عودة المهدي المنتظر..

بقلم: أشرف صالح

في عام 1979م , ظهر شخص إسمه "جهيمان العتيبي" وهو ينتمي الى السلفية المحتسبة , وقام بإقتحام الحرم المكي , وحجز كل من بداخله كرهائن , وكان معه شخص إسمه "محمد بن عبدالله القحطاني" , يدعي أنه الإمام المهدي المنتظر , ورغم أن السعودية في تلك الفترة , كانت أكثر تمسكاً بالفكر الوهابي السلفي , والذي أسسه الشيخ العالم "محمد بن عبد الوهاب" في القرن الثامن عشر ميلادي , في شبه الجزيرة العربية , وتحديداً نجد , إلا أن العتيبي والقحطاني كانا يريان أن السعودية ليس على منهاج الخلافة آناذاك , فكانت مهمة جهيمان العتيبي , أن يجبر المملكة شعباً ونظاماً , وبقوة السلاح , أن يبايعون محمد القحطاني على أنه الإمام المهدي المنتظر , وبعد صدور فتوى من مفتى السعودية آناذاك , بإقتحام الحرم المكي , وتخليص الرهائن , تمت السيطرة بالفعل من قبل الأمن السعودي على الحرم المكي , ومات من مات , وسجن من سجن , ومنذ ذلك الحين إلى يومنا هذا , لم نسمع بمثل هذه الظاهرة في السعودية , ولكننا سمعنا عن ظواهر كثيرة , وفي أماكن مختلفة , عن عودة الإمام المهدي المنتظر..

الجماعة الأحمدية , يعقتدون أن إمامهم ومؤسسهم "ميرزا غلام أحمد القادياني" هو الإمام المهدي المنتظر , وهو من الهند..

أما الشيعة الإثنى عشرية , فيعتقدون أن الإمام المهدي المنتظر , لا زال في السرداب , منذ دخله وعمره 5 سنوات الى يومنا هذا , وهو "محمد بن الحسن العسكري" , ولد عام 255هــ ومن نسل الحسين بن علي . بحسب إعتقادهم..

أهل السنة والجماعة يتفقون مع الشيعة بظهور المهدي المنتظر , ويتفقون أيضاً أنه من آل البيت , ولكنهم يقولون أنه من نسل الحسن بن علي , وليس الحسين , ويتفقون أيضاً مع الشيعة أن إسمه محمد بن عبدالله , وذلك إستناداً على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : "لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل إسمه يواطئ إسمي , وإسم أبيه يواطئ إسم أبي , يملأ الأرض قسطاً وعدلاً , بعد أن ملئت ظلماً وجوراً" , فالخلاف الجوهري بين السنة والشيعة , هو وجوده في السرداب , كأمام صاحب معجرة , بحسب إعتقاد الشيعة , فالسنة يقولون أنه إمام كباقي البشر , سيظهر في زمن الظلم والجور , وسيكون إمام وخليفة المسلمين العادل..

بعيداً عن إعتقادات المذاهب الدينية , والتي تستند بعضها على الأحاديث , فمنها الضعيفة ومنها الصحيحة , حول شخصية الإمام المهدي المنتظر , فلا زال الخلاف قائم في هذه المسألة بين علماء المسلمين الى يومنا هذا..

في هذه الأيام , وبعد الثورة التكنولوجية والفضائية , خرج إلينا الكثيرون من الأشخاص , يدعون أنهم المهدي المنتظر , وبهدف الحصول على الشهرة والنجومية , حملوا في أعناقهم شبهة تؤدي الى الكفر والعياذ بالله , وبالفعل حققوا الشهرة من خلال نشر صورهم على وكالات الأنباء والصحف , وحضورهم كضيوف في الفضائيات , ولكن مسبات القراء والمشاهدين لهم عبر الفضائيات , قتلت فيهم فرحة الحصول على الشهرة "وكأنك يا أبو زيد ما غزيت" , فمنهم من سجن , ومنهم من قتل , ومنهم من دخل مستشفى المجانين , وللأسف , منهم من لا زالوا ضيوفاً في برامج الفضائيات , لا تهمهم شتائم ومسبات الجمهور , بقدر ما تهمهم الشهرة..

بحسب متابعتي للموضوع , شاهدت أحد المدعين بأنهم المهدي المنتظر , وهو شيخ أزهري يدعى "محمد عبدالله نصر" والملقب "ميزو" , وكان في مناظرة تلفزيونية مع  صاحب اللياقة اللغوية , وهو خطيب وإمام مسجد السيدة زينب , الشيخ الدكتور  "عبدالله رشدي" , فمن خلال الحلقة أدركت أن إدعاء محمد نصر أنه المهدي , كان من باب السخرية , وأنه لا يؤمن بشيئ إسمه المهدي , معللاً أن كل شخص فينا هو مهدي منتظر , وقادر على التغيير والإصلاح , وأن كل شخص عليه أن يبدأ من نفسه , ومن ثم يؤثر على الآخرين.. فهذا هو المهدي المنتظر من وجهة نظر محمد عبدالله نصر..

الخلاصة..

أنا أختلف مع محمد عبدالله نصر بما يحمله من شبهة , وينكر من خلالها  وجود المهدي , وذلك إستناداً على إجماع علماء المسلمين , والأحاديث وغيرها , والتي تؤكد حقيقة المهدي , ولكنني أتفق مع نصر بما يراه واجباً على كل مسلم , وهو أن يحمل كل مسلم رسالة المهدي , ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً , ويبدأ من نفسه في الإصلاح , ومن ثم يؤثر على من حوله , ومن ثم يؤثر على المحيط الأوسع... إلخ , حتى يصبح الإصلاح ثقافة بين الناس , يجب أن نؤمن بالمهدي المنتظر , وننتظر عودته كما تعلمنا من أهل السنة والجماعة , وأن نسعى أيضاً بأن يكون كل شخص منا حاملاً رسالة المهدي , وهي القسط والعدل..

بقلم/ أشرف صالح