أكد وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي، أهمية الاجماع الدولي على تجديد التفويض "للأونروا"، واعتبره ضربة قوية للولايات المتحدة واسرائيل، وتأكيداً على انتصار الدبلوماسية الفلسطينية التي يقودها الرئيس محمود عباس.
وبين المالكي في حديث لبرنامج "ملف اليوم" عبر تلفزيون "فلسطين" الرسمي، أن ذلك يعد نجاحاً كبيراً للدبلوماسية الفلسطينية التي يقودها السيد الرئيس ويشرف عليها رئيس الوزراء، وتعمل على تنفيذها وزارة الخارجية من خلال أذرعها المنتشرة في دول العالم، خاصة عبر البعثة الفلسطينية الدائمة في الأمم المتحدة.
وأشاد بالدور الكبير الذي قامت به المملكة الأردنية الهاشمية ووزير خارجية الأردن، مثمناً اهتمام العديد من الدول بعمل الأونروا، وضرورة عدم تقويض عملها، والاستمرار بتوفير الدعم المادي والسياسي لها، خاصة المملكة العربية السعودية، وقطر، والإمارات العربية المتحدة، إضافة لمتابعة بعض الدول هذا الموضوع بشكل أساسي كالسويد واليابان.
وأشار المالكي إلى قيام اسرائيل والولايات المتحدة الأميركية بالتحريض ضد تجديد الولاية ورفضهما التعاطي مع مشاريع القرارات الفلسطينية في الأمم المتحدة وغيرها من الشروط التعجيزية، ما استدعى تكثيف العمل على المستويات كافة للتصدي لهذا الهجوم، وتقديم ضربة قوية للولايات المتحدة واسرائيل في أروقة الامم المتحدة، والتأكيد على أن الدبلوماسية الفلسطينية ستتفوق على الدبلوماسية الأميركية والاسرائيلية اللتين تعتمدان على التنمر، وفرض الأمر الواقع، والضغط على الدول من أجل تغيير مواقفها.
ونوه إلى أن هذا التصويت لصالح "الأونروا" تم في اللجنة الرابعة، وهي اللجنة المختصة بهذا الموضوع، وأنه في بداية الشهر القادم سينتقل التصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة، وستعود نفس الدول الأعضاء في اللجنة الرابعة للتصويت، ولكن تحت عنوان الجمعية العامة في شهر ديسمبر المقبل.
وشدد على ضرورة الاستمرار في الحراك والعمل مع الدول لتحقيق النجاح الأكبر في الأمم المتحدة الشهر المقبل، خاصة أن الولايات المتحدة الأميريكية اسرائيل لن تقبلا بالهزيمة التي تمت في اللجنة الرابعة، وستحاولان عدم تكرار الهزيمة في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وفيما يتعلق برفع دولة فلسطين دعوى قضائية ضد الولايات المتحدة الأميركية في محكمة العدل الدولية لنقل سفارتها إلى القدس المحتلة، قال المالكي: "توجهنا إلى محكمة العدل الدولية رغم أننا لسنا أعضاء فيها، وفوضنا المحكمة بأن لديها الإمكانية والصلاحية للتعاطي مع الشأن الفلسطيني، بكل ما هو ضمن صلاحياتها، ووافقت المحكمة على ذلك، وتقدمنا بالقضية ضد الولايات المتحدة الأميركية".
وأضاف: "بعد أن تدارست المحكمة هذا الموضوع، خصصت لنا الخامس عشر من مايو الماضي لتقديم المرافعة المكتوبة من دولة فلسطين، التي سلمتها شخصيا وبشكل رسمي إلى مسجل المحكمة"، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة الأميركية قدمت ردها على الشكوى في الخامس عشر الجاري أي قبل يومين.
وأوضح المالكي مضمون الرد الأميركي الذي جاء فيه بأن الولايات المتحدة لا تعتبر من صلاحية محكمة العدل الدولية النظر في هذا الموضوع، إضافة إلى أن واشنطن لا تعترف بفلسطين كدولة، وبالتالي ومن وجهة نظرها لا يوجد هناك أي مسوغ قانوني كي يرفع الجانب الفلسطيني قضية ضدها، وبما أنها لا تعترف بفلسطين كدولة، إذ هي لا تقر باتفاقات فيّينا الناظمة للعلاقات الدلوماسية مابين الدول، وبالتالي أساس القضية المرفوعة هو باطل من وجهة نظرها، وقدمت كل المسوغات لتشرح ذلك.
وبين أن المحكمة الآن ستنظر بالرد الأميركي بكل تفاصيله، وترى إن كان هناك مبرر قانوني لوجود قضية، وإذا ما إرتأت المحكمة بأن هناك مبررا قانونيا لوجود قضية، بغض النظر عن ما قالته الولايات المتحدة الأميركية أو لم تقله، ستقرر المحكمة الخطوات القادمة، حتى لو لم تحضر الولايات المتحدة أو لم تتابع القضية.
وشدد المالكي على أهمية هذه الخطوة، وقال: "نحن قد نكون الدولة الأولى التي تتجرأ بأن ترفع قضية ضد الولايات المتحدة الأميركية، وهذا يتطلب جرأة وشجاعة وإقداما ورؤية سياسية ومسؤولية كبيرة، لأن من يرفع قضية على الولايات المتحدة، يجب أن يأخذ بعين الاعتبار ردود الفعل التي قد تأتي من هذه الإدارة كعملية انتقام ضد تلك الدولة التي قررت أن ترفع تلك القضية".
ولفت إلى أن الإدارة الأميركية تعاني من مشكلة أنها لا تستطيع أن تأخذ أية اجراءات انتقامية ضد دولة فلسطين، لأنها اتخذت كل الإجراءات الانتقامية في السابق، ولم يتبق في جعبتها أية اجراءات انتقامية قد تأخذها ضد الشعب الفلسطيني، بعد أن أوقفت كل المساعدات وأغلقت مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وأوقفت المساعدات لوكالة "الأونروا" وللمستشفيات الفلسطينية في القدس المحتلة.
وأضاف: أن الأهمية تكمن أيضاً بأننا توجهنا إلى محكمة العدل الدولية وهي أعلى محكمة في العالم التي تأخذ بعين الاعتبار هذه المواضيع، والتي تحظى بمتابعة واهتمام الشأن الدولي والقانونيين الدوليين ودول العالم.
وأشار المالكي إلى أن هذه الخطوة ستؤسس لنموذج قانوني يشرع أسلوبا قانونيا وتشريعات قانونية جديدة، لها علاقة بطبيعة التعامل ما بين الدول. كون هذه القضية لن تبقى قضية تخص فلسطين والولايات المتحدة الأميركية، وإنما اصبحت قضية عامة في نظر كل المهتمين من الدول والمتخصصين، الذين سيتابعون القضية باهتمام كبير لأن مجرياتها استثنائية.
وبخصوص قرار محكمة العدل الأوروبية وسم منتجات المستوطنات، اعتبر المالكي هذا القرار يساوي أهمية قرار انضمامنا لليونيسكو عندما أصبحت دولة فلسطين عضوا كامل العضوية، وقبولها كدولة غير عضو بصفة مراقب في الأمم المتحدة.
وأكد أنه أول قرار يصدر عن هيئة قضائية أوروبية عليا، ويشكل فاتحة لقرارات قد تأتي لاحقاً، كما أنه وضع حداً لمراوغة وتهرب بعض الدول الأوروبية الأعضاء من تنفيذ توجيهات المفوضية الأوروبية بخصوص وسم منتجات المستوطنات، الى جانب إعطائهه الحق لكل مواطن أوروبي أن يسائل دولته وحكومته حول التزامها بهذا القرار الذي صدر عن محكمة العدل الأوروبية، وقال:"هذا تقدم هائل بالنسبة لنا ، ونحن نعتبره انجازا غير مسبوق".
واعتبر المالكي تطبيق القرار على منتجات اسرائيل في مناطق القدس المحتلة، ويعمل على ترسيخ صفتها بأنها جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة، ويضع حداً لمحاولات بعض الدول الخروج عن إطار القانون الدولي والالتفاف على قرار مجلس الأمن رقم 478- 1980 الذي يمنع نقل السفارة إلى القدس لمحتلة أو الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل.
وقال: إن القرار فتح المجال الواسع لنا لنتحرك داخل الاتحاد الأوروبي بما يتعلق بموضوع المستوطنات، وهو يؤسس لرؤية قانونية جديدة تسمح لنا باستثماره، لنعالج هذه المنظومة التي اسمها الاستيطان كمنظومة غير قانونية وغير شرعية ونتعامل معها على هذا الأساس.
وأضاف: "نستيطع الآن أن نضع استراتيجية متكاملة، وهذا ما بدأنا العمل به في وزارة الخارجية بالتعاون مع بعض القانونيين الدوليين الذين يعملون معنا لنضع استراتيجية متكاملة في كيفية الاستفادة من هذا القرار، لنصل الى وضع تصبح فيه المستوطنات بشكل كامل كمنظومة متكاملة غير قانونية و غير شرعية، وجب مقاطعتها بالكامل داخل الاتحاد الاوروبي".
وتابع المالكي: "ما قد يحدث في الاتحاد الاوروبي قد يلقي بظلاله على بقية الدول الأخرى التي هي ليست عضوا في الاتحاد الاوروبي، لأن هناك كثيرا من الدول التي تراقب ما يتم اتخاذه من قرارات داخل الاتحاد لتعمل بشأنه لاحقا، وبالتالي قد نجد أن هناك تأثيرات لهذا القرار الذي صدر من محكمة العدل الاوروبية على عديد من الدول الأخرى التي تحذو حذو أوروبا فيما يتعلق بكيفية التعاطي مع موضوع الاستيطان".
وفيما يتعلق بالاتفاقية التي وقعت بخصوص حقوق الطفل، قال المالكي: "نحن نطور الشخصية الاعتبارية والقانونية للدولة الفلسطينية، عبرالانضمام لهذه الاتفاقات بتوجيهات من الرئيس، فنحن نستفيد في اكتساب الخبرة و المعرفة و الاطلاع وخوض التجارب المختلفة وتفتح أمامنا العديد من الابواب التي نحاول الولوج اليها.
وأوضح أن التوقيع على اتفاقية متعلقة بحقوق الطفل تتطلب منا تقديم تقرير سنوي حول حالة حقوق الطفل في فلسطين"، مشيراً إلى توجيهات الرئيس بتشكيل الفريق الوطني الذي ستترأسه وزارة التنمية الاجتماعية، وعضوية وزارة الخارجية والمغتربين، وعديد المؤسسات ذات العلاقة، والذي سيقدم التقرير السنوي الأول أمام اللجنة الخاصة بحقوق الطفل في جنيف في الـ 27 -29 من كانون أول/ يناير المقبل.