أبو عمار والبقلاوة النصراوية والمكالمة الإسرائيلية والرسالة الأمريكية

تلميح قوي في “أسرار شارون” للتخلص منه

في عام 2003 زار وفد من الحزب الديمقراطي العربي داخل أراضي 48 الرئيس الراحل ياسر عرفات في رام الله. واختار أحد المشاركين بالوفد من بلدة كفركنا ان يجلب معه طبقا من البقلاوة النصراوية كـ “حلوان” انتخاب قريبه رئيسا للسلطة المحلية.

وفعلا بادر رئيس الحزب عبد الوهاب دراوشة في مستهل اللقاء لتبليغ الرئيس الفلسطيني ابو عمار بذلك داعيا المواطن المرافق من كفركنا لتقديم “الحلوان” على المجتمعين داخل عمارة المقاطعة. وفور سماعه بذلك نهض ابو عمار من مقعده على الفور وأخذ طبق الحلويات ليقدم بنفسه البقلاوة على الجميع بنشاط وفرح وهو ينادي على مساعديه وحراسه في المقاطعة لتناول “الحلوان”وهو يقول  متوددا  مازحا : “تعالوا كلوا بقلاوة الناصرة يا جماعة الضفة فأنتو ما بطلع بايدكو تعملو الحلويات الشرقية على الأصول”.

وفعلا قدم المساعدون والموظفون وتناولوا البقلاوة النصراوية لكن الراحل ياسر عرفات لم يتناولها. وقتها تنبه بعض المشاركين في اللقاء لبساطة ثياب أبو عمار وقِدم كوفيته الحاملة لأثقل الرموز الفلسطينية وتساءل بعض المرافقين في الزيارة لماذا لم يتناول أبو عمار البقلاوة وهو الذي قدمها علما “بأن طباخ السم يذوقه” كما يقول المثل الشعبي؟… هل هو الخوف من السكري أو هو الحدس الأمني الذي يدفعه للحذر والتحفظ من كل شيء كما قيل عنه الكثير في الماضي؟حسب تقرير لصحيفة "القدس العربي" اللندنية

بعد رحيله مريضا في مثل يوم أمس عام 2004 أصدر صحافي إسرائيلي مقرب من أرئيل شارون رئيس وزراء إسرائيل الأسبق يدعى اوري دان كتابا جديدا تضمن تلميحا قويا بأن ابو عمار لم يمت موتة ربه رغم حدسه وتدابيره الأمنية المشددة. واستعرض أوري دان في  كتابه الصادر بالفرنسية بعنوان “أسرار شارون”  سيرة صديقه أرييل شارون منذ أن تعرف عليه خلال العدوان الثلاثي عام 1956 وتطرق فيه للموت السريع للرئيس الفلسطيني بعد محاصرته في رام الله.

ضوء أخضر

ويذكِّر دان في كتابه بالمكالمة الهاتفية التي تمت بين رئيس حكومة الاحتلال شارون والرئيس الأمريكي جورج بوش الابن يوم الرابع عشر من أبريل/ نيسان 2004 ما يوحي بأن ذاك اليوم كان تطورا محوريا نتيجة منح الضوء الأخضر للتخلص من عرفات. ويقول دان في الكتاب إن شارون أبلغ بوش بأنه لا يرى نفسه ملتزما بعد اليوم بوعده السابق له في مارس/ آذار 2001 بعدم المساس برئيس السلطة الفلسطينية عرفات على خلفية العمليات الإرهابية في المدن الإسرائيلية. وأضاف دان “عندها أجاب بوش أنه من المفضل ربما أن يبقى مصير عرفات بيد الله دون ان يتدخل شارون بأمر الله، فسارع شارون للرد “لكن الله يحتاج أحيانا للمساعدة”. وحسب دان “لم يعقب بوش على كلمات شارون هذه ففهم الأخير بان الصمت رضا”، وأشار في كتابه إلى أن الرئيس الأمريكي لم يمنح شارون ضوء أخضر بتصفية عرفات ولكنه أيضا لم يمل عليه التزامات وقيودا جديدة، وصمت على ملاحظة شارون حول عمل الله. وقال إن شارون “سر بذلك وسارع لتبليغ صحافيين إسرائيليين بأنه بات طليقا في التعامل مع عرفات.

يشار إلى أن صحافيا إسرائيليا آخر، أمنون كابليوك، أصدر بعد رحيل عرفات بشهور كتابا حول الرئيس ياسر عرفات الذي ربطته به علاقة وطيدة قبل وفاته، وفي النص الصادر باللغة الألمانية أضاف فصلا جديدا أكد فيه أن الرئيس الفلسطيني لم يمت بشكل طبيعي. وقال كابليوك لكاتب هذه السطور وقتها إن كتاب أوري دان تضمن اعترافا إسرائيليا بقتل عرفات مضيفا “لم يفاجئني ذلك فالبلاد صغيرة ولا أسرار فيها وسبق وسمعت أشخاصا يلمحون لذلك لكن دان زودنا بأكثر من إشارة واضحة بل باعتراف”. وأوضح كابليوك أنه التقى بعرفات أكثر من مائتي مرة كان آخرها قبل شهرين من وفاته مشيرا إلى أنه تمتع بصحة ممتازة إلى أن مرض بشكل مفاجئ وغريب.
مشعل وحداد

وقال “كذلك هناك سؤالا مثيرا هو كيف علم أوري دان في وقت مبكر بأن المرض قد تمكن من عرفات شهورا طويلة قبل أن يبرز في خريف 2004 ويجهز عليه بسرعة فائقة؟

والاستنتاج نفسه أكد عليه الناشط من أجل تحقيق السلام أوري أفنيري بمحادثة مماثلة أكد فيها باقتناعه بأن عرفات اغتيل بالسم من قبل إسرائيل بالطريقة نفسها التي تمت بها تصفية قائد العمليات الخاصة في الجبهة الشعبية وديع حداد. وأضاف “سبق أن انفضح أمر إسرائيل في استخدام هذه الأساليب في سبتمبر/ أيلول 1997 بمحاولتها الفاشلة اغتيال خالد مشعل أيضا”.

المصدر: الناصرة - وديع عواودة