نظمت إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان اليوم الإثنين ندوة على هامش الدورة 42 لمجلس حقوق الإنسان، لمناقشة دراسة أعدتها حول أثر تواجد مقرات مواقع التواصل الاجتماعي في دول معينة على سياساتها المتعلقة بحقوق الإنسان تجاه عملائها.
وناقشت الندوة دراسة أعدتها مؤسسة الفكر -ومقرها لندن- حول ارتباط مصالح بين حكوماتٍ في الشرق الأوسط والشركات الكبرى لمواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر، وأثر ذلك على حقوق مواطني تلك الدول في الخصوصية وحريات الرأي والتعبير.
وافتتحت الندوة رئيسة الجلسة، "آية سيف" مؤكدةً على الحاجة الملحة لوضع حدٍّ لرقابة الحكومات على مواطنيها من خلال توظيف مواقع التواصل الاجتماعي التي غالبَا ما تستجيب لسياساتٍ تفرضها عليها الدول مقابل السماح لها بتقديم خدماتها داخل حدودها.
وفي ورقة أعدها "خليل أغا" مستشار إمباكت لوسائل الإعلام الرقمية قال إن الدراسة التي أعدتها مؤسسة الفكر "لا تلقي الضوء على مشكلة محلية وحسب، ولكن تناقش كذلك مصدر قلق عالمي بشأن تهرب الحكومات والشركات متعددة الجنسيات من الالتزام بمعايير الخصوصية وحقوق الإنسان منذ أن بدأت الوسائط الرقمية تكتسب تأثيرًا اقتصاديًا وسياسيًا كبيرًا"
وأضاف "أغا" أن بعض حكومات الشرق الأوسط فرضت قوانين جديدة على المواطنين للتحكم بنشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي. على سبيل المثال، فرضت الإمارات العربية المتحدة بداية من يونيو 2018، تفرض على الأشخاص المؤثرين على منصات التواصل دفع مبالغ مالية مرتفعة مقابل الحصول على ترخيصٍ لممارسة النشاطات ذات التوجه التجاري تصل إلى نحو 15,000 درهمًا إماراتيًا (ما يعادل 4,000 دولارًا أمريكيًا) سنويًا.
أما في جمهورية مصر العربية، فإن حسابات التواصل الاجتماعي التي يتابعها أمثر من 5 آلاف شخصٍ تخضع للرقابة، كما يحتاج المواطنون إلى الحصول على تراخيص من السلطات لإنشاء مواقع إلكترونية.
وفيما يتعلق بإغلاق حسابات النشطاء على موقع فيسبوك، ذكر ممثل إمباكت أن الفلسطينيين يتعرضون لحملة ممنهجة تتضمن إغلاق حساباتهم وحذف منشوراتهم بشكلٍ تعسفي حال تعليقهم أو حديثهم عن سلوك السلطات الإسرائيلية تجاه المدنيين في الضفة الغربية والقدس أو في قطاع غزة. وقال "كل ما تحتاجون معرفته حول خلفيات هذا الموضوع أن مكتب موقع فيسبوك يتواجد في إسرائيل!"
وقال "أغا" إن الحكومات "حين لا تتمكن في بعض الحالات من إسكات المعارضين على وسائل التواصل الاجتماعي، فإنها تلجأ إلى "الانضمام إليهم" باستخدام الوسائل ذاتها.
على سبيل المثال، تشن وسائل الإعلام الحكومية في العالم العربي هجمات عنيفة على الناشطين الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لتشجيع المواطنين على النزول إلى الشوارع والاحتجاج من خلال تجريمهم ووصفهم بأصوات الدمار.
وفي مداخلتها، قالت "سيلين يشار"، المتحدثة باسم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنه وفي الوقت الذي أصبحت فيه الشركات متعددة الجنسيات -بما في ذلك شركات التواصل الاجتماعي- قادرةً أكثر من أي وقتٍ مضى على الوصول إلى عشرات الملايين من المستخدمين حول العالم، فإن تأثيرها المتسع يدفع ببعض الحكومات إلى الاستفادة من ذلك التأثير للوصول إلى مواطنيهم.
يكمن ذلك عادةً في شن الأنظمة في دول الشرق الأوسط، ودول الخليج على وجه التحديد، هجمات واسعة عبر موقعي فيسبوك وتويتر على النشطاء الذين ينتقدون سياساتهم، من خلال توظيف آلاف الأشخاص الذين يتكفلون بالرد عليهم وتوجيه الاتهامات للمعارضين.
وأكدت "يشار" أن السلطات الإسرائيلية تفرض رقابة مشددة على نشاط الفلسطينيين عبر موقع فيسبوك، الذي بدوره يتعاون معها في حذف وحظر الحسابات التي ينشر الناشطون والصحافيون الفلسطينيون عبرها آراء مناهضة للاحتلال.
وفي ورقة قدمها "محمد المغبط" الباحث في مؤسسة هيومينا لحقوق الإنسان والمشاركة المدنية، قال إنه "لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال تفسير دوافع "الأمن القومي" في حال انتهاكه بشكلٍ واضحٍ لأهداف وأغراض العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية."
وأضاف أن حكومات الشرق الأوسط تستخدم الإنترنت أداةً لقمع المعارضين والنقاد. على سبيل المثال، "سعت مصر إلى الحصول على تكنولوجيا المراقبة التي تسمح للسلطات بحظر ومراقبة وإعادة توجيه النشاط على الإنترنت، مما يسمح بقدر كبير من سيطرة الدولة على الإنترنت."
وخلصت الندوة إلى ضرورة التزام شركات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك فيسبوك وتويتر، بمدونة من خلال ضغط المواطنين والهيئات الدولية على الحكومات في الشرق الأوسط من أجل احترام خصوصيات وحريات الأفراد والمواطنين في الرأي والتعبير.