خوري: نعمل من أجل تثبيت الوجود المسيحي الأصيل في وطننا فلسطين

أكد رئيس اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في دولة فلسطين الدكتور رمزي خوري، أن "اللجنة والتي تمثل كافة أطياف المجتمع الفلسطيني تعمل من أجل تثبيت الوجود المسيحي الأصيل في وطننا فلسطين، والحفاظ على هويته وصون كرامته، وحماية النسيج المجتمعي الفلسطيني."

 وجاء ذلك خلال مشاركة خوري في المؤتمر السنوي الأول للّقاء المشرقي المنعقد في العاصمة اللبنانية، بيروت، بحضور ومشاركة الرئيس اللبناني ميشيل عون، وعدد من الوزراء والنواب اللبنانيين ورجال دين من مختلف الطوائف.

وشدد خوري على أن اللجنة الرئاسية، ستواصل منع قوى التعصب من الوصول إلى اهدافها الظلامية باختراق ونهش الجسم الفلسطيني الواحد، ونقف بجانب القوى التقدمية والوطنية في المجتمع المدني من أجل غد مشرق واعد، ولبناء مجتمعات مدنية وديموقراطية.

ولفت خوري الى أن مسيحيي الشرق لعبوا دوراً ريادياً على الدوام في إغناء الفكر التنويري الانفتاحي ونادوا بدولة تمثل كل مواطنيها، دولة مدنية ديموقراطية يتساوى فيها جميع المواطنين في الحقوق والواجبات.

وقال خوري "نحييكم باسم الشعب العربي الفلسطيني الصابر الصامد على تراب وطننا المقدس، وانقل لفخامتكم تحيات سيادة الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين، ونحيي القائمين والداعمين لهذا التجمع المميز الذي يلتئم في هذا الوقت العصيب بمشاركة كوكبة من أصحاب الفكر النير، لنتبادل معاً الأفكار والهموم والتطلعات المستقبلية لحماية تنوعنا الديني والثقافي، ولنناقش قضايانا المشتركة في ظل رؤيتنا لشرقنا الأوسط مهد الحضارات والديانات، بعيداً عن التدخلات الخارجية بأشكالها المتعددة."

واضاف "إننا نتطلع إلى مؤتمركم هذا للخروج برسالة حياة وأمل وعيش مشترك لشعوبنا على أساس المواطنة الواحدة والتعددية. فالمسيحية في الشرق هي جزء متأصل لا ينفصل عن الهوية الحضارية العربية، وكما قال سيدنا يسوع المسيح "انتم ملح الأرض وأنتم نور العالم". وهنا أردنا ان نكون شركاء فاعلين في أوطاننا، نعمل من اجل المحبة والعدل والسلام، وكيف لا والمسيحية خرجت من مهد الشرق العربي، ونحن الشاهدون على ولادة المسيح وقيامته في أرضنا المقدسة."

واكد خوري أن "مستقبل المسيحيين المشرقيين لا يكون بالتقوقع أو بالهجرة والاغتراب والاستسلام لقوى الشر والتطرف، بل بالتصدي ومجابهة القهر والظلامية بقوة الإيمان والشهادة، وتعزيز قوى الانفتاح والاعتدال والحوار البناء على أساس حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، بما في ذلك حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية والتي تنصهر في بوتقة التنوع الفكري والثقافي والعلمي في ظل الدولة الديموقراطية."

وشدد على ان "قضيتنا الفلسطينية هي قضية الأمة العربية جمعاء وقضية كل احرار العالم، تبقى الهم الأكبر والجرح الدامي النازف في صميمنا جميعا، إلى أن يتحقق الاستقرار والسلام في فلسطين والشرق الأوسط عامة، ولا يتأتى ذلك إلا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وعودة اللاجئين الفلسطينيين وفقا للقرار رقم 194، ورفض كافة اشكال التوطين والانتقاص من نضالات الشعب الفلسطيني المشروعة وصولا لتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها مدينة القدس".

وأضاف "نتقدم لفخامة الرئيس العماد ميشيل عون والشعب اللبناني الشقيق بخالص التحيات والتقدير، فطالما كان لنا مثالاً ونموذجاً للتعايش والأخوة بين كافة مكوناته، وارضاً طيبة تحتضن مختلف الحوارات بين المثقفين وأصحاب الفكر، وهنا لا بد لنا من إعادة التأكيد على احترام سيادة الجمهورية اللبنانية ووحدة اراضيها. وكذلك احترام سيادة جميع الدول العربية، ونحذر من استمرار اخطار مخططات التقسيم والشرذمة التي تتعرض لها أوطاننا، الأمر الذي يستدعي منا جميعاً مواجهة تلك المخططات المدمرة، ومحاربة التعصب الديني والمذهبي والفكر الاقصائي أياً كانت ذرائعه الزائفة."

وناشد خوري المؤتمرين "اما بالنسبة للقدس فهي قلب الصراع ومن على هذا المنبر، نطلق صرخة من أجل المدينة المقدسة التي تشهد هجمة إسرائيلية غير مسبوقة بدعم أمريكي غير محدود في سباق مع الزمن من أجل تغيير جغرافيتها وتراثها وحجارتها الحّية الشاهدة على تاريخها المديد، ونضم صرختنا هذه لصرخة كنائس القدس التي قامت مؤخراً بإغلاق كنيسة القيامة في خطوة غير مسبوقة احتجاجاً على التعسف الإسرائيلي وقراراته الجائرة تجاه المقدسات وفرض الضرائب عليها، مخالفة بذلك كل القوانين والمواثيق الدولية وعلى اعتداءات المستوطنين شبه اليومية بحماية ودعم من جيش الاحتلال على مسجد الأقصى وساحاته، وعلى منشآت الكنائس وساحاتها، وعلى رجال الدين والأساقفة، ولتكن صرخة مدوية من مدينة القدس من الأقصى المبارك ومن مآذن مساجدها وأجراس كنائسها يسمعها العالم أجمع ليصحو من غفوته لإنقاذ مدينة القدس ومقدساتها المسيحية والإسلامية من شرور وطغيان الاحتلال."

ودعا خوري المؤتمرين لبذل الجهود كل بما أمكنه في موقعه لكسر الحصار الاسرائيلي المفروض على المدينة المقدسة ووقف الاعتداءات التي تتعرض لها ودعم اهلها بكل الوسائل المتاحة من أجل ان تكون القدس عاصمة لدولة فلسطين ومدينة مفتوحة امام الجميع وعاصمة روحية لجميع الديانات السماوية، وللعمل الجماعي الجدي للبناء على وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك والتي وقعها البابا فرانسيس وشيخ الأزهر الإمام الأكبر أحمد الطيب بداية العام الحالي في أبو ظبي.

وختم خوري "من فلسطين من أرض القداسة احييكم مرة اخرى متمنياً لمؤتمركم هذا النجاح والتوفيق واعتماد توصيات عملية لمؤازرة وترسيخ اسس الوجود المسيحي الأصيل في المشرق العربي، نشكركم على حسن استماعكم والى لقاء قريب يجمعنا على أرض القدس وقد نالت حريتها عاصمة أبدية للدولة الفلسطينية."

المصدر: بيروت - وكالة قدس نت للأنباء -