في غزة .. غيتار يتيم وعُرس مؤجل

الشهيد ابراهيم الضابوس

اشترى إبراهيم الضابوس (26 عاما) غيتارا لابنة أخته الطفلة شام ليفاجئها في عيد ميلادها الرابع، بيد أن صواريخ الاحتلال الإسرائيلي حوّلته إلى أشلاء وبقي الغيتار يتيما.

العلاقة بين شام (4 سنوات) وإبراهيم لم تكن عادية، فلم يمر يوم دون أن يحضنها أو يهاتف أمها (شقيقته) حنين ليسمع صوتها ويقبّلها عبر الهاتف، ثم يسألها عن الهدية التي ترغب في عيد ميلادها لتطلب غيتارا، وفقا لصهره يوسف فارس.

لم ينج أول أمس، الثلاثاء، من صواريخ الاحتلال كما نجا من مرتين سابقتين في العدوان الاسرائيلي صيف 2014، التي سُوي فيها بيت عائلته بالأرض في مدينة بيت لاهيا شمال غزة، فوصل إلى المستشفى فاقد الأطراف وإحدى عينيه وبجروح غائرة في مختلف أنحاء الجسم.

واستشهد 34 مواطنا، بينهم 6 أطفال على الأقل، وجنين بعمر 6 أشهر في أحشاء أمه، وأصيب زهاء 113، في ضربات جوية نفذتها قوات الاحتلال منذ فجر أول أمس الثلاثاء.

تجمعت عائلة الضابوس على مدخل "ثلاجة الموتى" تحضيرا لمواراة الجثمان الثرى، لكن والده "أحمد الضابوس" (52 عاما) المتواجد في رحلة علاج بالقاهرة أصر أن يترك علاجه وتأجيل التشييع إلى حين عودته في اليوم التالي.

ابراهيم عصاميا، أنهى الثانوية العامة وانخرط في العمل الحر ليبني مستقبله بنفسه، عمل في الدهان والعطارة وغير ذلك. جهز شقته بنفسه قبل ان يتزوج في الرابع من أيلول 2019، وفقا لأخيه محمد، 28 عاما.

لم يتعلق إبراهيم فقط بالأطفال، فقد كان معلقا بكل أفراد الأسرة، كان مليئا بالفرح لأخته "بسمة" التي على موعد مع زواجها في التاسع والعشرين من تشرين الثاني الجاري.

 "في البيت روزنامة (أجندة) يومية مفتوحة على تاريخ زفاف بسمة في 29 من هذا الشهر، كل يوم يأتي ابراهيم ويشطب يوما منها ويقول، بقي 20 يوما، بقي 19 يوما..." قال محمد.

ويتداول نشطاء بطاقة الدعوة لحضور حفل زفاف إبراهيم من مروة حمدي الضابوس يوم الأربعاء 4-9-2019.

كما انتشرت صورة بطاقة دعوة حضور زفاف الشاب عبد الله البلبيسي من الآنسة ليزا الشوربجي يوم الجمعة 20-9-2019.

واستشهد البلبيسي في قصف جوي شمال غزة طاله وآخرين من رفاقه في نفس اليوم الذي استشهد فيه الضابوس.

وكان البلبيسي يعمل سائقا بعد أن كانت تمتلك عائلته مصنعا للخياطة وأُغلق نتيجة التدهور الاقتصادي في قطاع غزة.

ويشهد القطاع تدهورا اقتصاديا، لا سيما في قطاع الصناعة، منذ 13 عاما نتيجة الحصار الذي تفرضه دولة الاحتلال.

في بيت العزاء بمخيم جباليا تجمع أصدقاء الشهيد البلبيسي وأقاربه يستذكرون لحظاتهم الجميلة مع فقيدهم بمشاهدة لقطات فيديو في حفل زفافه.

ويظهر البلبيسي بقميص أخضر محمولا على الأكتاف يتراقص على أغنية شعبية لـ"محبوب العرب" الفلسطيني محمد عساف.

وقال حسن الشوربجي (47 عاما)، والد زوجة البلبيسي، إن صهره تمتع بالمثابرة والحيوية ودماثة الخلق.

"خطب ابنتي ليزا لمدة عام ثم تزوجها زهاء 40 يوما لم تسمع منه سوى كلام طيب، ولم تر منه سوى حسن المعاملة، كان خلوقا حسن التربية."

ويشير الشوربجي إلى أن صهره تمتع بمهارات كثيرة كالخياطة والطبخ وغيرها بجانب الاعتماد على نفسه.

"كلما كانت ابنتي تشتري ملابس كان يتفحص القطعة ويعدلها لتبدو أكثر أناقة... كان يحب الطبخ ويصنع طعاما مع ابنتي في فترة الخطوبة،" قال الشوربجي.

وكشف أن صهره تزوج ثم استشهد قبل أن يسدد الديون المالية المستحقة عليه. "بعد عام من الخطبة اعتقد أن المدة طالت ويجب أن يتزوج، استدان وأكمل زواجه، وبعد قرابة الأسبوع عاد للعمل بجد لكن القدر لم يمهله."

وتواصل قوات الاحتلال هجومها على قطاع غزة منذ لحظة اغتيالها لبهاء أبو العطا واستشهاد زوجته برفقته فجر الثلاثاء في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.

وتطال الغارات الجوية منازل مأهولة كان آخرها منزل عائلة "أبو منحوس" في مدينة دير البلح، جنوب مدينة غزة، الذي استشهد فيه 8 مواطنين بينهم طفلان على الأقل.

المصدر: غزة (وفا) - وكالة قدس نت للأنباء