حذر خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري من تسريب الأراضي والمنازل العقارات خاصة في البلدة القديمة، من قبل أصحاب النفوس المريضة الذين أغراهم المال، وذلك من خلال محامين في صفقات البيع المشبوهة"، مذكرا بفتوى شرعية صدرت في 1935 عن علماء فلسطين بمقاطعتهم حيث لا يغسلون ولا يكفنون ولا يصلى عليهم ولا يتم دفنهم في مقابر المسلمين.
وتطرق صبري في خطبة الجمعة لأحوال المسجد الاقصى المبارك والأخطار المحدقة به والتي تزداد يوماً بعد يوم من اقتحامات المستوطنين واعتقال المرابطين والمرابطات، مؤكدا على ان باب الرحمة هو جزء لا يتجزأ من الأقصى وسيبقى مفتوحاً امام المصلين، وكذلك جميع المرافق والساحات والمصليات بقرار رباني خالص.
وتوقف عند استشراء جرائم القتل التي تجتاح المجتمع العربي الفلسطيني داخل أراضي 48 وأدت منذ بدء العام الى قتل 82 شخصا معتبرا ذلك دليلا على انفلات الأمن والأمان وانتشار الفساد بتواطؤ إسرائيلي، داعيا رجال الدين والمعلمين والأمهات لنشر ثقافة التسامح والتكاتف ونبذ العنف.
وهذا ما أكد عليه المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس لدى استقباله أمس وفدا من الداخل الفلسطيني، محذرا من أن المؤسسة الرسمية الاسرائيلية تغض الطرف عن عصابات الإجرام وانتشار السلاح بكثافة في المجتمع العربي في الداخل.
وقال إن هنالك معلومات تقول بأن اكثر من نصف مليون قطعة سلاح توجد في المدن والبلدات والقرى العربية. وتساءل أين هو دور الشرطة الإسرائيلية في تحمل مسؤولياتها وجمع هذا السلاح ومنع استخدامه؟ وتابع " لو كان هذا السلاح هدفه إيذاء الاحتلال لقامت الدنيا ولم تقعد"، مؤكدا على ان "تفشي الجريمة وتشكيل عصابات المافيا في الداخل إنما تقف خلفه المؤسسة الرسمية الاسرائيلية وأذرعها الأمنية بهدف ضرب النسيج الاجتماعي العربي ونشر الفتنة وإراقة الدماء البريئة حتى تبقى الأنظار مشتتة عن السياسات العنصرية التي تمارسها هذه المؤسسة بحق الإنسان الفلسطيني حيثما وجد ".
وقال إن هذه الجرائم تقف خلفها عصابات منظمة وقتلة مأجورون، وإن فوضى السلاح التي تجتاح المجتمع العربي في الداخل يجب ان تدق ناقوس الخطر إذ أنها أصبحت ظاهرة تهدد الحياة العامة في مناطق الـ 48.
يشار الى أن الشرطة الإسرائيلية اعترفت أمس ردا على أسئلة صحافية بأنها فشلت في حل لغز أغلبية جرائم القتل التي شهدها المجتمع العربي منذ بدء العام.
وتابع حنا "الفلسطينيون في الداخل يريدون ان يشعروا بالأمان في أماكن سكناهم والتي تشهد ارتفاعا كبيرا في نسبة الجرائم.
وقال إن "شرطة اسرائيل لا تقوم عمدا على ملاحقة مرتكبي الجرائم، فتتم في الكثير من الحالات بسلاح اسرائيلي مهرب من قواعد الجيش، مما يطرح أسئلة مشروعة عن احتمالية تعمد السلطات الاسرائيلية التغاضي عن مكافحة الجرائم والعنف والتراخي عن ملاحقة المجرمين لجعل هذه البيئة طاردة للسكان العرب".
وعلى غرار الشيخ صبري خلص المطران حنا الى القول إنه "هنا يكمن الدور المأمول من المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية لكي تقوم بدورها وإطلاق مبادراتها الخلاقة في مواجهة الجريمة المنظمة والعنف المستشري في أكثر من مكان في الداخل الفلسطيني".
وفي لقاء آخر مع إعلاميين فلسطينيين أوضح حنا أن السلطات الاحتلالية لا تترك فرصة إلا وتستغلها وتعمل على تنفيذها في سياق مساعيها ومخططاتها الهادفة الى تهويد القدس والعمل على تغيير طابعها وتبديل ملامحها سواء كان هذا فيما يتعلق بالتوسع الاستيطاني او مصادرة الأراضي وهدم المنازل، او على مستوى التضييق على أبناء القدس والعمل على تهجيرهم. لافتا الى ان آخر هذه المخططات ويبدو انه لن يكون الأخير هو القرار الذي اتخذ بإقامة القطار الهوائي فوق البلدة القديمة من القدس، حيث سيمر من منطقة جبل الزيتون ومناطق أخرى في القدس القديمة، وهو يستهدف كما يبدو النيل من ملامح البلدة القديمة من القدس وطابعها التراثي والتاريخي الخاص الذي تتميز به، مشددا على أن هذه الخطوة كما وغيرها من الخطوات التوسعية السابقة إنما تتناقض مع قرارات دولية كثيرة تؤكد أهمية الحفاظ على طابع المدينة المقدسة وعدم تغيير جغرافيتها، ولكن السلطات الاحتلالية ومنذ زمن بعيد لم تعد تبالي بهذه القرارات ولا بالرأي العام الدولي وتنفذ ما تراه ضروريا لتوسعها، وهي تتغطرس بمنطق القوة وليس بمنطق العدل والقانون.
وقال أيضا ان القطار الهوائي هذا يشكل صرخة في آذان كل من يعنيهم الأمر لعلهم يستيقظون ويبادرون الى اتخاذ ما هو واجب من تحرك وعمل، مع العلم أن صرختنا يبدو أنها لم ولن تصل الى من يعنيهم الأمر، فهي صرخة في واد او عند طرشان.
ونوه المطران حنا الى ان ما يحدث في القدس حاليا لا يمكن وصفه بالكلمات وبعض أقطارنا العربية يهرول نحو التطبيع، والبعض الآخر يعاني من حالة عدم الاستقرار والنزاعات والحروب.
وأضاف "نقول إن للبيت ربا يحميه ولكن هنالك أيضا شعب في القدس يحمي هذه المدينة ويدافع عنها، ولكنه بحاجة الى دعم ومؤازرة الأحرار من أبناء أمتنا العربية والمسلمين والمسيحيين في كل مكان.