ما بين الاعلان .... ومتطلبات التجسيد !!!!

بقلم: وفيق زنداح

وفيق زنداح


 الخامس عشر من شهر نوفمبر من كل عام .... نحتفل بذكرى خالدة ومجيدة بمناسبة اعلان المجلس الوطني الفلسطيني بدورته التاسعة عشر والتي عقدت بالجزائر ....والذي جاء في بيانها ومن خلال قائدنا ومفجر ثورتنا الشهيد الرئيس ياسر عرفات اعلان قيام دولة فلسطين على الأرض الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.... هذا الاعلان الفلسطيني الذي توافقت عليه كافة القوى والفعاليات الفلسطينية ..... والذي استند في مشروعيته وشرعيته على القرارين 242 ,338 والذي لا يجيز الاستيلاء على ارض الغير بالقوة ..... كما ويطالب بالعودة الى خطوط الرابع من حزيران 67..... وكما ويستند الاعلان للقرار 181 والذي يعطي الحق القانوني والسياسي بإقامه دولة فلسطين على الارض الفلسطينية . ذكرى اعلان الدولة ارتبطت بموائمة الفعل السياسي المخطط ....مع فعل النضال الجماهيري المنظم والمتمثل بانتفاضة الحجارة . ذكرى اعلان الدولة ....ذكرى قائمة ومتجددة وأصبحت أحد معالم ومحطات السياسة الفلسطينية ....باعتبارها نقطة تحول تاريخي للصراع العربي الإسرائيلي وجوهره النزاع الفلسطيني الإسرائيلي ....
حيث فتح الإعلان والاعتراف بالقرارات الدولية.... المجال متسعا للتحرك السياسي وبداية الهجوم السياسي المخطط والمنظم والذي اتخذ بقرار فلسطيني مستقل وبدعم عربي واسلامي .... حتى يمكن لمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني أن تأخذ طريقها السياسي ....وأن تخرج عن اطار الحصار السياسي والمالي ..... الذي فرض عليها وعلى قيادتها ما بعد حرب لبنان بالعام 82 وخروج القيادة الفلسطينية واختيار تونس كمقر لهذه القيادة . لقد كانت محطة الاعلان وفق القرارين 242, 338 واستنادا للقرار الأممي 181 , عملية ربط موضوعي قانوني سياسي ما بين القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي ......
حيث أن الإعلان لم يكن مجرد تظاهرة سياسية اعلامية أو مجرد رسالة معنوية تم ارسالها من الجزائر العاصمة الى الأراضي الفلسطينية المنتفضة ضد الاحتلال ......بل كانت أكثر من ذلك ....لتؤكد ان الخيارات الفلسطينية متجددة ....وباستطاعتها أن تحدث التحول بمجريات الصراع وأدواته وألياته . لقد شكلت الدورة التاسعة عشر للمجلس الوطني الفلسطيني منعطفا هاما واساسيا .... وتحولا سياسيا كبيرا في عملية الصراع ....
حيث تأكد الهجوم السياسي الفلسطيني الذي فتح افاق التحرك ....ومهد الطريق لفتح قنوات اتصال اضافية اوصلت لمؤتمر مدريد للسلام..... وما جرى من لقاءات ومفاوضات علنية وسرية اسفرت بنتيجتها النهائية عن اتفاقية اوسلو في سبتمبر 93 والتي اسست بناء عليها السلطة الوطنية الفلسطينية .... بقرار من المجلس المركزي الفلسطيني الذي استند الى قرار سابق بالعام 74 والذي يعطي حق اقامة سلطة وطنية على أي ارض يتم تحريرها ...
.لقد حدث التحول الاستراتيجي في معادلة الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ....ولم يعد بالإمكان الاختفاء والتستر وراء مقولات وشعارات خاوية من مضمونها ....وغير قابة للتحقق على واقع الارض. اصبحت المواجهة السياسية مفتوحة امام المؤسسات الدولية التي تحمل طابع الشرعية الدولية ..... والتي اصبحت حاضرة وماثلة امام كافة المنابر والمحافل الدولية .... ولم يعد بالإمكان التناقض معها ....او التعارض مع اهدافها او الانحراف عن مسارها . لقد شكلت القيادة الفلسطينية بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد تحولا اساسيا بالصراع بإسقاط كافة السيناريوهات والاستراتيجيات الاسرائيلية.... القائمة على ان اسرائيل من البحر للنهر ...وان اسرائيل تتحدد حدودها حيث يصل الجندي والدبابة الاسرائيلية . لقد احدثت القيادة الفلسطينية وعلى راسها حركة فتح بسياستها وقدرتها ....على بلورة الخطاب السياسي والاعلامي الذي يتسم ويستند للشرعية الدولية وللموضوعية وعدم الانجرار وراء الشعارات والاوهام ....التي جعلت من اسرائيل وكيانها العنصري بحالة انكماش جغرافي وسياسي وأن مدى تحركها قد اصبح مقلصا ومحددا بحدود القرارات الدولية وليس ابعد منها....
وعلى اعتبار ان الاستيطان غير شرعي ....وغير قانوني ....وان زواله حتمي كما زوال الاحتلال ....وكما حقنا بتجسيد دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية ....لنشكل واقعا جديدا على خارطة وجغرافية وسياسة المنطقة باسرها..... بما يخدم الامن والاستقرار لجميع دول وشعوب المنطقة . والان بعد ما يزيد عن ثلاثة عقود منذ العام 88 على اعلان وثيقة الاستقلال وما جرى من مؤتمر مدريد وااتفاقية اوسلو بالعام 93 والعديد من الاتفاقيات ... لا زلنا في اطار السلطة ... وليس الدولة .. سلطة وطنية عملت منذ بداية تأسيسها على بناء المؤسسات وتعزيز العلاقات ومتابعة الشؤون الداخلية للمواطنين كما عملت في اطار منظمة التحرير ممثلنا الشرعي والوحيد عشرات السفارات والقنصليات والممثليات الاجنبية والعربية واستقبال العديد من الرؤساء من زعماء العالم وعقد العديد من الاتفاقيات وبكافة المجالات . أي اننا كنا في ظل سلطة وطنية تأخذ طابعا دوليا وعربيا وحتى داخليا وكأنها دولة ولكن دون سيادة كاملة بفعل احتلال مخالف للقانون الدولي وحتى للاتفاقيات الموقعة . وحتى حدث الانقسام الاسود منذ ثلاثة عشر عام ليصنع واقعا مأساويا يباعد ما بين الاعلان وتجسيد الدولة الفلسطينية . فالدولة وتجسيدها على واقع الارض يحتاج الى العديد من المتطلبات بدايتها وحدة وطنية كما وحدة جغرافية وسكانية اضافة الى وحدة الموقف السياسي والالتفاف حول النظام السياسي ومرجعيته منظمة التحرير ممثلنا الشرعي والوحيد . ما تحقق بالامم المتحدة ...
وما تم اكتسابه من قرارات ليس اخرها التصويت باعادة تفويض الاونروا وما سبق من ترأس فلسطين لمجموعة 77 والصين والتي تمثل ما يقارب 134 دولة وهذا الاعتراف المتزايد بدولة فلسطين ... كلها انجازات سياسية ودبلوماسية تحتاج للمزيد من العمل والموقف والالتفاف حول الرئيس محمود عباس وقطع الطريق امام ما يسمى بصفقة القرن ومخططات الحكومة الاسرائيلية التي لا تتوقف . من هنا وللحق وللتاريخ فاننا حتى ننتقل من الاعلان الى التجسيد نحتاج الى التالي :
- اولا :- وحدة وطنية حقيقية لا لبس ولا غموض فيها مرجعيتها منظمة التحرير ممثلنا الشرعي والوحيد وبشراكة الجميع . ثانيا :- انهاء ثقافة الجدل والتجاذبات السياسية والمناكفات الاعلامية والتي تخسرنا بأكثر مما تحقق لنا . ثالثا :- ان نعزز من الحس الوطني والوعي الديمقراطي للتمييز ما بين الديمقراطية المطلوبة والخلاف والاحتدام والى حد الصراع وما يحدثه من تراجع وخيبات أمل . رابعا :- مشاركة الجميع في صياغة الرسالة والبرنامج ومخاطبة العالم لاقناعه بحقوقنا وسلامة موقفنا ... ووحدة قرارنا . خامسا :- ان نعزز من عمل المؤسسات والقنوات الشرعية للبحث بكافة القضايا دون اعلام صاخب ومناكفات لا حصر لها وبعيدا عن الميدان الذي يقودنا الى ما يضر بنا . ان يمر علينا ذكرى الاعلام ونحن لا زلنا على حالنا من القصور والعجز والانقسام يتطلب منا ان نعيد مراجعة احوالنا وان نخطو خطوة صحيحة على ارضية صلبة وبرؤية جامعة وشاملة حتى يمكن ان نجعل من الاعلان تجسيد للدولة .

الكاتب : وفيق زنداح

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت