعة الأولى عن الطعام ضد الأجهزة المسرطنة، قامت بإدخال قوات القمع إلى قسمي رقم (1،4)، وعمدت إلى نقل جميع الأسرى المضربين لعزل سجن نفحة.
لا تحركات رسمية
وقال الهيئة، إن "أكثر من 200 أسير في معتقل ريمون كانوا قد دخلوا إضراباً مفتوحاً عن الطعام في (9/9/2019) استمر ليوم واحد، للمطالبة بإزالة أجهزة التشويش المسرطنة". مبينةً أن جلسة حوار عقدت بين الإدارة وممثلي الأسرى، تم الاتفاق خلالها على تعليق الإضراب مقابل البدء بتنفيذ مطالب الأسرى، لكن الإدارة عادت للمماطلة والتسويف.
وأدانت الهيئة سياسة التعنت التي تتبعها إدارة سجون الاحتلال في الاستجابة لأبسط المطالب الحياتية والإنسانية لأبناء الحركة الأسيرة. مطالبةً بضرورة مساندة الأسرى في معركتهم النضالية وفضح جرائم الاحتلال المرتكبة بحقهم والتي تخالف كافة المواثيق الدولية ومبادئ حقوق الإنسان.
وتسبب أجهزة التشويش التي تضعها إدارة السجون الإسرائيلية للتشويش على أجهزة الاتصال التي يتم إدخالها سراً للأسرى، آلاماً وصداعاً للمعتقلين، وتمنعهم من التواصل مع أهلهم في ظل عدم السماح لهم باستخدام هواتف عمومية في السجون، حسب مؤسسات حقوقية وأهالي الأسرى.
وأوضح مدير مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية "حريات" حلمي الأعرج أنه لا توجد تحركات على المستويين الرسمي والدولي لإلزام الاحتلال بإزالة أجهزة التشويش المسرطنة، وتقتصر على الفعاليات الشعبية في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة.
وطالب الأعرج القيادة الرسمية بالتحرك دولياً لإدانة انتهاكات الاحتلال لحقوق الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ودعوة منظمة الصحة العالمية والمنظمة الدولية للصليب الأحمر لإنقاذ الأسرى وحمايتهم من تفشي الأمراض المسرطنة التي تؤدي للوفاة، لا سيما ما حدث مع الأسير بسام السايح الذي استشهد جراء سياسة الإهمال الطبي.
انضمام أسرى جدد
وكشف مدير مؤسسة "مهجة القدس" ياسر مزهر عن عقد لقاء بين لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية مع مدير المنظمة الدولية للصليب الأحمر (17/9) وجرى وضعه بصورة الأسرى المضربين عن الطعام والدعوة لإنقاذهم قبل فوات الأوان.
وتوقع مزهر انضمام العشرات من الأسرى للإضراب في حال لم يستجب الاحتلال لمطالب الأسرى المضربين. لافتاً إلى أن فشل الحوار بين الحركة الأسيرة ومصلحة السجون الإسرائيلية (12/9) دفع الأسرى لخوض الإضراب عن الطعام.
وأضاف مزهر: "لا نعول على المؤسسات الدولية التي تواصل صمتها اتجاه جرائم الاحتلال الإسرائيلي وتنصله من كافة الاتفاقيات، بل نعول على إضراب الأسرى في معركة الأمعاء الخاوية، وعلى الفعاليات الشعبية المساندة للأسرى". داعياً لوحدة الحركة الأسيرة وخطواتها النضالية الضمانة لإلزام الاحتلال بتنفيذ أي اتفاق.
دعم الأسرى وتدويل قضيتهم
ودعا المراقبون لتوسيع دائرة المشاركة الشعبية في دعم الأسرى وإسنادهم في معاركهم الساخنة، ضد إدارات السجون وقوات الاحتلال، وإعادة الاعتبار للدور النشط للهيئات الفلسطينية الرسمية، المعنية برعاية شؤون الأسرى والمعتقلين وعائلاتهم، والدفاع عنهم أمام محاكم سلطات الاحتلال، وإصدار التقارير الدورية عن أوضاعهم إلى الرأي العام.
وتخوض الحركة الأسيرة على الدوام معارك شبه يومية، دفاعاً عن كرامة الأسرى والمعتقلين، وعن حقوقهم في الحد الأدنى من الحياة الكريمة، إلى أن ينبلج فجر الحرية لهم، لعموم شعبنا وأرضنا، والفوز بالحقوق الوطنية.
ويأتي في مقدمة سبل دعم الأسرى تدويل قضيتهم ووضع مؤسسات الأمم المتحدة ذات الصلة أمام انتهاكات الاحتلال بحقهم وتجاهله للقوانين الدولية ، وشرعة حقوق الإنسان وقرارات الشرعية الدولية، ومواصلة النضال مع الجاليات الفلسطينية، خاصة في أوروبا والأميركيتين، لتحويل قضية الأسرى والمعتقلين إلى قضية رأي عام، مستفيدين من إمكانية التعاون مع اللجان والمؤسسات الحقوقية المعنية بقضايا حقوق الإنسان، وإحالة قضايا الأسرى الشهداء في سجون الاحتلال إلى محكمة الجنايات الدولية، باعتبارها جرائم حرب ومقاضاة الأفراد والجهات المسؤولة عن هذه الجرائم.
وخاض مئات الأسرى في نيسان/ ابريل الماضي، "إضراب الكرامة 2" الذي استمر لـ8 أيام، وانتهى بعد اتفاق جرى بينهم وبين وإدارة المعتقلات، تضمن تلبية مجموعة من مطالبهم، أبرزها التوقف عن نصب أجهزة التشويش، والبدء بتركيب وتفعيل استخدام الهواتف العمومية.
ومن الجدير بالذكر أنّ معركة أجهزة التشويش بدأت فعلياً منذ شهر شباط/فبراير 2019، وتبعها خطوات نضالية من الأسرى لمواجهتها، مقابل ذلك نفذت إدارة معتقلات الاحتلال عمليات قمع هي الأعنف منذ سنوات، منها عملية القمع الكبيرة في معتقل "النقب الصحراوي" التي جرت في آذار/مارس الماضي.
ويشار إلى أن عدد شهداء الحركة الوطنية الأسيرة بلغ (221) شهيداً منذ عام 1967 جراء التعذيب والقتل المتعمد والإهمال الطبي، فيما تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي اعتقال نحو 5700 أسير فلسطيني، موزعين على قرابة 23 مركز تحقيق وتوقيف وسجن، بينهم 230 طفلا و48 معتقلة و500 معتقل إداري "بلا تهمة" و1800 مريض بينهم 700 بحاجة لتدخل طبي عاجل.