نظمتها شبكة المنظمات الأهلية

ورشة عمل تطالب بتنظيم انتخابات شاملة نزيهة وشفافة واحترام نتائجها لانهاء الانقسام

كيف يمكن أن تكون هناك انتخابات وحرية التعبير غائبة في المجتمع الفلسطيني

طالب ممثلو منظمات أهلية وحقوقيون وصحافيون بتنظيم انتخابات شاملة ديموقراطية ونزيهة وشفافة واحترام نتائجها كي تكون مدخلا لانهاء انقسام الذي طال أمده كثيرا.

وشدد المشاركون في ورشة عمل نظمتها شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في قاعة اللايت هاوس بمدينة غزة بعنوان "الانتخابات العامة تحديات وتطلعات، بالشراكة مع مؤسسة فريدرش ايبرت" الألمانية، وادارها تيسير محيسن عضة الهيئة الادارية للشبكة، على ضرورة تذليل العقبات والعوائق كلها من طريق الانتخابات.

جاء ذلك خلال الورشة، التي تحدث فيها راجي الصوراني مدير المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، وعبر تقنية "فيديو كونفرنس" مصطفى البرغوثي الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، بحضور ممثلو منظمات أهلية وحقوقيون وصحفيون .

وفي بداية الورشة، اعتبر عضو الهيئة التنسيقية للشبكة تيسير محيسن أن الزيارات المكوكية لرئيس لجنة الانتخابات المركزية الى قطاع غزة الدكتور حنا ناصر وعقد لقاءات مع الفصائل الفلسطينية ومنظمات المجتمع المدني أعطت زخما جديدا للانتخابات العامة.

وقال محيسن إنه خلال العشرين عاما الأخيرة كان هناك اهتماما بالانتخابات، وفي السنوات الأخيرة عُقد الرهان عليها للخروج من الانقسام، كحق للشعب واستحقاق قانوني تأخر أكثر من اللازم، ولاعادة تأهيل الحالة الفلسطينية داخليا وخارجيا.

وتساءل محيسن إن كان بالامكان أن تُعقد الانتخابات أصلا، وهل هي مناورة، وهل يمكن أن تكون مدخلا لانهاء الانقسام، وما هي العقبات أمامها، وما علاقة الديموقراطية بشعب تحت الاحتلال، وعلاقتها بالنضال الوطني الفلسطيني، وما موقف التجمع الديموقراطي (اليسار) منها، وما دور منظمات المجتمع المدني في تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة.

وفي كلمة مؤسسة "فريدرش ايبرت" رأى مديرها في قطاع غزة الدكتور أسامة عنتر أن الفلسطينيين ينتظرون تنظيم الانتخابات وانهاء الانقسام البغيض، وتحقيق الحلم الفلسطيني بالحرية والاستقلال منذ سنوات طويلة.

وقال عنتر إن الانتخابات الأخيرة عام 2006 كانت السبب في الانقسام، ومن الداء يصنع الدواء، فلعل الانتخابات المقبلة تكون مقدمة لانهاء الانقسام، لبناء مستقبل أفضل لأبناء الشعب الفلسطيني.

وعبر عنتر عن أمله في أن يتم تنظيم انتخابات حرة ونزيهة وشفافة.

من جهته، اعتبر الصوراني أن الانتخابات ليست مشكلة اطلاقا بين القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، مشددا على ضرورة توافر الإرادة السياسية لتنظيمها.

وقال الصوراني إن الرئيس محمود عباس أعلن من على منبر الأمم المتحدة (في سبتمبر الماضي) أنه سيتم تنظيم انتخابات عامة، مشيرا الى أنه حتى الان لم يصدر مرسوم يحدد موعدها واستحقاقاتها، ولا يوجد مؤشر حقيقي ملموس معبر عن الإرادة السياسية.

وأضاف أن لجنة الانتخابات المركزية ورئيسها الدكتور حنا ناصر يتحرك بين غزة والضفة الغربية، وكأن اللجنة أصبحت وسيطا سياسيا، وهذا يشكل خطرا جديا على استقلاليتها.

وأكد على أن اللجنة ورئيسها ليسوا وسطاء سياسيين، ولا يجب أن يكونوا مفاوضين، ويجب أن تبقى اللجنة بمنأى عن أي شبهة أو نقد من أي جهة محلية أو دولية.

ووصف الانقسام بأنه عار، متسائلا إن كان بالامكان تنظيم الانتخابات في ظل الانقسام الذي يسمم العملية الديموقراطيو، علما أن الانتخابات ليست هدفا.

وتساءل الصوراني كيف يمكن أن تكون هناك انتخابات وحرية التعبير غائبة في المجتمع الفلسطيني، وهناك حجب لحوالي 59 موقعا إعلاميا الكترونيا من قبل محكمة الصلح في رام الله، وهناك اعتقالات واستدعاء نشطاء وصحافيين في غزة بناء على ما يكتبونه على شبكات التواصل الاجتماعي.

وشدد على أن الانتخابات تعني حرية التعبير وعقد اجتماعات ومن المستحيل التعبير عن الرأي في ظل الحالة السابقة، ومن دون ضمانها في شكل كامل لا يمكن أن نتحدث عن انتخابات ديموقراطية ونزيهة ومعبرة عن الإرادة الشعبية الحرة.

وأشار الى أن الانتخابات شكلت همّا لمنظمات المحتمع المدني وحقوق الانسان، التي طالبت بها باستمرار منذ عشرات السنوات، ولم يكن المجتمع المدني إلا خادما لهذا المشروع.

واعتبر الصوراني أنه حتى تُترجم الإرادة السياسية، المطلوب اصدار مرسوم رئاسي واضح يحدد المدد والاطار والزمان للانتخابات.

بدوره، اعتبر الدكتور البرغوثي أنه في حال كان من المستحيل انجاز المصالحة، فالأفضل التوافق على تنظيم الانتخابات وشروطها ومخرجاتها بين القوى والفصائل.

ورأى البرغوثي أن ما يقوم به الدكتور حنا ناصر يجب أن لا يكون بديلا من عقد لقاء وطني جامع لكل الفصائل للتوافق على كل شيء، فالانتخابات حق للشعب مسلوب منهم، وهو الذي يعاني أكثر من غيره من الانقسام وغياب الديموقراطية.

وشدد على ضرورة احترام نتائج الانتخابات، فالوضع الذي نعيشه الان غير سليم، حيث تتركز السلطة في السلطة التنفيذية في الضفة وغزة، ولا يوجد فصل بين السلطات، وهو أمر في غاية الخطورة.

وأشار الى أن غالبية الناخبين اليوم هم من الشباب الذين لم يسبق لهم المشاركة في الانتخابات ترشيحا واقتراعا، متسائلا كيف يتم تجديد البنيان الفلسطيني من دون مشاركة الشباب.

واعتبر أنه لا توجد وحدة قانونية، ولدينا مأزق قانوني، إذ تم خلال سنوات الانقسام سن حوالي 150 قانونا بمرسوم رئاسي في الضفة، وعشرات القوانين في غزة، ويجب أن يتم توحيدها من خلال مجلس تشريعي منتخب.

ولفت الى أن الديموقراطية وحدها، ليست انتخابات، ولكن لا توجد ديموقراطية من دون انتخابات، وعدم وجود انتخابات يعزز الموقف والرواية الإسرائيلية، والانتخابات تعزز الموقف الفلسطيني.

وأشار الى عدة عقبات أمام الانتخابات، أولها القانون، إذ هناك قانون ينص على القائمة والدوائر مناصفة، واخر 75 في المئة قوائم و25 في المئة دوائر، وثالث ينص على النسبية (القوائم) 100 في المئة، ويجب أن يتم التوافق على القانون في اللقاء الوطني الجامع، ونحن مع النسبية الكاملة.

ورأى أنه لضمان أن تكون العملية الانتخابية نزيهة يجب أن يجلس الجميع والاتفاق على ميثاق شرف يتم تطبيقه ويحترمه الجميع، ويجب أن يكون هناك سيادة للقانون، وحرية التعبير، فحجب المواقع الإعلامية غير قانوني، وتم على أساس قانون غير صحيح.

وانتقد البرغوثي قمع حرية التعبير والحق في التجمع السلمي واعتقال الصحافيين ووصفه بأنه غير مقبول.

وفيما يتعلق بالقدس، قال: نحن متأكدون أن الاحتلال الإسرائيلي سيعرقل تنظيم الانتخابات في مدينة القدس المحتلة، وقد يمنعها تماما في القدس والأغوار والمنطقة ج، ولا يجوز ان نعطي الاحتلال القرار بمنع الانتخابات، وعلينا أن نجعلها معركة شعبية مع الاحتلال.

وشدد على وجوب احترام نتائج الانتخابات، ونحن لا نستطيع أن نحصل على ضمانات من المجتمع الدولي باحترام نتائج الانتخابات، لكننا نستطيع فرض قرارنا الفلسطيني.

واعتبر أنه لو صمد الفلسطينيون في قرارهم عندما تم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية عام 2007، لارغم العالم على احترام نتائج الانتخابات، مشددا على أن القرار في يدنا، وعلينا نحن احترام نتائجها أولا حتى يحترمها المجتمع الدولي، وأن لا نسمح لأحد بالتدخل في شؤوننا مهما كانت المخاطر.

وأكد أن هناك شيئين محرمين، الأول أن لا تنظم الانتخابات في القدس، والثاني أن تنظم الانتخابات من دون قطاع غزة، فهذا سيعني انتحارا سياسيا، وتكريسا للانفصال بين الضفة وغزة.

وحول التيار الثالث، قال إن الشعب بحاجة لتيار ثالث، لكن التجمع الديموقراطي الفلسطيني (تأسس قبل نحو عام) لم يعد قائما الان بعد خلافات مع بعض القوى نتجة مشاركتها في حكومة الدكتور محمد اشتية قبل عدة شهور.

وفيما يتعلق بالمجتمع المدني، اعتبر البرغوثي أن دوره مهم في تشجيع مشاركة الشعب، بخاصة الشباب في الانتخابات، علاوة على الدور الرقابي عليها.

ثم تم فتح باب النقاش والاسئلة والمداخلات، التي تمحور معظمها حول أجواء عدم الثقة السائة بين الشعب والقيادات والفصائل، وسبل انهاء الانقسام، واحتمالات ان تكون الانتخابات مدخلا لانهاء الانقسام أو تكريس الانفصال.

كما تمحورت حول دور منظمات المجتمع المدني وحرية التعبير ودور الشباب والنساء وغيرها من القضايا.

المصدر: غزة - وكالة قدس نت للأنباء