لا يشفع الرداء الأبيض الذي يميز أفراد الأطقم الطبية عن المتظاهرين بمسيرات "العودة" قرب حدود غزة، لهم أمام قناصة الجيش الإسرائيلي الذين يستهدفون المسعفين منذ انطلاق المسيرات قبل نحو عام ونصف، بشكل مباشر ما أدى لاستشهاد 4 منهم وإصابة المئات بجروح وحالات اختناق.
والجمعة، كثفت القوات الإسرائيلية من استهدافها للمسعفين خلال عملهم في مواقع المسيرات الحدودية، ما أدى لإصابة 9 منهم بجروح مختلفة.
وتتهم وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع الجيش الإسرائيلي بتعمد استهداف المسعفين والأطقم الطبية خلال مسيرات "العودة" في محاولة لثنيهم عن ممارسة عملهم الإنساني في إسعاف المتظاهرين المصابين.
المسعفة الفلسطينية صابرين قشطة (28 عاما) أصيبت بعيار ناري اخترق يدها وبطنها، الجمعة، خلال عملها على إسعاف المصابين في مسيرات "العودة" شرقي مدينة رفح، أقصى جنوبي قطاع غزة.
وتقول قشطة لمراسل وكالة الأناضول التركية، إنها توجهت لإسعاف طفل يبلغ من العمر (8 سنوات) بعد إصابته برصاصة بمنطقة الظهر في نقطة قريبة من السياج الحدودي.
وتضيف: "عندما شاهدت إصابة الطفل واكتشفت مدى خطورتها بسبب استقرار الرصاصة بنقطة قريبة من القلب، بدأت أصرخ وأبكي واقتربت من الجنود الإسرائيليين وصرخت قائلة: لماذا أصبتم الطفل؟ ماذا فعل لكم؟".
"كان يرافقني مصور يعمل ضمن الأطقم الطبية، تلقى اتصالا هاتفيا من القوات الإسرائيلية طالبته فيه بإبلاغي بالانسحاب من مكاني، لكني رفضت وواصلت إسعاف الطفل ومحاولة إنقاذ حياته"، تكمل المسعفة صابرين.
وتابعت: "بعدما رفضت الانسحاب أطلقت علي القوات الإسرائيلية 10 رصاصات لكن لم تصبني أي منها، وواصلت إسعاف المصابين".
وبعد دقائق من الاستهداف الإسرائيلي المتواصل للمسعفة صابرين توجه زوجها إلى موقع عملها وطالبها بالمغادرة.
وتحت ضغط إصرار زوجها وبقية زملائها، قررت المسعفة الفلسطينية مغادرة موقع المسيرات حرصا على حياتها إلا أن رصاصة إسرائيلية كانت أسرع منها فأصابتها بشكل مباشر في يدها واخترقت بطنها وغشاء الكبد وتوقفت بمحاذاة العامود الفقري، وفق ما قالت لمراسل وكالة الأناضول.
وفي منطقة "خزاعة"، شرقي مدينة خانيونس (جنوب)، أصيب المسعف صالح خالد الحاج (21 عاما) بقنبلة غاز مباشرة في عينه اليسرى.
ويقول الحاج للأناضول، إنه كان يقدم الإسعافات الأولية لأحد المتظاهرين المصابين، عندما أصيب بشكل مباشر بقنبلة غاز في منطقة العين.
ويوضح المسعف الفلسطيني أن القنبلة تسببت له بكسور في الجمجمة وتمزق وخدوش بالعصب البصري وفقدان للرؤية بالعين المصابة.
ويطالب الحاج المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية والطبية الدولية المعنية بإدانة إسرائيل ومحاسبتها على "جرائمها" ضد الأطقم الطبية الفلسطينية.
من جانبه، يقول المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية بغزة أشرف القدرة، إن "قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ انطلاق مسيرات العودة تتبع سياسة ممنهجة في قتل المدنيين العزل وهذا يتضح من استخدام القوة المفرطة بحق المتظاهرين واستهدافهم في المناطق العلوية من الجسم مثل الصدر والرأس".
ويضيف القدرة: "هذه السياسة الإسرائيلية تجعل الأطقم الطبية تحاول إنقاذ حياة المصابين بكل ما تملك من قدرات، ولذلك الاحتلال الإسرائيلي يعمل على استهدافها بشكل مباشر لثنيها عن عملها الإنساني".
ويشير إلى أن القوات الإسرائيلية تستهدف بشكل متواصل وممنهج المسعفين والنقاط الطبية الموجودة في مواقع مسيرات العودة وسيارات الإسعاف، وذلك بهدف رفع أعداد الشهداء والمصابين من المتظاهرين.
وذكر المتحدث باسم وزارة الصحة، أنه خلال أحداث مسيرات "العودة" قتل الجيش الإسرائيلي 4 مسعفين، وأصاب 779، وتسبب بإضرار مباشرة لـ 133 سيارة إسعاف إثر إطلاق النار وقنابل الغاز عليها بشكل مباشر.
ويطالب القدرة كافة المؤسسات الدولية والهيئات المعنية بحقوق العمل الصحي ومن بينها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بتفعيل إجراءات الحماية للأطقم الطبية الفلسطينية والتنديد بالاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة عليها.
كما يدعو إلى رفع مذكرات ضد القوات الإسرائيلية في المحافل الدولية لفضح ممارساتها ضد الأطقم الطبية الفلسطينية.
ويشير إلى أن وزارة الصحة في القطاع طالبت المنظمات الطبية الدولية، في عدة لقاءات، بالعمل من أجل وقف الاستهداف الإسرائيلي المتعمد للمسعفين وأفراد الأطقم الطبية خلال مسيرات العودة.
ويقمع الجيش الإسرائيلي مسيرات العودة السلمية، التي انطلقت نهاية مارس/ آذار 2018 بعنف، ما أسفر عن استشهاد عشرات الفلسطينيين، وإصابة الآلاف بجراح مختلفة.