لم يكن يدري بأنه سيلقى امرأة شفافة على حافة الكون، عندما ضلّ طريقه بين النجوم بعد تحطّمِ مركبته، فوجد نفسه نائما على رمالٍ حمراء في كوكب بعيد عن مجرّته، فراح ينظر إلى جبال الكوكب باندهاش، وفجأة ظهرت له امرأة شفافة، فخاف منها، ورجع للخلف خطوات، وظل ينظر إليها بتعجبٍ.. كان جسدها شفافا لدرجة أن كل شيء من أعضائها كانت مرئية، فقال في ذاته يا لغرابة الكون، امرأة مختلفة عن نساء الأرض، دنت منه وتحدثت معه المرأة بلغة فضائية لم يفهم منها أي شيء، وراح يرسم لها كوكبه البعيد، وكانت تتابع رسمه باهتمامٍ، وبعد أن علمتْ منه أين مسكنه الأصلي بكتْ، فهي أصلا طفرة جينية ولدتُ على كوكبٍ أحمر، هكذا رسمت له بداية حياتها، لكنها تركته وخطتْ صوب كهفٍ دافئ وغطّت في نومها، أما هو فراح يبحث عن مركبته، التي تحطمت لعلّه يستطيع إصلاح جهاز الاتصال بها، لكي يرسل إشارة إلى كوكبه من أجل إنقاذه وإرجاعه، وفي طريقه وجد المرأةَ الشفافة تبكي فحضنها رغما عنه، وعطفَ عليها، وفهِمَ من إشاراتها بأنها تريد الخروجَ من هذا الكوكب، وراحت تصلّح معه جهاز الاتصال في المركبة المتحطمة، واستطاعت أن ترسل إشارة إلى كوكبِها، وبعد مرور وقتٍ قصير تلقيا إشارةً من كوكبها، فعلِمَ بأن مركبة قادمة لإنقاذها، وبعد أيام من انتظارهما هبطتْ مركبةٌ بالقرب منهما، وراحت تخطو صوب مركبتها، التي وصلت للتو، ونظرت صوب الرّجُل الحزين ونادته، وفهم منها بأنها تريد أن يرحلَ معها، ففرح الرجل وقال في ذاته لعلني أصل يوما ما إلى كوكبي، فلماذا لا أرحل مع هذه المرأة الشفافة التي وجدتها تبكي على حافة الكون، وفي المركبة نادته ووضعت يدها على الشاشة وفهم منها بأنها تشير إلى كوكبه فهو ليس بعيدا عن كوكبي، فهز رأسه وقال يوما سأعود إلى كوكبي، الذي على ما يبدو غبت عنه دهرا، فلولا هذه المرأة الشفافة لكنت ميتا على الرمال الحمراء هذا ليس حلما امرأة شفافة ها هي تقف أمامي، وشعرت بلمسات يديها بينما كانت تربت على كتفي لتهدئتي قبل أيامٍ إنه ليس حلما البتة فهو منذ ولادته لم يحلم البتة، فها هي تمسك يدي بهدوء شفاف.. ..
بقلم/عطا الله شاهين