قال رئيس الوزراء الفلسطيني د. محمد اشتية: "لقد كانت الصين معنا في زمن استراتيجية الكفاح المسلح، ولعبت دوراً مهما في دعم العملية السلمية التفاوضية، وفي دعمنا في مرحلة تدويل الصراع، ونحن على ثقة أنها ستكون معنا في هذه المرحلة الراهنة، مرحلة الانفكاك عن الاحتلال، والصمود المقاوم".
جاء ذلك خلال كلمته في الاحتفال بالذكرى السبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، اليوم الاثنين في رام الله، بحضور السفير الصيني لدى فلسطين قوه وي، ومحافظ رام الله والبيرة د. ليلى غنام، وعدد من أعضاء اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح، ووزراء وشخصيات رسمية واعتبارية.
وأضاف اشتية: "أنقل لكم تحيات وتهاني الرئيس محمود عباس، إلى الصين وشعبها، وإلى فخامة الرئيس شي جين بينغ، بهذه المناسبة السعيدة".
وتابع رئيس الوزراء: "احتلت الصين مكانة رفيعة جدا في العقل والذاكرة الفلسطينيتين، بفضل دورها الريادي المبكر، في دعم الثورة والنضال الفلسطيني، وإنه لمن دواعي سرورنا وفخرنا، أن يكون احتفالنا معكم على أرض فلسطين، فهذا الاحتفال ما كان ليتحقق، على هذه الأرض، لولا عقود من النضال الفلسطيني، الذي كان لدعم الشعوب والأمم الحرة ومساندتها، وفي مقدمتها الصين، أعظم الأثر في نجاحه، في تحقيق الخطوات التي قطعتها حركتنا الوطنية على طريق التحرر والوصول إلى الحقوق المشروعة".
واستدرك: "نثمن عاليًا الموقف الصيني، حول الورشة الاقتصادية التي دعت لها الولايات المتحدة الأميركية في البحرين، في شهر حزيران (يونيو) الماضي، والتي تعبر عن فهم ورفض لمحاولة الالتفاف على الشرعيات الدولية، واستبدال هذه الورشة، بالأطر الدولية المتفق عليها، وحتى استبدالها بالمفاوضات والعملية التفاوضية، والسعي لا لتجاوز الحقوق السياسية الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، وحسب، بل وأيضاً فرض تصور محدد للاقتصاد الفلسطيني، يبعد عنه أولاً الاطر الدولية التي تعاملت معه، وثانيًا يسعى لإيجاد اقتصاد تابع للاحتلال، يعيق مجرد التفكير بالانفكاك عن الاحتلال".
وبيّن اشتية: "إننا في فلسطين بحاجة لتفعيل دور الحكومة في إدارة الشأن العام، وسد ثغرات السوق، مع إبقاء المدى مفتوحًا للاقتصاد الخاص، وللمبادرات الخلاقة والإبداع لدى الأفراد والشركات، على السواء، وكل هذا في إطار استراتيجية نتنباها في الوقت الراهن هي استراتيجية الصمود المقاوم، ولعلي هنا أقف عند الاتفاقية الأخيرة الموقعة يوم 29 آب (أغسطس) الفائت بين بلدينا، والتي قدمت فيها الصين مساعدات ستخصص لمساعدة الطلبة في المدارس والفقراء، ما يعزز أهمية دعم الفئات التي تحتاج إلى عون، وإنشاء مناطق الطاقة الشمسية في بني نعيم ومشاريع أخرى كثيرة".
وأوضح رئيس الوزراء: "إننا ونحن ننطلق من اجل إنهاء الاحتلال وبرامج الاستقلال الاقتصادي، والصمود، نفكر في سبل الريادة والتمكين، والتطور التكنولوجي، وهذا يجعل أنظارنا تتجه نحو نماذج، تُعتبر الصين في مقدمتها، لما حققته أولاً من إنجازات عالمية مرموقة في الإدارة، والتمكين، والحوكمة، والتكنولوجيا، مع الإيمان في الوقت ذاته بالتعاون مع شعوب العالم، وبحق هذه الشعوب في التنمية المستقلة بعيداً عن التبعية".
وأستطرد اشتية: "إنّ الشعب الفلسطيني بما لديه من طاقات بشرية متميزة نفتخر بها، ينظر إلى آفاق الشراكة والقيام بدور فاعل في تنمية التعاون والمصالح المتبادلة، بين الصين والبلدان العربية، وفي هذا الإطار فإننا نؤكد ترحيبنا ومساعينا، لزيادة أنواع التواصل المختلفة بين شعبنا والصين، بما في ذلك افتتاح برامج التبادل الثقافي واللغات واستمرار البعثات التعليمية والتدريبية للصين، ويسرنا أن ندعو الأصدقاء في الصين، إلى المزيد من الزيارات ولإرسال بعثات رجال أعمال وبعثات تعليمية لبلدنا، وإلى قطع أشواط جديدة في التبادل التجاري والاستثماري، وتنمية التعاون المشترك".
وتابع: "ان فلسطين تقدر عاليا برنامج النقاط الأربعة التي بلورتها بكين، في العام 2017، والتي تجسد الموقف الصيني الواضح، وتلخص الشرعية الدولية، فتعزيز حل الدولتين على أساس حدود العام 1967، والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، وحق عودة اللاجئين ودعم "مفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام" الذي ينهي فورا بناء المستوطنات الإسرائيلية، مع تدابير لمنع العنف، والاستئناف لمحادثات السلام على هذا الأساس، وتنسيق الجهود الدولية لوضع تدابير لتعزيز السلام، كما جاء في المبادرة الصينية، إنّ هذه المبادرة تلقى القبول التام من الجانب الفلسطيني، ونأمل أن نرى هذه المبادرة تتحول إلى مبادرة دولية، بما ينسجم مع المبادرة التي أطلقها السيد الرئيس محمود عباس في مجلس الأمن بالأمم المتحدة".
وأردف: "تقدر دولة فلسطين الارتفاع في قيمة تبرعات الصين لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، في العام الفائت، ما يسهم في قطع الطريق على محاولات القضاء على هذه الوكالة، في إطار المساعي لتصفية قضية اللاجئين، وإلغاء حقوقهم".
وقال رئيس الوزراء: "إنّ الجهد الدولي في الشأن الفلسطيني، نراه ضروريا، الآن أكثر من أي وقت سبق لما تشهده المنطقة من تحديات وأخطار تهدد استقرارها والعالم ومصادره الحيوية، ما يفرض اتخاذ موقف دولي رافض لمحاولة تمييع حل مشكلات المنطقة، وتأجيلها، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وذلك بهدف إتاحة المجال أمام المشروع الاستيطاني الاحتلالي ليستمر ويتوسع، إن محاولات تحويل قضية فلسطين من قضية وطن وهوية وتقرير المصير وعودة اللاجئين، إلى قضية إنسانية إغاثية ستفشل حتما، هذا فضلاً عن ضرورة التصدي لسياسات تريد تقويض ما تم تحقيقه من تحقيق تقدم في القانون الدولي ومنظماته، منذ الحرب العالمية الثانية".