على مدار يومين كانت المواجهة الساخنة ما بين حركة الجهاد الاسلامي بذراعها العسكري سرايا القدس والكيان الاسرائيلي ... حيث اوصلت الجهاد الاسلامي رسالتها القوية بقدرة واقتدار على وفاءها لقادتها ... والدفاع عن شعبها ... وعلى انها رقم صعب لا يجب امتحانه ... حيث انه لا يستهان به . الجهاد الاسلامي رقم صعب في معادلة الصراع كما انه معادلة هامة بالعلاقات الداخلية . بداية الشكر الدائم للشقيقة مصر على جهودها المباركة والمتواصلة من اجل حماية شعبنا وتثبيت التهدئة ... والعمل على وقف اطلاق النار بما يحافظ على الاستقرار وعدم اختراق التهدئة . حركة الجهاد الاسلامي وقد اثبتت بسرعة الرد على اغتيال الشهيد بهاء ابو العطا انها قادرة على ايصال رسائلها بكل قوة محسوبة ... واتزان ومسؤولية وطنية تأخذ باعتبارها كافة الظروف الداخلية . الجهاد تمارس المقاومة ... كما تمارس السياسة التي تخدمها وتزيد من قوتها كما حال باقي القوى السياسية ... وبقدر ما تمتلك الجهاد من علاقات داخلية وخارجية .
ما بعد 34 شهيد وما يقارب 111 جريح وما تم تدميره من منازل المواطنين وما تعرضت له العديد من المؤسسات للدمار والخراب كان وقف اطلاق النار على اعتبار ان المواجهة والجولة ليست هدفا .. بل وسيلة حق للدفاع والمقاومة والوفاء للشهيد وكافة الشهداء ... ولكل جولة فاتورتها التي تدفع من دماء الابرياء وعلى قاعدة ان الانتصار نقاط متراكمة وليس جولة حاسمة يتحقق فيها كل ما نريد ونتمنى . من حق الناس ان تبدي معارضتها ... وان تتساءل بالطريقة التي تراها مناسبة ..
وان تشعل شبكات التواصل بما تحس وتشعر به حول الجولة والخسائر !!!! ... كما التساؤل حول النتائج !!!! . ربما تكون الخسائر واضحة للعيان وملموسة بأكثر من النتائج ... لكن معركة المواجهة تحسب بنقاطها المتراكمة والتي قد لا يراها المواطن ... ولا يحسب لها حساب . مقياس القوة المادية العسكرية بيننا وبين عدونا لا تقارن بأي شكل من الاشكال .... كما ان نتائج المواجهة في كل جولة او حرب عدوانية لا تقارن بالمطلق . فنحن نتكبد خسائر فادحة وملموسة ... لكن عدونا يتكبد الكثير من الخسائر الاقتصادية والمعنوية وما يحدث بداخله من شلل شبه كامل بمعظم مرافقه الحياتية وخدماته العامة ... وهذا ليس بقليل في حساب النتائج . اما نحن فخسارتنا بالأرواح والممتلكات تزداد ولا تنقص ويعتصر قلوبنا الالام لفراق الاعزاء علينا وتذرف الدموع من الامهات والزوجات والابناء ..
الا ان هذه التضحية وان زادت بكلفتها الا انها ضريبة الوطن الذي لا زال مخطوفا ومسلوبا ومحتلا . اما بخصوص الاستعداد للمواجهة فنحن ندخلها دون استعداد كامل لمتطلبات الجبهة الداخلية .... ودون ان نعزز من مقومات الصمود الداخلي وعلى كافة المستويات ... فالاستعداد ومتطلبات المواجهة تفترض تعزيز مقومات وصمود الناس بكافة سبل الدعم والمتابعة . قد يقول قائل ان ظروفنا وخصوصيتها خارج سياق المطلوب ... وان المواجهة تفرض علينا ولا نختار توقيتها ... وان امكانياتنا ليست بقادرة على تغطية احتياجاتنا ... مبررات واسباب عديدة نسوقها ... ونحاول تسويقها .... وكأننا نحاول اقناع الناس بها ... وهي لا تمثل الحقيقة المطلقة ... بل فيها الكثير من الضبابية والعمومية واخفاء الكثير من الحقائق . هذا التميز بحالنا لن يسقط ولو للحظة واحدة ارادتنا وصمودنا والتزامنا بمقاومتنا . تجربة كل جولة مواجهة لا تخلف كثيرا عن الجولات السابقة لكن يجب ان يكون فيها ما هو جديد من استخلاصات التجربة التي يجب ان نعيد دراستها بشمولية اكبر ... وبمنهجية فكر جديد لا يبقى على ديناميكية واوتوماتيكية الفعل دون احساس مسؤول وفكر شمولي مستنير . الانتصار بالمعنى المعنوي لا يفارق شعبنا ومقاومتنا ومدى تمسكنا بثوابتنا ...
لان صمودنا وثباتنا على ارضنا وتمسكنا بمواقفنا وعدم ركوعنا واستسلامنا يعتبر بحد ذاته انتصارا دائما وملازما لنا بكافة المراحل وما بعد كل جولة من الجولات . حروب عدوانية ثلاثة وجولات مواجهة بالعشرات واعتداءات لا حدود لها وشهداء وجرحى ومنازل تهدم ومؤسسات ومصانع تدمر ووقف للحياة وزيادة لمصاعبها والتزاماتها وصبر على ما نحن عليه ... وصمود لا خيار لنا غيره هذا هو حالنا وخارطة حياتنا ... ولا زلنا نحاول قدر ما نستطيع ان نخفف من الامنا ... وان نزيد من معنوياتنا . بكافة الاحوال الجولة الاخيرة كما كل الجولات بنتائجها ... وباتفاقيات وقف النار فيها . حركة الجهاد الاسلامي واذ كان من حقها وواجبها ان تقوم على دراسة التجربة وتقييمها الا انها لا تستحق النقد خارج الاصول والسياق المتعارف عليه وطنيا ... وحتى نكون بعد كل تجربة وجولة اكثر تماسكا ووحدة وان لا نمارس الانتهازية الحزبية والنظرة الضيقة وان ننظر جميعا بشمولية وطنية اساسها مصالحنا العليا .... وليس أي مصالح ضيقة او حسابات احادية ... وان لا نجلد ذاتنا ... وان نزيد من جرعة النقد !!!!
الكاتب : وفيق زنداح
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت