دومًا كانت رسالة الأردن ومواقفه الثابتة تجاه المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة واضحة ومبنية على البعد الحضاري والحقوق التاريخية الاصيلة والتى تعبر عن وجدان كل الامة العربية والإسلامية والشعب الفلسطيني، لقد رسخت رسالة الاردن ملكا وحكومة وشعبنا تجاه عملية السلام العادل والشامل والدائم فى المنطقة العربية من اجل استرداد الارض الفلسطينية وقيام الدولة الفلسطينية، وفى هذا السياق كانت تحركات جلالة الملك عبد الله ورسالته في فعاليات الدورة الـ 74 للجمعية العام للأمم المتحدة تحركات مثمرة وبناءة حيث عبرت هذه التحركات عن ما يصبو اليه الشعب الفلسطيني وتطلعات الشعوب العربية باعتبارها تحركات اساسية تسهم في تحقيق وتعزيز فرص الاستقرار والسلام والتصدي للتحديات والأخطار المحيطة بالمنطقة العربية، وبما يعود على شعوب الأمتين العربية والإسلامية بالأمن والاستقرار، واهمية العمل على توحيد الجهد العربي وصياغة المواقف من أجل تحقيق الأهداف المرجوة من اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لرسم خطة وملامح عربية تحافظ على الحقوق وتحفظ الكرامة وتساهم فى توجيه الرسالة الهادفة لوحدة الموقف العربي تجاه عملية السلام التى باتت تعاني من عجز وشلل كامل نتيجة التعنت الاسرائيلي والإصرار الامريكي على التعامل بشكل احادى ضمن مشروع ادارة الرئيس ترامب الذي بات يعرف بصفقة القرن وما تعانيه هذه الصفقة من ازمات قبل ان ترى النور .
إن الأردن مستمر بتأدية دوره التاريخي والديني في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ومن منطلق الوصاية الهاشمية على هذه المقدسات، وضرورة الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم في القدس، واننا نثمن هنا وفى هذا المجال عاليا مواقف الأردن الثابتة بقيادة الملك عبدالله الثاني في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني في جميع المحافل الدولية ودعم القضية الفلسطينية والقدس من اجل في نيل الشعب الفلسطيني حقوقه العادلة والمشروعة.
لقد حرص الأردن وتحرك جلالة الملك عبدالله الثاني سريعا من أجل تحقيق الأهداف وترسيخ المبادئ الأساسية للعمل العربي المشترك من خلال لقاء القمة العربية المصغر بين الرؤساء العرب لمصر والأردن والعراق لصياغة موقف موحد داعم للحقوق الفلسطينية وحماية المقدسات الإسلامية في القدس المحتلة، ورفض كل الإجراءات الأحادية الجانب التي من شأنها تقويض فرص السلام والتأكيد على ان حل الدولتين هو السبيل الوحيد لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس .
لقد شكل لقاء القمة العربية بين بين قادة الدول الثلاثة الرئيس العراقي برهم صالح والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وملك الأردن عبد الله الثاني في نيويورك خطوة مهمة وإيجابية من أجل دعم الموقف العربي وترسيخ السلام ومناقشة التهديدات والمخاطر التي تحدق بالأمة العربية واستمرار اليه الحروب التى تعوق تقدم الامن والاستقرار، ووضع إستراتيجية للتحرك العربي المشترك والخطط التنفيذية والبرامج الهادفة لتحقيق التضامن العربي وتوحيد الجهود الدبلوماسية العربية لمواجهة التمدد الإسرائيلي، من خلال تعزيز العلاقات الثنائية والمتعددة بين الدول العربية والتجمعات الإقليمية والدولية.
ان القمة الثلاثية بين الزعماء والقادة العرب اكدت على اهمية العمل المشترك واستمرار الجهود العربية من اجل دعم الحل السياسي الشامل للقضية الفلسطينية، وأهمية حصول الشعب الفلسطيني على كافة حقوقه المشروعة، بما في ذلك حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية، وفى نفس الوقت طالبت القمة وأكدت على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لوقف بناء وتوسعة المستوطنات غير الشرعية وكافة الخطوات التي تستهدف تغيير الوضع التاريخي والقانوني في القدس، ورفض وإدانة ضم أي أجزاء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، باعتبار ذلك شرطا ضروريا لاستعادة الاستقرار في المنطقة.
ان لقاء القمة الثلاثي يأتي في ظل ظروف عربية صعبة حيث تتعرض المنطقة العربية لخطر الارهاب وكان لقاء القمة الثلاثي الذي اكد على ضرورة القضاء الكامل على كافة التنظيمات الإرهابية أينما وجدت ومواجهة كل من يدعمها سياسيا أو ماليا أو إعلاميا، واستمرار العمل والتنسيق المشترك لتوفير الامن العربي .
ومن اهم الملفات التي ناقشتها القمة الثلاثية الازمة السورية والليبية واليمنية حيث اكد الزعماء الثلاثة على أهمية الحل السياسي الشامل لأزمات المنطقة، وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وبما يحفظ وحدة واستقلال هذه الدول وسلامتها الإقليمية ومقدرات شعوبها ويتيح الحفاظ على الأمن القومي، وضمن ما تواجهه المملكة العربية السعودية من مخاطر وهجمات باتت تهدد منشآتها النفطية وتعرضها للخطر الشديد تطرق الزعماء العرب خلال القمة المصغرة الى اهمية التضامن العربي والدولي الكامل مع المملكة العربية السعودية، وعلى أهمية الحفاظ على أمن منطقة الخليج العربي وتأمين حرية الملاحة فيه كمكون أساسي من مكونات الأمن القومي العربي وأهمية التهدئة وعدم مجارات الموقف والتدافع مع الاحداث وتجنب المزيد من التوتر والتصعيد لما لذلك من أثر سلبي على الاستقرار في المنطقة.
ان القمة الثلاثية للقادة العرب المصغرة والتي جاءت على هامش الدورة الـ 74 للجمعية العام للأمم المتحدة لها بعدها القومي في صياغة اسس المستقبل وبناء مرحلة جديدة لتعزيز سبل التعاون والتنسيق السياسي والاقتصادي والإستراتيجي بين الدول العربية والعمل على الاستمرار في بناء استراتجية شاملة للتعاون في مجالات الاستثمار والتجارة والإسكان والبنية التحتية بما يخدم المصلحة العربية ويساهم في تفعيل اسس العمل العربي المشترك وتعزيز الأمن القومي العربي ومواجهة ما تتعرض له المنطقة من تحديات جسيمة باتت تعصف في الامن القومي العربي.
بقلم : سري القدوة
سفير النوايا الحسنة في فلسطين
رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية
[email protected]