كان للمثقف على مدار مراحل التاريخ الدور الهام الاكبر في عملية التحول الحضاري للمجتمعات، إما بالتبشير بحدوث تغيير جذري ونوعي، أو بصناعة التغيير ذاته، ووضع نسغه والوعي بمراحله.
لكن في السنوات الأخيرة نرى أن العديد من المثقفين العرب في حالة اغتراب عن الواقع، ومنعزلون ومتقوقعون حول الذات بالتسامي مع الواقع، ومنهم من وقع في مصيدة التدجين " وجوائز " الخصي "، فاستجاب لإغراء السلطة والتماهي معها، والقليل القليل حافظ على مبادئه واستمر بالمجاهدة الفكرية من تغيير واقعه وتمكين أفكاره.
مجتمعاتنا العربية تتعرض إلى أخطار حقيقية محدقة تفرضها الظروف والمتغيرات السياسية، وحسابات المصالح الدولية، وتسيد اجندات عديدة عدوها الأول والأخير المثقف الحضاري التقدمي المتنور، وكل ما يمت للثقافة بصلة، ذلك المثقف الحقيقي المتمرد الرافض للواقع، كاشف الزيف والنفاق، وفاضح الأسرار، ومبرز الحقائق.
وأمام هذا التحدي لا بد للمثقف من الاختيار، إما درب السلامة، أو الاختيار الصعب، درب الثورة والمقاومة والتغيير، وهو درب لا رجعة عنه، وهذا هو الخيار الصعب أمام المثقف المعاصر، في زمن الاغراء وشراء الذمم بالمال النفطي.
وعليه فإننا نحتاج للمثقف العضوي المستنير والمشتبك، الذي يؤدي دوره ورسالته التنويرية الثورية بإخلاص وتضحية وتفانٍ، وليس تضليل المجتمع كما يفعل مثقفو السلطة والمؤسسة التقليديون، من أصحاب البدلات الرسمية والعطور الفاخرة الفواحة، الذين يأكلون من خبز السلطان ويضربون بسيفه، وما أكثرهم..!!
بقلم/ شاكر فريد حسن