قراءة في الجولة الأخيرة من المواجهة بين غزة ودولة الاحتلال

بقلم: عامر الجعب

عامر الجعب

أقدم الإحتلال الإسرائيلي وبكل عنجهية على عملية الاغتيال الجبانة والتي استشهد خلالها الشهيد القائد بهاء أبو العطا وزوجته، وفي نفس التوقيت تقريباً أغارت طائرات الإحتلال على دمشق في محاولة لاغتيال القائد أكرم العجروي، عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد نجا منها واستشهد ابنه. وكان من الطبيعي جداً، بل من الضروري أن تقوم حركة الجهاد الاسلامي بالرد على اغتيال أحد أبرز قادتها العسكريين، وهذا ما تم بالفعل قصف مدن ومستوطنات الغلاف ومدن الداخل المحتل، وبدأ الإعلام الصهيوني والإعلام في الإقليم بالحديث عن هذه الجولة من القتال بين دولة عنصرية مجرمة، تمتلك أحدث التكنولوجيا العسكرية وبين شعب أعزل لا يمتلك من السلاح الآن ما يمكن ان يصيب سكان دولة الإحتلال بالهلع، والغريب أن ما تم والسيد نيكولاي ميلادينوف، مبعوث الأمم المتحدة كان موجود في غزة في وقت تنفيذ عملية الاغتيال الجبانة، والأغرب ان السيد ميلادينوف أدان واستنكر إطلاق الصواريخ على دولة الاحتلال ولم يستنكر أو يدين عملية اغتيال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الشهيد بهاء أبو العطا وزوجته، وهنا يجب أن ندقق في نتائج هذه الجولة التي استمرت لمده ثلاث أيام وراح ضحيتها 34 شهيداً  وعشرات المصابين والجرحى في صفوف شعبنا وأهلنا الصامدين الصابرين والمحاصرين، الذين يعيشون في ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة جداً، ولا يمكن لأحد تحملها، لكن شعبنا أثبت أنه شعب الجبارين، وهنا لا بد من الحديث عن أزمة نتنياهو والتي دفعته لضرورة القيام بعملية اغتيال الشهيد أبو العطا والتي يعلم جيداً أن الجهاد الاسلامي سيرد عليهم بقصف صاروخي قصير أو طويل المدى. ليس هذا هو المهم من وجهة نظري، بل الأكثر أهمية ان نتنياهو كان يعمل جاهداً للولوج والتغول في استباحة الدم الفلسطيني، فهو يعتقد بعد الفشل الذريع في جولتين انتخابيتين وعدم قدرته على تشكيل حكومة في اسرائيل، ولقرب صدور القرار المنتظر من المستشار القانوني وبعد جولات من التحقيق مع نتنياهو أصبحت أبواب السجن اقرب له من كرسي رئاسة الوزراء، وفي نفس الوقت أراد أن يعمل على اضاعة الفرصة أمام تحالف أبيض أزرق بتشكيل حكومة بالاعتماد على ممثلي القائمة ألعربية المشتركة في الكنيست، ومن المعلوم أيضاً أن الأحزاب الاسرائيلية جميعاً تتوحد في الحرب على الشعب الفلسطيني وتنظر الى الحرب والمواجهة مع الفلسطينيين كمخرج من أزمتهم الداخلية، وهم جميعاً يستخدمون الدم الفلسطيني مادة دسمة في الدعاية الانتخابية في المجتمع الاسرائيلي، وهذا كان واضحاً من خلال الدعم الذي تلقاه نتنياهو وقيادة الجيش من الأحزاب الصهيونية بحجة استعادة قوة الردع الصهيوني أمام شعب أعزل وأمام أطفال ونساء عزل لم يكونوا جزءاً من المواجهة، وأعتقد أن نتنياهو قد نجح في تحقيق عدد من الأهداف ولو بصورة مؤقتة وهي كما يلي

1- وقف إطلاق نار أو هدوء مقابل هدوء

2-  استطاع أن يؤسس لشرخ بين فصائل المقاومة اتمنى أن يتم العمل على معالجته وترميمه بأسرع وقت

3-  ابتعاد نتنياهو عن أبواب السجن ولو بشكل مؤقت

4- افشال تحالف أزرق أبيض بتشكيل حكومة بالاعتماد على أصوات القائمة العربية المشتركة

5-  تجدد الأمل والفرصة لنتنياهو بأن يبقى في رئاسة الوزراء

6- من الممكن أن يكون هناك حكومة وحدة برئاسة نتنياهو أو الذهاب الى جولة ثالثة من الانتخابات.

ومن أهم الإنجازات على الصعيد الفلسطيني وإن كانت محدودة:

1- قدرة الجهاد الاسلامي على الرد على جرائم الاحتلال بصورة منفردة تقريباً، وهذا أربك حسابات الاحتلال

2- استطاعت صواريخ المقاومة أن تعمل على اصابة المدن في الداخل المحتل للشلل التام ووصل الأمر الى تل ابيب والى تغير مدرج إقلاع وهبوط الطائرات في مطار اللد

3- توحد المجتمع الفلسطيني خلف المقاومة وحماية المقاومة والجبهة الداخلية.

وبالطبع حاله التضامن الواسعة بين المواطنين وبعضهم البعض وهذا يجعلنا نتحدث وبطريقة أكثر شموليته لخدمة المشروع الوطني الفلسطيني، حيث هذه الجولة لن تكون آخر الجولات، فالإحتلال مجرم جبان لا أمان ولا عهد له وهو دائماً يتنصل من كل ما يتم الاتفاق عليه، ولذالك مطلوب أن  يجري حوار وطني شامل يشارك فيه الكل الفلسطيني لوضع استراتيجية وطنية وللاتفاق على برنامج القاسم المشترك وطنياً ولتعزيز صمود شعبنا في مواجهة غطرسة الإحتلال وأدواته والعمل علي تشكيل جيش وطني يكون هدفه الدفاع عن الوطن والمواطن بعيداً عن الحزبية والفصائلية وأن يشارك الجميع في السلم والحرب وفي عملية بناء الوطن والإنسان.

للشهداء الأكرم منا جميعا الرحمة والمغفرة، وللمصابين والجرحى السلامة والشفاء العاجل، والحرية لأسرى الحرية.

 

عامر الجعب

عضو المكتب السياسي

للاتحاد الديمقراطي الفلسطيني (فدا)

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت