الطنطورة، من قرى قضاء حيفا، تقع على شاطىء البحر الأبيض المتوسط، والى الجنوب من مدينة حيفا، وتجاورها عدة قرى فلسطينية، وخاصة منها قرى مثلث الكرمل (جبع + عين غزال + إجزم). وقد تعرضت لعملية ترانسفير عرقي صهيونية، على يد عصابات الهاغاناه، فارتكبت العصابات الصهيونية وتحديداً الكتيبة 33 من لواء اسكندروني التابع للهاغاناه، مذبحة كبيرة بحق أهالي القرية، يوم 22 أيار/مايو 1948، بعد عدة أيام من اعلان ديفيد بن غوريون قيام "دولة إسرائيل" على أنقاض الكيان الوطني والقومي للشعب العربي الفلسطيني، فسقط خلالها أكثر من 200 شهيد من ابناء هذه القرية الفلسطينية الوادعة، وقد كشف قبل عدة سنوات المؤرخ "الإسرائيلي" (تيدي كاتس) وقائع جديدة عن مذبحة الطنطورة، بعد أن سمحت دولة الإحتلال لعددٍ من الصحفيين بالإطلاع على وقائع عدة من أرشيف الهاغاناه، لها علاقة بما جرى على أرض فلسطين عام النكبة. والأهوال الكبرى التي تعرض لها الشعب العربي الفلسطيني، على يد العصابات الصهيونية، بدعمٍ واسنادٍ مباشر، وعلى الأرض، من قبل سلطات الإنتداب البريطانية، التي سلمت فلسطين على طبقٍ من ذهب للحركة الصهيونية، وبتغطية أمريكية، غربية بشكلٍ عام.
لجأ جميع اهالي الطنطورة الى ديار الغربية، في رحلة الشتات الفلسطيني القسرية الطويلة، فلجأ قسم من مواطنيها الى منطقة طولكرم، ومخيمي نور شمس وطولكرم، وانتقل الأخرون، وهم الأغلبية، الى سوريا، واقاموا بشكلٍ رئيسي في حي القابون الواقع الى الشمال الشرقي من مدينة دمشق، ومخيم اليرموك، ومخيم الرمل في اللاذقية. والجزء القليل منهم بقي في الأردن، وعدة عائلات وصلت الى بغداد، وقد التقيت بعضاً منهم أثناء زياراتي للعاصمة العراقية، وانجازي لكتاب تناول أحوال اللاجئين الفلسطينيين في العراق، وذلك قبل احتلال العراق.
وتُشير مصادر مختلفة، الى أن معظم اهالي قرية الطنطورة يعودون في اصولهم الى مصر، وقد استقروا في فلسطين قبل نحو مائتي عام. لذلك نجد أن أسماء العديد من العائلات في القرية، تكنى بــ : المصري، مصرية، عشماوي ..الخ. لكن لكنتهم الفلسطينية، وعلى العكس من اهالي طيرة حيفا تنطق القاف بـــ (الكاف). على نمط : كديش، بكدرش، و (القائم مقام) تُلفظ (كايم مكام) ...
ويتميز اهالي الطنطورة، بارتفاع سوية التعليم والتحصيل العالي بين أبناء هذه البلدة أو القرية الفلسطينية، فهناك العديد منهم يحمل الشهادات العليا بالطب والهندسة ومختلف اقسام العلوم، وعلى رأسهم الدكتور تيسير الصباغ المسؤول عن الجانب الصحي في وكالة الأونروا في سوريا، والدكتور محمد داوود المصري..الخ. كما في الفنون (ولا أنسى صديقي في الدراسة في فتوة العمر النحات زكي سلَّام). وقد انجبت بلدة أو قرية الطنطورة أيضاً عدداً من القيادات الفلسطينية المحترمة، وعلى رأسهم اللواء عبد الرزاق اليحيى، الذي تسلم قيادة جيش التحرير الفلسطيني بين اعوام 1968 ـ 1970، وكان في الفترة التالية عضواً باللجنة التنفيذية للمنظمة، علماً انه كان ضابطاً في صفوف الجيش العربي السوري، دورة العام 1946.
(الصورة الأولى والثانية : عملية الترحيل القسري لمواطني القرية على يد الهاغاناه)
علي بدوان
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت